الصفحات

السبت، 19 يناير 2019

"موعدنا بكرا..! وشو أتأخر بكرا..!"
في الغد.. دائمًا هُناك شيءٌ ما ينتظرنا!
يتأخر "بُكرا" كعادة الشيء المُنتظر حدوثه!
لكنه يأتي، لأن الوقت ثابت.. لا يتغير.. !
،، الخائفين من "بُكرا" هُم الذين لم يجدوا جوابًا لتساؤل بسيط وهو:"من مين خايفين؟"
"إحنا مين؟" نحن الخائفون!
الخائفون من كل شيء ولا شيء!
***
هل ستُمطر السماءُ ياسمين على أولئك الذين "تلائوا ومُش عارفين.. من مين خايفين؟"
فيروز لماذا لم تتحدثي "بوضوح أكثر"!
لتقولي: بأن الأحبة مُجرد حمقى، بأنهم يتحولون -لا يعلم إلا الله كيف؟- لأطفال سُذج!
بأنهم حتمًا ولابد ومن العدل جدًا... أن لا يلتقوا إلّا ليفترقوا خائفين.. بقلوب مكسورة.. وأسئلةٌ كثيرة بلا أجوبة..!

**

في النهايات !
يبدو كل شيء بأنه ينهار! ليس إنهيارًا واحدًا فحسب... وإنما إنهيارات بطيئة.. !
تتداعى تلك الأشياء التي بُنيت على عجل أو دون قصد..!
 ربما ثُغرةٌ ما، حقيرةً وتافهه، تكون السبب الأساسي في إنهيار فادح، يُصيب كل شيء حوله بالضَرر...!
لماذا لم نُدرك بعد. بأن النهايات وجهٌ آخر لكل بداية؟!
لأننا حمقى فحسب...!
***
لطفلتي الكبيرة
إبكي... حطّمي كوبك المُفضل... أكسري قلمك ومزقي بعض أوراق دفترك... دعي كحل عينيك يلوّن وجنتيك بالسواد... قلبك دعيه يتألم ولو كثيرًا... 
ساعةٌ واحدة بعد ذلك،
 سينتهي كل الألم... وكأنك خرجت للتو من غرفة عمليات، كانت المشارط تُمزق جسدك الصغير.. لم تشعرين بشيء، عندما إستيقظت أخبرك الطبيب بنجاح العملية، وبأن كل شيء على ما يُرام!
نزفتي دمًا كثيرًا، جسدك بات كأنه شيء ثقيل وبارد... بعد أيام خرجت من المشفى. شيئًا فشيئًا رجعتي لكِ القديمة.. عادت عيناكِ تلمعان لمشهد طيور تُحلق في السماء، عادت حروفك تصف الجمال، في مشهد لمقعد تحت أشجار صنوبر مُعمرة..!
لا تبكي مُجددًا، 
لا تتخلي عنك...!
 إبكي إذا كان لابد من البكاء، لأن الكتاب إنتهى... لأنك لم تجدي دميتك... لأنك حزينة فحسب...!
إكرهي حتى أوامري هذه...!
 تحرري من إفتراض تبعيتك له/لها...!  
طفلتي الكبيرة، وداعًا وشُكرًا..!


" شاخ هواء الطاحونة المحترقة
ودفن السماءَ طيفٌ عابر
يئست الغصون
وغابت إلى ما وراء الوجود
ثابتة.
الأمطار تعزف سيمفونيتها الملحمية
وتتراقص بتمردٍ حزين 
كافة الظلال
تخترقني رياحٌ قارصة
والغربان
تحوم جوعى
تنتظر شبح القدر
يمزق الحكاية.

