الصفحات

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2019

وصفي التل الشهيد/الفكرة

"علامك غبتْ والدنيا تشارين"

هذا مقطع من مرثية للراحل حبيب الزيودي في الراحل حابس المجالي، 

الرثاء لفقيد يكون في حين الفَقد أو بعد ذلك بقليل، ويكون تعبيراً عن مشاعر تجاه الفقيد القريب، مشاعر حزن تختلط بحب ولوعة الفراق النهائي، 
أما الرثاء المُستمر والعام، لفقيد مضى على رحيله عقود من الزمن هو بمثابة تخليد للحظة الفَقد/الخسارة الجسيمة، وكأنه يرحل ليترك مكانه شاغرًا للابد!، 
لم يكن وصفي مصطفى وهبي التل رئيساً للوزراء ووزيراً للدفاع بالصورة السائدة... لم يكن سوى تجسيداً للمواطن المسؤول، والجندي الذي يُقاتل العدو  في الصفوف الأولى... قبل رئاسة الوزراء، كان ضابطاً في جيش التحرير العربي1947-1948، وقد كتب في مذكراته التي نُشرت في كتاب "وصفي التل في مجابهة الغزو الصهيوني"، كتب رؤيته للتحرير ووقائع المعارك مع العصابات الصهيونية وكيف حدثت النكبة، وكيف خسر الجيش العربي لأسباب إستراتيجية؛ 
منها "حُمق" القادة العسكريين في المعارك الصغيرة وتخاذل الأنظمة العربية عن دعم الجيش من حيث أنه جيش لا مُجرد حشد عسكري من المُتطوعين... ولكن هيهات! 
جائت النكبة وبعدها النكسة، لتُعمّق هزيمة العرب في مُجابهة الصهيوني الجبان، 
وفي مُقابلة صحفية أُجريت مع الشهيد قُبيل إغتياله؛ كان واضحاً بأن مشروع وصفي التل عربياً، يتمحور حول "الكفاح المسلح" ضد الإحتلال، ولكن لم تُمهله عصابة الغدر، التي إستمدت عزيمتها من روح الهزيمة والإستسلام التي طغت بعد النكسة، لتُطلق الرصاص على وصفي التل ويستشهد ليرحل جسدًا ويبقى فكرة/مشروع... مشروع دفاع عربي يهدف لتحرير فلسطين كاملة، لم يُقرأ على مسامع وزراء الدفاع العرب، في القاهرة من ذلك اليوم التشريني الحزين. 
لتتسارع الأحداث مع مرور السنوات الرتيب، ليموت الكفاح المُسلح، في أروقة كامب ديفيد ومدريد وأوسلو، وبمُباركة أمريكية وعلى دماء الفلسطينيين المُقتولين مجاناً والمُحاصرين في غزة والضفة التي تُمزقها المستوطنات ووعود الأرض مُقابل السلام والتنسيق الأمني والتطبيع... تستمر الهزيمة، ويَستمر الشعور بالفَقد لوصفي التل وللمشروع الوطني والعروبي،
وصفي ليس مُجرد شخص ليُقدّس، فتقديس الأشخاص ليس إلا إمعان في الرجعية والتخلف. وصفي فكرة سماوية ومشروع لم يكتمل لأنهُ كان واحداً مُقابل قطيع من الأضداد... واحداً آمن بالتحرير مُقابل جيل مهزوم ولم ينهض من نكسته بعد. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق