الصفحات

الأحد، 16 ديسمبر 2018

مُجدداً أتحدث عن نفسي! 
مُجدداً... لا أستطيعُ صياغة ما في رأسي من أشياء لكلمات، مُجدداً أحتار... بل أتألم !
أعود مُجدداً، اوووف سئمت، "قرفت" وكأنني مُقيد أو مدفون. 
الليلة،  الثالث عشر من ديسمبر، الكلمات تهربُ مني... وأنا مُحتاجٌ جداً لها ! 
إنني بحاجة هدوء أو لحظة عابرة من تلك اللحظات النادرة، 
إنني بحاجتي. 
الصقيع يجتاحني وأنا كمشلولٌ، عاجزٌ عن أي شيء! 
والدفء بعيد... او يبدو هكذا، لا أعلم!
في أعماقي مأساةٌ وحرب أهلية، وحبيبيّن ينفصلا... لأنهما أحبّا بعضهما أكثر مما يجب. 
في أعماقي ظلامٌ وفوضى وضجيج. أتمنى هدوء يكسوني، كشعاع شمس على أرض ابتلت من مطر طال هطوله. رأسي يؤلمني ووطني كذلك، وأحبائي أيضاً، حتى قهوتي وسجائري!
حتى صوت فيروز... حتى جوربيّ وحذائي!
الواحدة بعد منتصف الليل، ديسمبر يستعجل، وأنا مُستعجلٌ أيضاً. والله مَنسيٌ في السماء. وأنا مُتعبٌ مذ صحوتُ. متى أعود للنوم الهانئ... لماذا لا أنام الآن ؟
حسناً، سأعود قريباً وأُكمل... وداعاً وإلى اللقاء
يا عاهرتي الجميلة، ويا مُلهمتي، ويا حبيبتي الشقيّة، أنا محضُ مجنون ومريض وكئيب... أنا لا أُطاق!
فأبتعدي، أُهربي مني... هذا إن أردت الحياة والطمأنينة !
لم أعثر عليكِ بعد، وأنتي نادرةٌ... حقاً نادرة، كعاهرة ومُلهمة وحبيبة!  بالمُناسبة أنتي تُشبهين الحياة كثيراً!
لماذا لا أتوقف ؟ لماذا أنا أسير ؟ 
كل يوم تزداد وحشتي ظلاماً، وأكتشفُ مزيداً من إغترابي... لكنني ما زلتُّ أسير... أسيرُ مُسرعاً، وأسيرُ(سجين) الأماكن والمشاعر والناس من حَولي!
هذه الحياة جداً مُقرفة ومُتعبة وحقيرة، وأيضا هي فاتنة وجميلة ورائعة! 
هل تناقضي الصارخ مُنعكسٌ عن تناقض الحياة ؟
أخيراً وجدتُ السر !
في الليل ينتابني إحساسٌ وضيع ومُرتفع، كأنني إلهٌ وشيطان، وإنسانٌ بينهما ضائعٌ ومُرتبك وقَلقٌ جداً..!
ستبكي كثيراً. وستحزن. 
ستنفذُ سهامٌ فيك، وستُقيّدك حبالٌ وسلاسل. ولن تموت... لن تموت! ستتمنى ذلك. لكنك سترغب كثيراً في الغياب عن كل شيء. لكنك ستتبلد في النهاية،
سترى كم كانت حياتك شاقةٌ ومُعقدة وبسيطة!
كانت الإبتسامة هي السر المفقود. والتغاضي (التطنيش) هو خير الأفعال! والإقدام والمواجهة كذلك. ستحزن لأن الفرح كان وجهٌ آخر، والحبل المتين كنت طرفاً اساسياً في تقويته! والموت كان قريبٌ منك أيضا، لكنك غافلٌ عنه وتتمنى حدوثه، لتنجو منك ومنهم... مَن هَم ؟ -لا شيء...!
الواحدة بعد منتصف الليل، 2018/12/16

***
صباح باردٌ كهذا. ووجوهٌ مُرهقةٌ جداً، وأنا ما زلتُ مُتعب وخائف وقَلقٌ جداً. 
والليلُ لم يأفل. منذُ دقائق طلعت الشمس، والساعة تجاوزت التاسعة صباحاً، وأنا أكاد أتجمد من البرد والتعب والانتظار وسؤالٌ يضطربُ فيَّ: لماذا ؟ وكيف؟
هُنا لا يوجد شيء سوى؛ أشجار ومقاعد خشبيّة فارغة، وجُدران بُنية عالية... الأشجار والجُدران وحتى المقاعد باردة، وللوهلة الأولى تكاد تسمعُ أنيناً مُؤلماً يصدرُ عنها. بعيداً عني، في الجانب الآخر من هذا "السكوير"*سكوير كلية العلوم الطبيّة المُساندة، يجلس عددٌ من الطلاب يتناقشون بصوتٍ مُرتفع مادة "إمتحان فاينل" لعين! إنهم يُزعجونني بشكلٍ لا يُطاق!
ربما. حتى أشجار ومقاعد وجُدران هذه الكلية مُنزعجةٌ مثلي؟ رُبما! أأنا جدار ؟؟



