الأحد، 30 يونيو 2019

أنا أعتذر لكما (أمي وأبي)

بدايةً لا أشكركما على إنجابي ولا ألومكما.... أنا فقط عاتبٌ لأنكما معنيين بالأمر... أمر وجودي في هذه الحياة التي وبعد ثلاثة وعشرين عامًا من ولادتي أؤكد بأن اللاوجود خير، وبأن الحياة رائعة بقدر سخافتها وعظمتها وتعيسة بقدر لحظات الفرح والبهجة التي تحدث بين الحين والآخر!
أعتذر ليس لأني مُذنب بل فقط لأُعبّر لكما عن حُبي وعرفاني وتقديري لحبكما لي وإرتباطكما بي... لن أكون كما تُريدون لي ولن أعيش وفق رضاكم ورغباتكم ولن أكون طيّعًا لكما... ببساطة لستُ أداةً لكما ولا نجاح أو هدف تُحققانه وتشعران بالزهو وغبطة المُنتصر، وأنا لا أنتمي لكم كما لا أنتمي لأيّ شيء!
وهذه الحياة التي وجدتني في خضمها سأعيشها وفق إرادتي ورغبتي الذاتية!

نعم، كنت بحاجتكم ولولاكم لما وُجدت وكبرت وصرت الذي أكونه اليوم... وما زلتُ أعيش منكم، وأنام في بيت العائلة وأعيش، وآكل وأشرب من البيت العائلي كذلك... يعني لم أستقل بعد، ولكنني لا أشعر سوى بقليل من الحُزن والتعاسة لهذا "الوضع المُؤقت" بطبيعة الحال!
أعتذر عن عدم تحقيق أوهامكم الاجتماعية من خلالي، وبإني إبنٌ عاق أو غير صالح، فقط لأنني لم أكن كما تُريدون ولم أكن طيّعًا وأداةً ومُجرد حلقة في سلسلة العائلة الكريمة! 

الجمعة، 28 يونيو 2019

هذياني في هذه الليلة عظيم... أنا أهذي حقًا؟

هل تمنيت لحظةً لا تنتهي؟

اللحظاتُ تنتهي... تمضي الدقيقة ثم الساعة ثم اليوم ثم... ونحن نمضي نحو النهاية!

نعم... الحياةُ مركبٌ يسير، هذا المركب قد يُصادف موجٌ عالٍ وعواصف عاتية وإجواء مُستقرة وأحيانًا لحظات كأنها تتراجع ولا تتقدم!
ولكن الحقيقة الوحيدة هي أن هذه الحياة مركبٌ يسير... إلى أين يسير؟
للأمام أم للوراء؟!
سأعود لبداية هذا الهذيان لأكتب: أنا أهذي عن مركب ما... هو حياتي أو حياة أحد ما!

لا تأخذ كل شيء على محمل الجد ودع كل شيء كما هو، ولا تحاول الفهم دائمًا...!

الفهم لا يعني سوى مجهود ضائع، إفعل ومن ثم ليحدث ما قد يحدث!
وأفهم فقط بأن الحياة مركب يسير، والنهاية ربما هي اللاشيء... وكل شيء مُمكن الآن، فلماذا تُفكر كثيرًا؟!

أنت دائمًا في ذروة الأشياء، وتُدرك في كل مرة بأنك في وسط عاصفة هوجاء... ما قد مضى طمأنينة غادرتها، وما هو آتٍ مُرعب!
ماذا لو أنك "بطل" حلم أو فيديو يُشاهده أحدهم؟!
أنت لم تُولد... انت وهم فقط!!

اللحظات الأخيرة من حياتك لا تدعها تُنسيك بطولاتك...!
وكل لحظاتك أخيرة، وكل حياتك عاصفة ولن تطمئن إلا عندما تُغمض عينيك مَيتًا!

سأُكمل هذياني قريبًا... اليوم هو الثامن والعشرين من يونيو، الواحدة بعد منتصف الليل!
عُدت للهذيان... ما هي الخسارة الحقيقية؟ هي أن لا تخسر وأن تعيش خائفًا من الخسارة!