خارج المعبد 
أوراق الخريف تصلي
بآخر رمق
لتبحر بعدها فتاتا تعبا.
وأنت
أيها الرامي البعيد 
يا عابثا جميل
بلا اكتراث تحاول
بلا اكتراث تصبني في كأسك
لتغرق ثملاً في سماءٍ شاحبة."
ع. ح
في قصة الحسناء حبيسة البرج "رابونزل"، تلك الحسناء ذات الضفيرة الطويلة بشكل مُبالغ فيه، حَسنًا تلك الضفيرة بطول البرج أو أقصر قليلًا، في كل يوم تقوم الحسناء بإلقاء ضفيرتها من شرفة البرج، علَّ الساحرة التي إختطفتها تزورها، في كلّ مرة تزورها بالفعل وتتركها وحيدة، تتمنى أن تتكرر الزيارة مرات ومرات.

هي فتاة حتمًا تُعاني من "مُتلازمة ستوكهولم"، فخاطفها هو عالمها، وفي أحد الأيام زارها الأمير الوسيم، وقام بإنقاذها من أسرها، ولن أستعمل مُصطلح "حرّرها"، لأن الحُرية إختيارٌ ذاتيّ..

هي نسخة تُجسد العقلية الذكورية، حيث المرأة سلبيّة وضعيفة، وللرجل البطولة الكاملة، من منظوري الشخصي لم تكن قصة "رابونزل" جميلة بأيّ شكل من الأشكال.
الأميرة ضعيفة، وخانعة، وعاجزة، أمنيتها الواحدة والوحيدة هي قدوم "المُخلّص".
ولأنها كذلك وبحسب منظوري الشخصي، كانت القصة مُملة جدًا، وليست سوى مشاهد مكرورة، أبطالها وادوارهم جاهزة، سلبيّة الشخصية الانثوية في قصة "رابونزل" وغيرها تُفقدني هدوءي وتستحثُّ في وجداني تساؤلات كثيرة.

على النقيض من ذلك وفي نفس قصة "رابونزل"، ولكن هذه المرة على شاشة السينما في فيلم "Tangled" ديزني، استطاعت شركة إنتاج الأفلام "خَلق" رابونزل جديدة، ذات روح حيوية عالية، فجعلت من الأميرة الحسناء، فتاة ذات شخصية كثيرة الفضول والحيوية، وبالرغم من أنها حتى في نسخة ديزني كانت مسجونة في البرج، إلّا أنها إستغلّت كل لحظة من وجودها هناك في كشف أسرار العالم واكتشاف خبايا شخصيتها وذاتها، فهي رسّامة وقارئة وطبّاخة وخيّاطة وخبّازة وتتعهد المكان بالعناية، والتجميل، بالفعل ديزني جعلت من الفتاة السلبيّة، فتاةً رائعة، وناشطة، ومُبدعة، وفاعلة، ومُتوثبة، جعلته منها فتاةً مُبادرة وتخطيط لتحريرها من سجنها، ومُغادرة البرج المحبوسة فيه، فالشاب الذي إستطاع التسلل إلى البرج، وبالرغم من أنه لصٌ ومُعتدي، اجبرته على إخراجها معه من البرج، حتى تكشف خبايا العالم الخارجي الذي كان مُحرمًا عليها.

في مقطع من الفيلم بنسخة ديزني، تقول الفتاة للساحرة الشريرة:"لقد كنتِ مُخطئة بشأني، وبشأن العالم أيضًا"، لم أكن أعي تمامًا لماذا أنا مُتعلقٌ لهذه الدرجة بهذا الفيلم، إلّا عندما إنتبهت لذلك المقطع.

خرجت رابونزل من سجنها العالي، عندما ثارت على الساحرة وقيودها، عندما تخلصت من إفتراضها بأن العالم شرير وهي غير مُهيئة بعد للعيش فيه، كانت حريتها الذهنية/الفكرية سابقة لتحررها من قيدها، والبرج الذي حُبست فيه لا تدري لماذا!.
تلك المشاهد تستطيع بدون مُبالغة إسقاطها على كل إمرأة، في مشارق الأرض ومغاربها، حيث تتم تربيتهُنّ على مخاوف وعُقد، مثل:"العالم يخوّف وليس له أمان!، الرجال ذئاب بشرية البنت دُرة ثمينة يجب على أصحابها تخبئتها، الأنثى بطبيعتها ضعيفة..الخ".