فتاة البرزخ 10

صباحٌ جديد، لا جديد في هذا الصباح، سوى فراغي الذي يكاد يبتلعني او يخنقني !
أنا مُتعبةٌ جداً من... كل شيء تماماً ! 
والحياة ما الجميلُ فيها ؟ لماذا نحيا ؟؟ لنتوقف فوراً عن هذا ال... هذا الغباء او الضياع او الجنون او... لا أدري بالضبط ما هي الجُملة/الوصف المُناسب !
وهُنا، في هذه الجامعة وبين هذه المباني القديم منها والجديد وحولي عشرات الطَلبة، أشعر وكأني في سجن ضخم موبوء ومُحاصر منذ سنوات ! ليش أنا هيك !!
بعد قليل تبدأ مُحاضرتي الأولى، وعليّ أن لا أُطّنش وإلّا سأُحرم ببساطة... أو عليّ أن أزور الدكتور في مكتبة واغنج لهُ قليلاً، حتى أضمن تفوقي في هذا الفصل ! 
أنا مُتعبة من الإستماع وواجب التفاعل مع المُتحدثين إليّ، ومُؤخراً إكتشفت إضطرابي في الكلام ! صرتُ أتلعثم ولا أجد الكلمات المُناسبة لأي حوار... أنا أرغب في الإندثار كُلياً لا جُزئياً... وسأقوم حالا لألحق بالمُحاضرة !

****

جدّي وُلد وعاش ثلاثون عاماً في يافا، ولجأ لنابلس ومنها هَرب عابراً النهر لشرق الأردن. أبي وُلد في عمّان، بالتحديد في مُخيم البقعة، وخرج من المخيم للمدينة" مُهندساً (عاطلاً عن الهندسة) ليعمل مُوظف خدمات في إحدى الدوائر الحكومية. تزّوج أمي السلطيّة، ليُنجب ثلاثة بنات وولد. أمي وُلدت في ماحص، وبيت جدّي من أمي يغفو فوق هضبةٍ خضراء. وأنا أنتمي لكل الأماكن ولا أنتمي لشيء! بعيداً عن تفاصيل ما ذكرت آنفاً، بالفعل أنا لا أنتمي لشيء! 
أبي كان يبتسم دائماً، ويحتضنُ أمي عندما يعود في المساء... تلك الأمسيات كانت أجمل من أن تُوصف! أبي مات. وانطفأت ابتساماته، قبل أربعة أعوام.. أبي كان رجلاً وإليه أنتمي! وأمي كذلك... ما زالت تُضيء عتمتنا بنورها، اللهم إحفظ لنا نورها... آمين.

****

تدخل لـ "كشك الجامعة"، تشتري شيئين، كعُلبة ماء وكيك، تدفع دينار وتخرج، وتشعر بأنك تُسرق بإحترام بل وبمنيّة !!
تجوع، تبدأ معدتك بإلتهام نفسها، خُطاك تسير -رُغماً عنك- نحو مطعم الجامعة، تدخل تشتري ساندويتش زنجر وكولا، تخرج وقد دفعت دينار ونصف، تأكل ما اشتريت وتجوع أكثر !! إننا نُسرق/نُنهب هُنا ! 
آه أنا فلسطينية ولا يحقُّ لي الاحتجاج، إبنة مُخيم، مع أنني أملك هوية أحوال مدنية أردنية فَضلاً عن الجنسية، لكنني أبقى حاملةً فيّ خلايا اللجوء... مَن سمّى الأماكن، وفرّق شرق النهر عن غربه ؟؟
لا بأس... اليوم الحادي عشر من أبريل، واليوم أنا سعيدة جداً، لأول مرة لا أُفكر بالموت منذ إستيقاظي، والساعة الان: 11:36 ص، ترمب سيضرب سوريا، او الأسد او الحمار... المهم ترمب سيقتل قاتل ما... او ما يُعتقد بأنه قاتل، هل حاولنا ولو لمرةٍ على الأقل سماع كل أطراف مُشكلة ما، دون التعاطف مع جهةٍ مُحددة، لا نستطيع ذلك، فهل يُمكن سَماع رواية الذئب في قصته مع ليلى ؟؟ الذئب مُجرم وليلى ضحية بكل الأحوال ! او هكذا نعتقد... لماذا أتحدث في هذه الأمور ؟؟

**

لماذا كُلّ هذا الضجيج ؟ 
نعم... إنني أشعر بالعار والخوف من اللاشيء!
أشعر وكأنني غيّري ؟ متى كنت أعرفني ؟ لعلّي فقط عرفت أكثر مما يجب ؟ ورأيتني بوضوح... فقط!

لعلّنا مجرمون، ومُستمرون في ارتكاب الجريمة ؟

مُجدداً ما سرُّ هذا الضجيج الذي يُحاصرني ؟

الإستمرار... كيف ؟؟ لا يُمكن للعقل أن يحتمل، يُمكن للغباء أن يستمر ؟؟ 
أنا أهذي مُجدداً، منذ أيام أنام ليلي قبل منتصفه، واستيقظ باكراً جدداً.. هذا هو سبب هذياني الآن!

إنني ارتكب الأخطاء الفادحة... او هكذا أشعر! إنني أفتقدني جداً، وأكره بل احقد رغماً عني، على الوجود... وأرتدُّ لعدميتي السوداء الهادئة... وأُجيبني بأن: كُلّ شيء... كُلَّ شيء تماماً محضُ وهم لذيذ وأحيانا مُر، لكنه يبقى وهم، وأطمئن، واهدأ... أنا هادئ بطبيعتي حتى ولو كنت أصرخ واتداعى...  اهدأ داخلياً. أأنا مجنون ام أنني عاقلٌ بين مجانين، ام أننا جميعاً زائدون، مُجرد أرقام فارغة!!

الليل... هو الذي يُدمر آخر حصوني... التي أرممها كل صباح، لأستطيع مواجهة الظلام الدامس... الظلام الذي ولحسن الحظ، لا يخترق الحصون المُرممة على عَجل، الظلام يأتي في الصباح، ويغيب قُبيل مُنتصف الليل، بحسب توقيتي... إلى اللقاء، في صباح جديد، أكتب في تمام الساعة 12:23ص.

***
لماذا لا أختلسُ لحظة...
لماذا لا أنتبه او أتوقف ؟ لماذا كل هذا الإسراع أو التسرّع ؟ حسناً... منذُ ساعة قُطع تيار الكهرباء، وهدأ كل شيء! 
الظلام جميلٌ... بل آسرْ.. بعض الشيء! الظلام هُنا يُشبه إلى حدٍ بعيد الهدوء والراحة! ولكنه لا يُحتمل لولا إشعالُ شمعةٍ.. الشمعة تذوبُ ببطئ.. لكنها تستمر في الذوبان، إلى أن تندثر! 
الفكرةُ تكبر... تتضخم.. والحيّز الذي يحتويها، يضيقُ بها، ولا يحتملها، هي تُريد بإصرار الخروج! وخروجها عسيرٌ وصعب... صعبٌ جداً.
سطرٌ جديد. كل شيء من حولي، يبدو مُشوشاً، مُضطرباً. والليل لم يعد كما كان! مَن لا يَتغيّر مع مرور الخيبات؟ سؤالٌ جديد: متى آخر مرةٍ أحسست بالهدوء وعدم الاستعجال ؟ 
.....
التوقيت ليسَ مُهماً. المُهم هو: إنني منذ أيام لا أستطيع الكتابة! وأشعر بأنني مُمتلئةٌ جداً بل وأكاد اتفجّر من فرط إمتلائي... ومع ذلك لم أعد قادرةً على إفراغي مما لا أحتملُ الإحتفاظ به! 
الأشياء من حولي تتداعى... تنهارُ ببطئ، وأنا لا أتحرك.. لا أبكي او أصرخ او... أهرب!
وحدي. نعم وحيدةٌ كالعادة، منذ متى وأنا مع.. أنا وحدي دائماً بلا مُبالغة! 
****
كنت بدي أحكي معك ضروري!
بس ما لقيتك... زعلت كتير وما نمت بس ما بكيت، كنت مخنوقة كتير... بس ما بكيت لحتى نمت، كانت لحظات صعبة... أصعب مما تتصور، لساعات ظليّت مش عارفه أعمل شي... غير إني أختنق، وظليّت أختنق لحتى نمت... كيف نمت؟ ما بعرف!
كنت بدي أحكيلك: لا تحكي شي ضروري! خلينا مع بعض هيك! بدون مُبررات ووعود وأحلام ! وكنت أتسائل؛ هل راح تفهمني؟ 
على فكرة أنت مش حبيبي ولا شي! أنت إنسان عابر ارتحت لك، لأني صادفتك وبس!
وأنا... أنا إنسانة مريضة... مُعقدة... الخ، بس ما طلبت منك تحبني... أو تظلّك معي، أنت اللي ظليّت..
بدي أحكيلك إني "كافرة" بكل شي! مش مؤمنة الّا بما أرى وأشعر! والحياة ما راح تتحملني...! كيف بدك تتحملني أنت ؟ 
أنت ما تعرفني...! آه، حكينا كتييير... وتعارفنا من زمان أكتر... بس شو تعرف عني؛ غير إسمي وشكلي وصوتي وأحاديثي السطحيّة معك ؟ 