منطقة الراحة هي أن تعيش أياما مُتشابهة وأن تمشي دائماً بجانب الحائط وتُغمض عينيك عن رؤية التفاصيل وتضعف أقدامك عند كل جديد!
وليس بالضرورة أن تتعب أو تُرهق.. لا شيء ضروري، كل شيء مُمكن ومستحيل!
الحياة فوضى إحتمالات وخسارة مُستمرة وربح دائم... وافظع الخسارات وأجمل الأرباح، خسارة ذاتك وربحها...!


الاثنين، 24 يونيو 2019

تنظر إلى السماء، ترى نجومًا ساطعة... وتتسائل أين القمر؟ تعلم بأنه موجود لكنه مُحاق... الأرض تقف بينه وبين أشعة الشمس!

ماذا لو أن "ناسا" تكذب وتدّعي؟!

مَن يدري يمكن هي كذلك....

أن يكون عالمك كلّه إحتمالات... أن تجد نفسك غارقًا في أوحال الوجود!
أن لا تجد إنسانًا تُخبره كم أنت مُتعب وخائف؟ ، وأن يكون الله بعيدًا أو غير موجود!

 أن تتراكم عليك الأعباء وتَعي المأساة وتفاصيل الأحداث... أن تنتبه لملامح الحُزن في ضحكة، أن تعلم بأن الغد يحمل الكثير... وبأنك لم تعد تحتمل الكثير!
وأن تجلس "حزينًا" لا تعرف لماذا أنت كذلك؟!

صباح الخير

والنعس يلتهمني ولا يستطيع... ولكن يومي هو الصباح! لا نوم في الصباح...
ثمة شعورٌ ثقيل يعصرني. ولستُ أنا اليوم ذلك الإنسان الذي لا يُفكر كثيراً... التفكير يكاد يقتلني كل لحظة، في اللحظة الواحد أضيعُ في أفكاري المُعقدة، ولا أستطيع تفادي ذلك... وثمة خوفٌ أبيض ولا ملامح له يتربصُ بي وثمة ضوء في البعيد، ولم أعد أرغب بالتقدم!

أعلم بأن كل شيء مُؤقت، وستختلف مشاعري كُليًا بعد قليل!
ولكن لماذا أستمر في هذا الجنون؟ ولعبة الاحتمالات هذه لم تعد تروق لي إطلاقًا... أشعر بغربة فظيعة وبمشاعر متناقضة ومزدوجة!
أخطائي ومخاوفي تتكرر وتأخذ أشكالا جديدة وأفظع مما كانت... والذكريات تترصد لي في الأماكن والتواريخ والأفكار... وأعودُ لأحاول الثبات.... ولكن أنا أمام ماذا؟!
ما الذي يُواجهني بالضبط؟
لن أكتب المزيد... ولن أنتحر ولن أفعل وسأستمر في المحاولات فقط! 

الأحد، 23 يونيو 2019

فاقدٌ ومفقود، أنا وجميعنا...!

على طرف اللحظات نتمايل... تهتزُّ الأرض من تحتنا، ونسقط... قد نتأخر، لكننا نسقط فجأة!

كم سيموت اليوم؟

ويُولد الأموات... تستيقظ الجثث،
وتضحك وتبكي لأن الجو حار أو زمهرير، أو لأن الجيب فارغ من الدنانير!

ويموتُ الأحياء، ويحزن الأحياء للموت... وهم أموات، قريبًا يموت الحيّ ويبكيه الأحياء الذين سيموتون قريبـًا أيضاً...!

ويندمُ الأحياء... لأنهم لم يعرفوا الموت وقيمة اللحظات! وبأن الحياة تتسرب في كل يوم ولا تعود!
كم بقيّ...؟
لا يهمّ، المُهم هل أنا حيٌّ بالفعل؟ أم أنني ميت بقلب ينبض؟!