يتعلمن الخوف منذ نعومة أظافرهنّ، ويتم حبسهنّ في أبراج بلا أبواب، لينتظرن المُخلصين، الأمير وفارس الأحلام المُنتظر، وما هو إلا سجانٌ جديد، يأخذ دور سابقه.
لقد "وسّخوا" البراءة بالخمود، ونصبّوا نموذج الفتاة "الرابونزلي" هو إنموذج للفتاة الفاضلة، وصار الشرف مُقترن بالجهل.
أخطئتم جدًا بحقّهنّ، وبحقّ العالم أجمع، كم من إمراةٍ قالتها.. تسائلت في أعماقها، في أيّ مرحلة من حياتها؟!

هذا العالم مليء بالأبراج، ونسخ مكررة من رابونزل، ويقلُّ فيه عدد الأمراء بشكل مُتزايد، ولكن هُناك من تشابهنُّ ورابونزل ديزني، فعملن على إعادة أو إصلاح علاقتهن والعالم الخارجي، وقُمنّ بخلق ذواتهنّ والكشف عن ندائهنّ الذاتيّ، نعم أبدعت المرأة في إعادة صياغة الجمال والإصرار على ذلك، حتى وإن لم تستطع ترك أبراج العائلة والقبيلة والمُجتمع والعادات والتقاليد، ومنهنّ من صنع للبرج نوافذ أوسع، وطُرق سرية وخاصة للوصول إلى العالم، وهناك الكثير لا ينتظرنّ مُخلصهنّ، بل وغادرن تلك الأبراج بلا رجعة، فالمرأة بكل أحوالها مُناضلة، تستمر في المواجهات والمُحاولات الحثيثة..

في الفيلم كانت حرية الفتاة من سجنها، مرهونةً بحلاقة شعرها الطويل ذو اللون الذهبي والقُدرات الخارقة، بمعنى آخر، كانت تحتاج فقط تضحية ما لإنقاذ ذاتها، وأنا مُتأكد من أن رابونزل العربية، التي ما زالت في طور استرداد وتأكيد حقوقها الإنسانية والوطنية، سيكون خلاصها مبدئيًا عن طريق الموهبة والإبداع والمُبادرة، مُتأكدٌ من ذلك.

الجمعة، 18 يناير 2019

فتاة البرزخ (نهاية!)