فتاة البرزخ 9

قلبي كاد ينخلع، وبدأ جسدي ينضحُ عرقاً، وكانت حرارتي قد تجاوزت حدّ الغليان!
عندما تخيّلتُ مشهداً، يجمعني وصديقتي رنا، عاريتيّن ومُلتحمتين، ونبلغ ذروة الانتشاء ومن ثم نحتضنُ بعضنا فوق السرير، وتفوحُ في الأرجاء رائحةُ الأجساد التي انهكها اللُهاث!
- ما هذا الانحلال ؟ أسمعُ هذا السؤال يتفجّر في رأسي ! 
- هل أنا شاذّة ؟؟ أنا مثليةُ الجنس !! لا أنا شاذة وملعونة وفاسقة !!
- حسناً أنا كذلك إن أردت يا "صوتي الداخلي"ّ وصفي بذلك... ولكن هل تُدرك غُربتي! هه... أصمت وكفّ عن الصُراخ ودعني وانحلالي يا ذا الفضيلة !

***

ظلالٌ تتبعني. ووردةٌ جورية تكاد تذبل. وشمس لم تُشرق بعد. وليل أزرق. وعيون كثيرة. واجساد شفّافة. وكذبٌ كثير.. كثيرٌ جداً. يكادُ يُغرقني طوفان الكذب، 4/6

***
جاءت الحافلة وركبت وجلست وملت بجسدي ناحية النافذة، أرى من خلالها سُرعة الحياة، وفوضى الوجود. أسمع هدير الراديو الصاخب، كصوتُ الوكيل "المُقرف" على نحوٍ خاص... وإعلانات تستفزُ غضبي الدفين. وذكريات الأمس والليل والمشاعر الرقيقة، تستنزفُ طاقتي. وأصلُّ لجامعتي وقد أُنهكت تماماً، وابداً لستُ مُستعدةً ليومٍ جديد... أُفكر بالإنتحار او بتناول غدائي قبل العاشرة، او بصومٍ عن الغداء كُلياً... او بشراء بكيت سجائر والتهامه مع أكواب القهوة والنسكافية، او بإغواء فتاةً او شاب ومُمارسة الجنس لساعات وراء الكُليات... ولا أفعل سوى الذهاب لأقرب مبنى  والجلوس على أقرب مقعد، وانتظار مُحاضرتي الأولى.

***

قالوا لي الكثير، وسمعتُ وآمنتُ بالكثير... هل العيب هو الشيء الغير طبيعي ؟ ام أن الطبيعي هو العيب ؟ مَن سمّى الأشياء وصنّفها ؟ ولماذا أخجل/أخاف من أن أكون مُختلفة ؟! كأن أكون مِثلية ولادينية ولا تؤمن بإله ولا تحمل عينيّن مُنكسرتين ورأس محجوب ومليء بالمساحيق والألوان وجسد يُحاول لفت الإنتباه ..! هذا كثير ! ما الفرق بين العيب والحرام والخطيئة ؟ ولماذا كل هذا الخوف منّي إن لم أكن كما ينبغي ؟ هل الخوف قابعٌ فيّ ؟؟
لماذا عليّ أن أستمع فقط وأحفظ وأفعل ما يُملى عليّ؟ والّا فأنا... أنا "ملعونة" !
يبدو بأنني تُهتُ في ظُلمتي، وما خوفي الّا منّي! متى ما تجاوزتُ خوفي إنتصرت..! كيف سأتجاوزني وأخرج مني لأكون غيريّ..؟ سأحاول بكل الأحوال.
أكره إحساسي بالنقص والحاجة الدائمة لإثبات أنني "كما يُريدون لي أن أكون"، أكره ضعفي وإنكساري وغُربتيع الدائمة في عالمٍ لا يُرحب بي.. بل يُحدقّ في جسدي ويُعاملني بناءً على ذلك ! يُحدّق بي بوجهٍ شاحب مُتجهم مُتعالي.. وأنا الأنثى، وهذا يكفي لأن أكون صاغرة وتابعة.. ! أُلوف السنين انتجتني هكذا..فهل أستطيع التغيير !؟ الساعة تجاوزت الثانية صباحاً. سأنام الآن.. إلى اللقاء !