يا أحياء لا تموتوا قبل الأوان!
لا تدعوا اللحظات تتسرب وأنتم غافلون... حيّ على الحياة يا رفاق الحياة!
والموت ليس وحشًا هو مُجرد حالة نهائية جميلة...!
هو إستمرارية بشكل آخر، وهو وجهُ الحياة المُفرغ من المعنى!!

اللاشيء ينتظرنا هُناك... لننعم بالأشياء الآن، ولنحيا بحقّ لأن الحياة جميلة جداً! 
تخافين الإقتراب ولا تبتعدين... تخافين عليّ بقدر خوفك مني ومن العالم ومن كل شيء، أنتي خائفة؟!
وكلنا خائفين يا صغيرتي... مَن في هذه الحياة لا يخاف! لكن خوفك يُرعبني، وإقترابك مني يُخيفني... كنت لا أرغب بخوض غمار القُرب ومن ثم الحب... وأتخوف من العلاقات العميقة، ومن التعلّق...!
لكنني وجدت نفسي أمام خوفي وأمامك تساقط الخوف، الخوف والزيف والوهم تساقط كلّه وبقيتُ عاريًا وقويًا وغيري تمامًا!
لم أعد أكترث للواقع وقُبحه ومتاهاته!
أحببتكِ لأنك حقيقية في عالم مُزيف.... ولا أخاف رحيلك غدًا أو بعد غد، ربما لن أتشبث بك كثيرًا عندما تنوين الرحيل! وسأودعك كما إستقبلتك ذات ليلة... وسأحزن كثيرًا، لأنني لا أملك من أمرك شيء...
وسأغضّ طرفي عن خوفك الذي تفشلين في مواجهته وسترحلين بسببه!
لكنني لن أعود كما كُنت... ولن تعودي كما كنتي، سنتغيّر وستبقى لحظاتنا سويةً وردًا يُزيّن بُؤسنا الحياتيّ، وكلماتنا حاضرة وذكرياتنا جميلة كذلك!
لماذا الرحيل؟ ربما لأن البقاء موتٌ، والحياة تكمن في الوداعات!
والقُرب يعني زوال تلك المشاعر المُقدسة، القُرب يا صغيرتي قبيح...!
وما الحب إلا لهفة لبعيد وشوق للذي لا نراه ونسمعه!
أحبك الآن وهذا يكفي...! 

السبت، 22 يونيو 2019

تعالي... لنتحدث عن الطقس وعن إحتمال حدوث موجة حارة في الأسبوع المُقبل، تعالي لأقول لكِ عن مخاوفي السخيفة وأحلامي المُستحيلة وما الذي حدث قبل عامين في مثل هذا اليوم!
سأتحدث معك عن السياسة ومُستقبل الشرق الأوسط اللعين، وسأصبُّ اللعنة تلو الأخرى على حكومات العرب والعالم أجمع...!
لتذهب إيران ومعها أمريكا والكيان وتركيا للجحيم وسننسى مؤتمر المنامة في غضون أيام، وستطوي الأيام كذلك غضبنا الدفين... وسنتفقّ بأننا لن نسكت... ربما نصمت لأن ما باليد حيلة!
تعالي لأعلن بأن الحرب ليست موجودة وبأن الحياة جميلة وخيّرة!
وبأن الثورة ترتسم في ملامحك فقط وصوتكِ يطغى على ضوضاء التحالفات والأنباء العاجلة...!
تعالي لنحتضن خوفنا من هذا العالم وأحبك هو شعار السلام لا الإستسلام والخنوع!

الخميس، 20 يونيو 2019

وفجأة تنتبه لغُربتك وهشاشتك!

لا تفهم... ولا تستطيع مواجهة أشياء لا تُدركها لكنها موجودة بل وحاضرة بقوّة عنيفة!

فجأة تشعر بأنك تدور في حلقة مُفرغة... وبأنك ضائع... من زمان أنت ضائع!