عنها.
الثامن عشر من كانون الثاني (يناير)، العام 2019.
أنتهي أو أكاد من كتابةِ "قصتها"، بدأتها في أيلول من العام الماضي. بدأتها برسالة.. بحَدث (خارق). لم أعي او أتفهمّ النهايات..! كيف ولماذا ينتهي كل شيء! سؤالٌ ساذج أعي ذلك تمامًا..!
حَسنًا،
الليله هي الأخيرة. كانت تجلس وحدها كعادتها فوق سريرها. الغرفة مُظلمة والهدوء صارخ.. لا تسمح سوى أنفاسها اللاهثه ببطئ.. وصدرها الذي يعلو ويهبط على وقع الأنفاس.. منذ ساعة وهي على هذه الحال. عادت منذ ساعة من (مكان لا نعرفه نحن)، لم تُبدل ثيابها ولم تغتسل. وعندما دخلت لم تُقابل احدًا من ذويها.. لم تتكلم منذ ساعات.. وها هي تجلس في الظلام، يملؤها ضجيجٌ ما... مدت ساقاها أمامها، وأحسّت بوهنٍ شديد يغزوها من أعلى رأسها ويتسلل لاعماقها بسرعة!
هُناك شيءٌ ما لا تدركه تغيّر.. شيء ما كان موجود (من زمان) لكنه غير واضح، وها هو الآن يبدو واضحًا في وحشته.. وشدّته.. وقسوة وجوده الحقيقيّ..!
تلك من الأمور الوجدانية الخاصةُ بالشخص، التي لا تخصّنا نحن بطبيعة الحال.
في مكانٍ ما صباحًا، من صباحات يناير الباردة جدًا.. كانت الشمس دافئةٌ بعض الشيء، وبقايا الليل لم تُغادر الرؤوس المُثقلة والمُتعبة والخائفة..!
كانت خائفةٌ جدًا، لم تجرؤ على الإقدام نحو... البداية؛ حيث المرأة تستوي مع الرجل. كيف!
كيف يستوي النقيضين؟ هل من الممكن الامتزاج او التلاحم ! هل أتحدث عن حب ما ! عن موت ما ! عن حرب ما او سلام مُمكن وليس مستحيل !!
آآآه ما أجملَ هذا الصباح !
بردٌ وشمس، وبقايا ليل، وعيون مُرهقة. واجساد ترتعش من فرط الحُمى او البرد... وفيروز تُنادي الكون او تشتمه او... "سألتك حبيبي لوين رايحين..؟" وتوّبخ السامعين سواء جيدًا او بشكل روتيني، الجالسون بالقرب من كشك... الجامعة، توبخهم وتسألهم:"إذا كنا عطول إلتئينا عطول.. ليش بنتلفت خايفين؟"
خائفةٌ كانت ومُتعبةٌ جدًا وترغب بالحياة ويُحاصرها الموت واشباحٌ أخرى... كانت تقفُ بين كل الأشياء، تحاول ترميم الخرائب، تلوين الرمادي، إصلاح المُهدّم... هيهات يا صغيرتي!
في مكانٍ ما بالجامعة، تجلس وحدها، قد أنهت محاضرتيّن وها هي الآن تُحاول الانسلاخ عن كل شيء.. ووحدها هُنا، تجلس على مقعد خشبيّ تحت أشجار صنوبر باسقة، المكان هادئ تمامًا...
تُخرج دفترها الأسود وتكتب عن: صوت المكان ورائحته، عن مشاعرها المُتناقضة، عن وحدتها الجميلة، عن الأول من أيار..!
ترى بعيدًا عنها، فتاة وشاب جالسيّن ومُتلاصقين، الفتاة تضع رأسها على كتف الشاب، تراهما من الخلف... المشهد مُثير ومُربك وفظيع، تُحرك رأسها في أثناء شعور جارف داهمها..
كتبت وكتبت.. عن غائب لن يحضر، وعن ليل لم ينتهي... وعن صباح ينتهي بسرعة. 
توقفت، لم تعد قادرة على المزيد من.. هذا الهدوء، وتدفق الكلمات حبرًا على ورق، أمسكت كتابها(رواية ما) حاولت القراءة... الضياع بين الصفحات... لكنها لم تستطع، وجدت نفسها تقرأ كلمات باردة... جافة...!
وضعت كل شيء في حقيبتها.. الرواية، الدفتر الأسود، علبة الماء، دفتر المحاضرات...! إتخذت قرارًا ما.. في هذه الليله يجب فعل شيء ما... يُحاصرها، يُرهقها ولم تجرؤ منذ شهر على فعله... عليها أن تفعل أكثر مما تفكر.. على الأقل في معظم أمور ومُستجدات الحياة.. انتابها شعورٌ عارم بالسعادة التي التقطتها منذ أشهر، وحلّ مكانها القَلق والترقب والخوف... جلست مُجددًا أخرجت الدفتر وكتبت... بعد دقائق كانت تمشي بإستعجال للحاق بالمحاضرة ما قبل الأخيرة.. فقد "طنّشت محاضرة الثامنة" في هذا اليوم.. لأول مرة تفعلها ولآخر مرة أيضًا.. وداعًا رؤى عبدالرحيم... إنتهت. 7:48م، 2019/1/18م هاشم عبدالله الزبن.