فتاة البرزخ 8

...بعدما جلسنا لساعتين لا أعلم كيف مضتا ؟ فقد كان يُحدثني طوال الوقت، وكان وجههُ قريبٌ منيّ، وكان فمه قبيحٌ ورائحته نتنة. لكنني كنت كمن قُيّد بإحكام...!

-ما فائدة هذا الحديث الآن... بعد الذي جرى !
-ما فائدة حياتي الآن وأنا أعلم بأنني سأكون يوماً ما جيفة تنهشها الديدان ! إخرس يا سائلي !

هل احببتهُ ؟
يُمكن أحببتُ الخطيئة التي ارتكبتها من خلاله مع سبق الإصرار !! 
هل كان حجابي قيّدي ؟ هل خلعي لهُ عتقاً لي ؟ ام كان مُجرد ديكور يحفظني من الشر الكامن في أعماقي... هل أنا... حسناً هل أنا عاهرة/شرموطة/قحبة/داعرة لولا إنفراج فخذيّ وعلوّ قهقهتي وانتشائي من قُضبان تلجُ مهبلي او كُسي او ثُقبي !

أكاد اتقيأ عندما اسمع حواراً (عربياً) حول "جنس حوا" ! وأعلم يقيناً كم نحن مولعون بالاثداء والارداف والمهابل الضيّقة والاهات اللاهثة والعيون الشبقة...! مولعون بكل ذلك حدّ الثمل، وفي غمرة ثملنا نلعن حواء ونسلها !
سأنام الآن...!

كنتُ أرتدي قميصاً أبيض، وبنطال جينز ازرق، وحذاء جديد اسود لامع، وجوارب شفّافه سوداء، وقبل دقائق قليلة خرجت من محاضرتي الأخيرة، والساعة تُشير للثانية والنصف مساء، لم أكن جائعة... كُنت... أشعرُ بي حارّة، ومُندفعة... مضيتُ معه وركبنا السيارة واتجه بي لمكان لم أعرف إلى الآن كيف وصلنا له وكم استغرقنا من الوقت لنصل... نزلنا وبلا كلام بدأنا نلتحمُ ببعضنا... فتح القميص ودلّى ثديايّ وبدأ يلعبُ بهما.. نزلتُ وركعت أمامه على ركبتيّ، وأخرجت قضيبه وبدأتُ المصّ.. كنتُ وأنا العق قضيبه الحار، انظر إليه، وكانت عيناهُ تقدحان شهوةً و... أمسك شعري بيديه وعلى أربع مشيت وراءه، طلب مني أن أضع رأسي على الأرض لترتفع مؤخرتي... ففعلت وقد كنت اختنق وارتقب... وفجأة اقتحمني شيءٌ مؤلمٌ وفظيع، وصرختُ صرخةً مكتومة... وقضىّ فيّ ماءه الساخن وقام عني مُترنحاً، وانكفئت أنا على الأرض، غارقةً في... اللاشيء! 
نسيان. إطمئن او إهدأ... لم أفقد غشائي. هل الآن صار الأمر هيناً ؟ يُمكنني أن أستمر دون أن أحمل في جسدي دليلاً يُدينني... يا للحُمق والوضاعة !
لم أطلب منهُ مُعاشرتي من... من المكان الذي يحمل قذارتي... لكنه أراد أن يُؤلمني ويحميني كما يدّعي الأخيرة... يحميني من فرضية عدم زواجه مني، لأكون صالحةً لزواجي بآخر... لم أطلب منه -ولو لمرةٍ واحدة- الزواج بي... يا للحمق! 
عرفتهُ قبل دخولي إلى الجامعة، وسأخرج من جامعتي مومس/عاهرة خاصة لهُ، وسيخرج رجل... كما دخلها رجل! يا للحُمق مرةً ثالثة... في تلك المرة الأولى والأخيرة التي يعتليني بها كالدواب، غادرنا وقد أشبع رغبته وقد ضلّت رغبتي حبيسة جسدي، قذف فيّ ماءه ومائي بقيّ فيّ محبوساً...!
لماذا كتبت ما قد صارَ وانتهى ؟ لكي أُشفى من عاري...! عاري الذي أحمله في أعماقي ولو تحصنتُّ في قعرٍ مُظلم سيبقى واضحاً...!