وتفاصيل تكبر وتتشعب وتأخذ تتورم وتتعفنُ بك... تُحاول التخلص منها ولا تستطيع!
رائحتها تملأ عالمك، وتتزاحم الأشياء مرةً واحدة، وتُدرك مرةً واحدة أيضاً بأنك تغيّرت ولم تتجاوز معظم الأشياء التي تركتك وغادرتك!
يتسلل الشكُّ إليك... وتشعر بإنهيارك البطيء، وبك صوتٌ بعيد يسخرُ منك... يضحك عليك... يطلب منك ما يبدو صعب المنال!
وتقف...
تنظر... وتُحاول، ها أنت ذا تُحاول مُجددًا، وهذا يعني أنك حيٌ وتستطيع المُواجهة والإقدام!

والأشباح... ماذا عن الأشباح أو تلك الأشياء التي لا تراها لكنك تشعر بوجودها القويّ والدائم... وتتصادم في أعماقك كل الأشياء!

تخافُ فَقد أو خواء أو... لماذا لا تترك الأشياء كما هي؟ لماذا لا تتوقف عن مُحاولة فهم ما هو مُعقد أو حلّ مُعضلة حسابية؟!
تخافُ الخذلان منك أكثر من الآخرين... تخافُ الهزيمة وأنت تُهزم في كل يوم، وتخافُ اللاشيء... واللاشيء صعب، كما هو الوعي وإدراك الأشياء! 

الثلاثاء، 18 يونيو 2019

الشرف والشرق...

هم جالسون على الرصيف كأنه شُرفة متزل يملكونه
يتهامسُ الرفاق عن اللواتي يمشين على يمشين على الطريق، ويُسرعن الخُطا وأنظارهنّ ثابتة!
تلك نحيفة تصلح لكذا وتلك لأنها سمينة لا تصلح، وآهٍ من تلك!
عيون الرفاق تُبحلق في الأجساد وتنتشي وتكاد تُجن من رؤية إهتزاز الأرداف والنهود، ويلعنون ما يرون... ويخافون أكثر!
تمتدُ الجلسات لساعات، وتتناول قضايا شتّى... من تقييم لإشخاص وواقع سيء ومخاوف وكلام فارغ من أيّ معنى، وينفضُّ المجلس كما بدأ... وهكذا!
في شرقنا، كل شيء مُؤجل ومتروك لله والقدر والعناية الإلهية تتكفل بكل شيء، يتنافس الجميع على كل شيء، وتتحول الحياة لساحة صراع واسعة، والحرب فيها لا تتوقف وليس ثمة حربٌ حقيقية... حروب إستنزاف وحروب خاسرة قبل أن تبدأ، وخوفٌ مُستمر من كل شيء!
حياةٌ كلّها إنتظار وتخطيط وتُوجس وعبث ومُحاولة فهم وندم وتردد وإنصياع وطاعة عمياء...!
وهزائمٌ تتكرر، ونَكسات تتشابه، والخَلاص لن يأتي من السماء... السماء لا تُمطر سوى ماء يجفّ بسرعة ولا تُرسل سوى أشعتها الحارة والدافئة، السماءُ مُناسبة جدًا للتأمل وللغياب مؤقتًا عن فوضى الأرض!
الشرف ليس جسد أنثى ولا عضوها التناسلي، وفي بلادي تُقتل الأنثى بداعي الشرف، ويُقتل الوطن كل حين بداعي البطولة!
يسيلُ دم الأنثى فوق تراب الوطن المُلوّث، وتموتُ لأنها أنثى في بلاد الموت وحكومات الإقطاع والجباية والتبعية!
والرجل في هذه البلاد مواطنٌ وعبدٌ لله وقبل ذلك للسُلطة... ويخافُ النساء، ويُقاتل بين فخذي أخته وأمه وزوجته وإبنة عمّة، وأمام المُحتل ينهزم، وأمام إغتصاب حقوقه أجفانه لا ترفُّ ولا يغضب... فكيف سيُقاتل؟!


أحببتها فقط لأنها سعت إليّ بكامل قواها ولأنها تعرف كيف تجعل من أيامي أيامًا حقيقية...
لأنها رسمت بيدها الصغيرة ورودًا وألوان بهيجة، ولأنها إستطاعت أن تكون معي رغم كل شيء...
أحببتها وأنا في كامل "كُرهي للإقتراب من الناس والتعامل معهم"، ولأنني معها رأيتني جيدًا وعرفتني أكثر... لأنها حقيقية في عالم مليء بالزيف والوهم!
أحببتها لأنني أحببتها بصدق، ودون أن أفترض إمتلاكي لها أو وضعها في زاويتي الضيّقة!
دون أن أخاف الغد... لأنني معها أدركت قيمة اللحظة الآنية، وبأن الغد سيأتي كما هو، واليوم هو اليوم فقط!
هي ليست حبيبتي بالمعنى الضيّق للكلمة، وبمعنى أنها أداتي الطيّعة وضحيتي ومصيرها مرهونٌ بي... لا، فأنا وهي نجتمع بإنسانيتنا وشعورنا الحقيقي فقط، ونحن في هذه الحياة نمدُّ يدنا لنقتطف لحظات سعادتنا، ومن المنطق جدًا أن ندع كل شي ونتمسك باللحظات ولا نستعجل أيُّ شيء! 
وفي عالمي اليوميّ أحاول أن لا أضيع في عالمي... أن لا أغرق وأنا اركبُ سفيني... الموج مُتلاطم والسفينُ ضعيف، والعاصفة تغيبُ قليلاً وتظهر، عليّ أن أعتادها وأن أعلم ضعف سفيني حتى لا أغرق...
 أو كل ذلك الوعي ليس سوى إمعانًا في الألم الوجوديّ!

هل جربت أقصى الشعور؟ أن تُحاصرك الأشياء اللامرئية واللاملموسة!
وأنت تجدك أمام السؤال تلو السؤال! السؤال الذي يرفض كل الإجابات!
أن تتضح لديك الصورة!
 وتُدرك كم كنت غائب أو مُغيب!
والمشاهد تبدو للوهلة الأولى شيئًا ومن ثم تُصبح شيئاً آخر...
حرارة شديدة تقلُّ تدريجياً إلى أن تبرد!
حيٌّ وتشعر وميتٌ تعني اللاشعور... ببساطة هكذا هو الأمر!
والبساطة تختفي في عالمك اليومي هذا العالم الذي يجلدك كل حين بسوطه وتُطيع الأوامر... من أين تأتي الأوامر؟! من الذي يأمر؟
كل شيء يختمر في رأسك كل مُعاناتك فكرة بُذرت ونمت وترعرعت في رأسك... وصلت حدّها الأقصى أو ستصل قريبًا ومن ثم تذبل وتموت!
هكذا هو الأمر ببساطة!
وأعود لأكتب: الوعي مُؤلم... مثلًا: أن تَعي جُرحك لا يعني سوا وجود مُبرر للألم الذي يعتريك، الألم الذي لا تستطيع تفاديه والمُرعب هو إعتيادك الألم...!
عليك كحيّ أن تواجه كل شيء وأن لا تبحث عن أشياء خارجك... كل شيء بك، فقط عليك أن تعيك وتُدرك من أنت قبل فوات الأوان...!
حتى فوات الأوان ليس أمرًا سيئًا...
أن تعي الطفل الذي بداخلك يعني أن لا تندهش بقوّة من مُجريات الحياة...!
يعني أن تكون قويًا لا يعني بالضرورة أن تكون غيرك... وليست القوة في أن تكون لست طفلًا، القوة الحقيقية هي أن تعي إنسانيتك وتُحاول أن لا تتنكر لحقيقتك، وبأن تواجه الظلام كما تطمئن للنهار!!