عاري الذي خصّني وميّزني بهِ الله.
 الله الذي أمرني بغطاء يُغطي شعري وبرداء يسترُ جسدي الفاتن، وبأن أسير وقد جللّني خوفٌ وإنكسار... والّا فأنا عاصيةً لله. هل الله هو الناس ؟ 
أرتدي الحجاب والجلباب، وبعد خروجي وإبتعادي عن مملكة أبي، أخلع كلّ اقنعتي...! 
منذُ ثلاثة أشهر بدأت، وسأستمر فيما أقوم به. ولكن مَن يستطيع خلع أقنعة باتت أصيلةً فيه ؟ خلعت حجابي وجلبابي، متى وكيف ساخلع انتقاصي لنفسي، وجسدي ؟؟

من هُم ؟ الذين يرونني وفق شكل مُحدد، ويحكمون عليّ وفق ذلك ! 
هُم ذاتهم، مَن ينظرون لي، وقد سالت شهواتهم المكبوتة من عيونهم وألسنتهم تفوحُ منها رائحة القُبح ! هم الذين يرغبون في مُضاجعة مؤخرتي ولعق مهبلي ومُداعبة اثدائي... ثُم ماذا ؟ أكونُ عاهرة... ملعونة... لها شكلٌ ممقوت ومكروه... لهم أجر أن غضّوا ابصارهم عنيّ !!

فتاة البرزخ 7

قد مرّت الأيام والليالي، واهدتني جُرحاً وقلباً جديداً وقبراً يضمُّ رُفاتي. وليالٍ نسجت فوق كاهليّ ثوباً أسود وآخر كُحلي. وطوّت ثوبي الأبيض الناصع، ووضعته بعد ذلك على رفّ النسيان!
ما الفرق بين نسيان ونيسان ؟ الكذب والغدر والنهايات والاشتياق كُلها اجتمعت فيهما! السين تتقدم في الأولى لتُخبرنا بأن سلوانا بأن ننسى مُجرد كذبٌ وهذيان... 
الخامس من نيسان/أبريل، وأكتبُ بعثي مُجدداً، بعد موتي قبل شهر ونيّف.. متُّ ! او مات قلمي ! لا فرق... المُهم هو أنني كنت ميّتةً وعُدت!

رفُّ النسيان مليءٌ ومُثقل، ولا يحملُ من أسمهِ سوى عبء الأحرف وشدّة الفاء... أأهذي أنا ؟ ام أنني ثملتُ جرّاء إفطاري من صومي الطويل عن الكتابة ؟؟
رفُّ النسيان، إنهار مُؤخراً وملئ المكان فوضى وغُبار وأتربة بعدما كانَ مُرتباً (جداً)!
هواء الليل بارد، وجسدي يغلي، وأصوات الكلاب تُدوي في جُمجمتي، والساعة تُهمس لي بأنني تماديت في سهري، كيف لي أن اُخبرها بأن الأرق كبلّني واوثقني جيداً... قبل رحيل الشمس !! 
رحلت شمسي، قبل يومين، وغاب بدري وراء الغيوم الكبيرة، وفي هذه المدينة لا يُمكن رؤية نجوم الليل الساطعة ! فكيف تُطالبينني يا ساعتي الملعونة بأن أنام باكرا ؟! حسناً أنا مريضة او مُضطربة او... لا أدري! دعيني وشأني الآن..!

الليل يعوي في الخارج. ويتردد لمسمعي صوتُ نُواحٍ وعويل... لماذا يستمرُّ كُل هذا ؟ 
****
التاسعة إلّا خمسُ دقائق، في "سكوير" الطب/الجامعة الهاشمية.
لن تأتي؛ تلك اللحظة التي تنتظرها... لن تأتي ببساطة بلا تفسير... ما دُمت تنتظر لن تأتي! وسواء كنت مؤمنٌ بالله او المُصادفات او القدر والمكتوب او اللاشيء، في الإنتظار كُل الإيمان يستوي...!
في "السكوير" حيث أجلس الآن وحدي، يوجد عدد من الطُلاب... لماذا لا أقول طالبيّن وعدد من الطالبات، ومع ذلك أشعر بأنني غريبٌ بينهم، هل لأنهم طُلاب طب وأنا طالبٌ في العلوم التربوية ؟ 
في العادة لا أُقارن نفسي بالآخرين... لكنني الآن في كليّتهم الفارهة، وأحتلُّ رُكناً من "سكويرهم" الجميل!
"سكويرهم" !! الكلمة مُمتلئةٌ بشيء لا يُطاق، لكنني أنا الذي أُفكر بهذا الأمر، عليّ حتماً أن أنتهي عن هذا !