أنت سيء إرتكبت حماقات كثيرة وأسئت لأشخاص بعينهم... أو لم تُسيء أو تعرضت لإسائات... مقصودة أو غير مقصودة، حسنًا ما الذي عليك فعله؟ بعد الوعي ستتألم وستتضح لديك أمور شتّى... كل الذي عليك فعله هو أن تعترف لنفسك بأن كل الذي حدث كان يجب أن يحدث وبأن ثمة وجهٌ آخر وزاوية أخرى ليست مرئية لك... وبأنك مسؤول عنك فقط، والآخرون كل لديه مسؤولياته الذاتية، وهكذا تُصبح مع مرور الوقت "ذات قوية"...!
إلا إذا استطعت أن تُعيد الماضي وتبدأ من جديد؟!

وأعلم بأنك "تُبالغ" وهذا ليس عيبًا، وإنما واقع عليك إدراكه أيضًا، وعليك أيضًا أن تَعي حماقة الأشياء وسخافتها!

وستغرق في عالمك اليومي مُجددًا، والأيام ما هي إلا مُحيط واسع، وما نحن إلا غرقى فيه... كل حين نُحاول النجاة من الغرق ولا نستطيع، ربما من الجيد أن نُدرك غرقنا، وأنا سأتحرر من هاجسي للكتابة!
وسأفشل في ذلك، لأنني مليء بالحياة!




 الآن يعود إليّ شعورٌ قديم ولكن بشكل جديد...
 يترافق ذلك مع فترة ليست قصيرة ربما من الفراغ الذي رمى بي في مناطق القلق والضجر والإحباط والخوف...
مع وعي بعيد، وعي كذلك يُثير القَلق الكامن في أعماقي، وتستيقظ بي كل الأشياء التي نامت كثيرًا ولم أكن أعرف بأنها لم تزل أو هي فقط نائمة!
وتأتي التساؤلات تتزاحم في فراغي، وتضعني أمام أعداء شبحيين لا أراهم ولكنني أتعرض لصفعاتهم وشتائمهم وسخافاتهم، وأبقى مُمسكًا بقاياي لعليّ أنجو وسأنجو حتمًا... ولكن لم أعد أحتمل مزيدًا من كل شيء!!
إنني أتنازل عن الإنتصار وكل التنافس... فقط أريد أن أعيش دون أن أتحسس فراغي وأسمع صدى أصوات تُدينني!
تتراكم الأمور وتبدأ شكوكي تنمو وتزدهر... أنا ضعيف! أنا لا أستطيع الإستمرار! أنا فاشل! أنا وأنا... وتتناقض المشاعر، وتمتلأ عيوني بالدموع مع شعور بالقوة!
صيف وعطلة وعُزلة وحياة فارغة... هي موت بطيء ما لم أتدارك هذا الأمر بأسرع وقت مُمكن!
ليس بأن أنشغل وأضع نفسي في حالة من الترقب والإنتظار، بل في مُحاولة العيش بلا شي! 

الجمعة، 14 يونيو 2019

في كل يوم ثمة موتٌ يحدث بل في كل لحظة ثمة ولادة جديدة...!

ثمة فرحة ودمعة وغضب وحُزن وضحك وخوف وإقدام ورغبة وكل شيء... كل شيء تماماً يحدث في لحظة، تنقلبُ أشياء وتتغير أشياء!

متى غادرك حزنك ومتى ضحكت وبكيت ومتى كبرت بهذا الشكل؟
منذ متى وأنت غارق في هذا الوحل، ومتى إنتشلت نفسك وغادرت أوحالك؟!
متى إستيقظت ونهضت ولم تُفكر في جدوى ما تفعل... انت حيٌ الآن! 11-6-2019

اليوم الخميس الثالث عشر من حزيران/يونيو، ما الذي يحدثُ لي؟
منذ أيام كنتُ أغرق... واليوم أشعرُ بأنني نجوتُ... عُدت... إستيقظت... تعافيت... ولستُ خائفًا من غَرقي غدًا... لأول مرة أشعر بأنني حقيقيّ وحيّ ومليء بالقوة!
كل شيء بالنسبة لي بات ليس مُهمًا وبأن الحياة هي أنا وأنا بحاجتي الآن وفي كل لحظة...!
غدًا لن أموت... نعم سأغرق ربما، لكنني لن أموت!
أنا مُوقنٌ من ذلك...!

من الرائع أن يُحبك شخص ما، ويملأ عالمك بالسعادة والشعور الحقيقي الملموس أن تُصادف ذلك الشخص الذي يجعلك تُؤمن بالمحبة ربما هو أجمل ما قد يحدث في حياة الإنسان التي تخضع لإحتمالات كثيرة وكل شيء ممكن بها
ربما الإنسان يرتاح لشعور البُؤس والتعاسة يبحث عن مُسوغات شقاءه وتعاسته... لذلك سيكون محروما إذا لم يعيش المحبة الخالصة الغير خائفة ومُترددة، وقد يتحول هذا الحب لترياق مع ما قد يُسببه من تعاسة مُستقبلية عن الفُراق مثلا!

لماذا ننام؟
ستقولون لأننا بشر ولأننا نحتاج النوم كحاجة أساسية لنحيا... وسأقول هذا لا يكفي لتبرير عملية النوم!
نعم تلك الحُجة لا تكفي، ومن اليوم سأقاوم رغبتي بالنوم... ولن أحزن لعدم القُدرة على ذلك!
.......
متى ستنتهي الحرب؟
ربما عندما تحتضنينني... أو عندما ترحلين عند أول محطة، وتتركيني وحدي!
ستبدأ الحرب إذن... مُجددًا ستُدوي أصوات التفجير والرصاص ورائحة الموت ستطغى... رائحة رصاص أم دماء!
وكيف تجفُّ الدماء؟
هل يُمكنها أن تجف؟!
تعالي وأحتضني خوفي من الحرب والموت... تعالي دون أن تُبرري وجودك، وقولي لي: أحبك جدًا... وأشتقتُ لك أكثر!
تعالي... لعلّ الحرب ترحل، تعالي فقط وأرحلي متى شئتي...!
وعودي كعودة الشتاء.. ونيسان... وشمس وبدر السماء ومُسافر وثورة!



نحنُ نحيا وفق قاعدة: اليوم هو مرآة الأمس وقلق الغد!

الأمس القريب أو البعيد، البعيد يبدو كحُلم جميل... هو بعيدٌ ويأتي كصوّر بلا ألوان حتى الملامح فيها تبدو بلا معنى!
اما القريب فهو قريب ومحسوس وملموس!

كل الأمس خليط مُعقد من الحماقات والسعادة والطمأنينة والأخطاء... نعم نحن مطمئنين بالأمس لكننا اليوم قلقين جدًا!

وكيف سنواجه الأمس ؟
هي مواجهة مع اللاشيء!
ولكن علينا أن نُدرك جيدًا بأننا نعيش وفق القاعدة التي ذكرتها آنفًا لنعي واقعنا ونتشبث بالآن ولا نُرهق أذهاننا بمعارك إستنزاف مع اللاشيء... مع الأمس القريب والبعيد! 

الاثنين، 10 يونيو 2019

تختفي الشمس وراء الأفق... لتختفي!
ما ضرنا إن إختفت؟
نحنُ سنختفي، ولمرةٍ واحدة للأبد!
لن نعود كما الشمس...
الشمس تعود في اليوم التالي ولم تُخلف موعدها يومًا...
أما نحن، نختفي ولن نعود، ربما سنعود... مَن يدري؟
كل شيء ربما...!

لتنام الصبح ولتشرب قهوتك في مُنتصف الليل، وفي النهار لا تجلس أو نام...!
لا تُراقب الساعة، وفكّر بالله... لماذا هو في السماء؟!
ولماذا إسمهُ "الله"؟!
لماذا أنت هُنا ولستَ هُناك؟
تخيّل بأنك نملة... أو أفعى أو صرصور!
تخيّل بأنك أحدهم... وبأن أحدهم أنت أو جارك البائس أو الجار الآخر الذي لا تعرف أسمه ولم تره ولو لمرةٍ واحدة عن قُرب!