هذا المكان (السكوير) يُشبهني... يفتنني... ويحتضنني... مع أن هذه هي المرة الثانية التي أجلس فيه! عندما وجدتهُ ذات صدفة، أحسست بأنني اكتشفته... لحُسن الحظ إكتشفته!

أعود للإنتظار. الإنتظار لعنة الوجود! لا أنتظر شيئاً بعيّنه، لكنني أكاد أحترق من شدّة إنتظاري!
أكادُ أذوب او أتجمد!
هذه الكُليّة ستُخرج أطباء... الكثير من الأطباء! أحدهم قد يُحاول إنعاشي عندما ألفظ أنفاسي الأخيرة، واحدهم قد يأتيني ليشكي لي أوجاعه الوجدانية! وكل ذلك هُراء لا أكثر! نحن مُقرفون جداً ومدعاةً للسُخرية والتعاطف !
سأتوقف عند هذا. وأبدأ بالقراءة... بالابتعاد عن هذا الضجيج، 
منذُ قليل توقفت عن القراءة (اقرأ في هذه الأيام مُذكرات إليف شافاق "حليب أسود")، توقفتُ عند قصّة الشاعرة الأمريكية سلينيا بلاث، الشاعرة التي اصطدمت مع امومتها... مع غُربتها كإمرأة في عالمٍ هجين ومُخادع، إنتحرت سلينيا في الحادي عشر من فبراير عام 1963م، في صباحٍ أكاد أشعر بهِ بارداً كئيباً من فرط ظلامه. كانت تُعاني من الحياة المُتناقضة فضلاً عن الاكتئاب، فأختارت الموت إختناقاً بوضع رأسها في فرن الغاز الذي خَنقها بأول أوكسيده... وتركت أشعاراً وطفليّن وزوجٍ غريب مسؤولٌ بشكل او بآخر عن موتها.

أُكمّل ما بدأت. في الليل ينتابني شعورٌ غريب! يغزوني غضبٌ لا أعرفُ.... لا بأس! أين كنت ؟ أنا مُرهقٌ من مرور الأيام والوجوة والأحلام والمخاوف! أنا جداً مُتعب! لم أعد أحتمل مزيداً من... دعوني أسميها "المُفاجآت" وكذلك أعلم بأنني لن أصبر على "عاديّة الحياة"، أحملُ في أعماقي تناقضاً وشذوذاً وثورة، وأُقاتل اشباحاً، وأخافُ جنوني واضطرابُ مزاجي العنيف! أيضاً لا أرغب بأن أكون "شخصاً عادياً"، ويُرعبني خوفي من اللاشيء! 
لن أواصل حديثي عنّي، كيف سأحميني من جُدران الواقع وألوانه المُتنوعة؟ كيف سأتحرر من تلك الجُدران ؟ وعليّ حتماً أن أبقى يقظاً حتى لا أتلّون دون أن أدري؟ 

الاثنين، 3 ديسمبر 2018

علبة معجون (قصة قصيرة)

إنتزع نفسهُ من... شيء يُشبه الجمود، وسارع للحاق بباص الشركة الذي لا ينتظر أكثر من نصف دقيقة (وقت فتح الباب وصعود الراكب وجلوسه)، الحمد لله لم يفته موعد الباص، وفي أثناء رحلة الوصول لمكان العمل، راح صاحبنا "يُقاتل" بمعنى الكلمة أفكار/مشاعر بدأت تشتعل بقوّة في جُمجمته، وزاد من اضطرابه شعورٌ بالضيق في الصدر يعود إليه كُل حين... يعود كُلَّ يوم تقريباً، في الصباح عندما يركب هذا الباص.

وَصل صاحبنا ورفاقه، وتوزعوا في أنحاء المكان، بعدما ارتدى كلّ واحد منهم معطفه الأزرق الداكن، والباج.. وبدأوا عملهم كعمال نظافة مع شركة "ك" في إحدى الجامعات الحكومية، الصباح في هذا اليوم باردٌ جداً، باردٌ بشكل فظيع... فالرياح شرقيّة والسماء مُلبدة بالغيوم التي لا تُمطر وإنما تحجب دفئ الشمس فقط! صاحبنا في هذا اليوم يرتدي حذاء "سيفتي" اشتراه مُستعمل، وها هو يُسرع في تنظيف ساحة المبنى الذي يعمل فيه، يحمل الأكياس السوداء الكبيرة، وينتقي القُمامة حتى أعقاب السجائر، ويظعها في الكيس... وهكذا. حتى تذكر... قبل يومين، في المساء وقُبيل موعد النوم، طلبت منه ابنته جنا "علبة معجون"، وهو لم ينسى طلبها، لكنه لا يستطيع... لا يعرف كيف ؟ 
إعتدل واقفاً، ساهماً، يبدو غرقاً في التفكير... وأظلم وجههُ الضاحك دائماً... وجهه من تلك الوجوة السعيدة، التي عادةً ما يكون أصحابها أكثر الناس شقائاً! 
المُهم، استمر هكذا لدقيقة او دقيقتين، والساحة فارغةٌ تماماً، والرياح الشرقية الجافة تُحرك الأشجار، والسماء مُتجهمة، حتى المبنى بدا وكأنه غاضبٌ من شيء ما... ورأى وجه المسؤول... الشاب الذي يُعاملهم كالدواب، وارتعب، وكأنه إستيقظ وراح يتلّفت وينظر في الأرجاء بعيون زائغة خائفة... وانتبه مرعوباً، لنسيانه وضع الباج حول رقبته، وتنفسّ الصعداء، وعاد لإنتقاء القُمامة دون إبطاء. وهو يُدمدم بأُغنيةٍ سمعها قبل قليل من راديو الباص، وتقول كلماتها: لو كان بخاطري أنا... لو كان بكيفي كمان... تممممم.

الأحد، 2 ديسمبر 2018

ثلث الساعة إلا دقيقة، مضت منذ دخولي لشهر ديسمبر، الشهر الأخير من هذه السنة... السريعة!

وباقٍ سبعة دقائق، حتى ينتهي هذا اليوم الأول! بالفعل هو أول، هو نهاية "بسيطة" لشيء كان لابد من أن ينتهي، ليبدأ شيءٌ آخر... أتمنى أن يكون جميلاً او على الأقل "شيءٌ بلا تعقيد"!
فقد تعبت... نعم تعبت من... أشباح... لاشيء تُحاصرني وتزمجر بضجيج حاد، لم أعد قادراً على تحمله...!
هل أنا ضعيف ؟ ربما! ولماذا لا ؟ لماذا نخافُ كَشفنا ؟ ونجتهد في عدم رؤيتنا كما نحن ؟؟

ولأكون مُنصفاً في حقي، أنا لا أحتمل الألوان العديدة ولا أقبل الواقع كما هو... الواقع دائماً لا يسرّ ولا يُحتمل... ولكن هذا الشيء سببهُ نحن، كيف ؟ لأننا نتخيل ونبتدع تصورات غالباً ما تتنافى مع الحياة الحقيقية...!

وليس الخطأ إلّا الإستمرار... لنتوقف عن الأخطاء لا لعن المُخطئين! لكن مَن يقوى على التوقف ؟ 
مَن يملك جُرأة الإعتراف ؟ 
ساعتي قد تجاوزت مُنتصف الليل، وبدأ يومٌ جديد الثاني من ديسمبر. أتسائل الآن، لماذا نستمر ؟ ما جدوى الحياة ؟؟ هل هُناك شيء يستحق مِنّا كُلَّ هذا العناء والبحث المُضني ؟؟ بالنسبة لي، توجد الكثير من اللحظات التي استشعر فيها عَظمة وروعة الوجود... كمثال عندما إستيقظ باكراً وأذهب لجامعتي "القريبة" وآخذ معي كتاب (رواية)، وعندما أصل أول شيء أقوم به هو شراء قهوة "فوق الوسط" وأذهب مُسرعاً، حيث أجلس وحدي (مَجازياً)، وأدخل جنتي...! وأنا أكتب أحسست بالنشوة والفرح !

ولكنني، بتُّ كاهراً للقاءات والجلسات والكلام الفاضي وإنفاق الساعات في أحاديث يومية مُقرفة... وعذابي المؤلم عندما أضطر (أخلاقياً) للجلوس او الإجتماع مع الناس. ويُعذبني تفكيري وصوتي الخفيّ ورؤيتي للأشياء بطريقة غير عادية! لكنني حيّ، وأُقاتل "أشباح" وأُحاول أن لا اتداعى... قدر الإمكان!