ماذا لو لم يحدث ما حدث؟
ماذا لو أنك لم تفعل ما قد فعلت وفعلت ما لم تفعل؟
ماذا لو أنك في عُمر الخمسين تكتشف كم كنت جبان؟!
وبأنك أمضيت خمسين عامًا تدور حول الأشياء ولا تجرؤ على فعل شيء!
بالفعل أنت الآن وأنت في الخمسين من عمرك تكتشف كم كانت حياتك سخيفة ومُملة ومُكررة...
وتندم لأنك حيّ!
لأنك لم تمت وأنت في عُمر العشرين أو في السابعة من عمرك!

لا تدع شيء يفوتك الآن... الآن قُم وأصرخ وأضحك وأبكي وحدّث الأريكة أو طاولة الشاي أو فنجان القهوة البارد أو منفضة سجائرك المُمتلئة وتكاد تفيض بأعقاب السجائر!
ماذا لو أنك عَقب سيجارة؟
 أو أنت المنفضة؟!

ستتراجع وتقتحم الأماكن وتتسكع كثيرًا، وستتملا الوجوه... ستقرأ منها تراجيديا مُضحكة وستبكي كثيرًا أمام الكوميديا الحياتية!!
عليك حالًا أن تنهض... الآن إنهض، وسمّي نفسك صابر أو تحسين أو ويليام، لا يُهم فالاسامي كلام شو خص الكلام؟
ليست عيناك هُما إسمك... إسمك هو أنت كُلك، لا أحد يُشبهك وتفاصيلك المُملة ليست مُملة، وأنت تمضي نحو غياتك لا تنسى عيناك ويداك وأقدامك...
لا تنساك!
حذاري أن تنساك!
وتعال وأذهب ودعهم يسبقوك أو يتراجعوا لا بأس...
دعهم فهم مشغولون باللاشيء!
وأنت كذلك... ونحن جميعاً كذلك، مشغولون باللاشيء!

نصف شمعة تكفيني وأقلّ من النصف تكفي... قليلٌ من الشمعة تشتعل وتنطفئ بسرعة... بعد دقيقتين تنطفئ، تكفي!

الكهرباء منذ ساعتين مقطوعة.
هيّا أخرج من تحت سقفك ومن بين جدرانك وأنظر للسماء، الليلُ مُظلم أكثر والنجوم تبدو أقرب وأكثر! يا لها من ليلة سعيدة....

إستمع وأنصت وراقب وتأمل الصمت من حولك، كم كانت الكهرباء مُزعجة!
فوق الكتاب وضعت الشمعة...
وضعتها في هاتف قديم، وشُعاعها يبدو غريبًا، الشُعلة تهتز ونسمات الهواء الباردة تقتحم عُزلتك والليل يبدو بلا ملامح...
 ها أنت ذا ترى وجوه وتسمع أصوات الجُدران والساعة....
شُعلة الشمعة تتراقص...
عادت الكهرباء، اللعنة على الكهرباء!
ملاحظة: المروحة إشتغلت والضوء الخارجي إشتعل وأقتحم مكاني من خلال زجاج الباب... والشمعة إنطفئت!

الأحد، 9 يونيو 2019

لم أخبركِ بشيء
هو ليس ذا أهمية ولا يعني شيء إلا بالنسبة لي... فهو مصيريّ نعم مصيريّ جدًا

أنا يا صغيرتي هشٌ جدًا، وأخافُ كثيرًا من أشياء كثيرة كلّها لا تعني أحدًا... وربما لو حدثت بها أحد سيسخر مني إن لم يوبخني ويتهمني بالبلاهة والسذاجة والسُخف!

أخاف غدًا لا أجدك فأشعر بالخوف وحدي وأبقى حزينًا بإنتظار عودتك المُستحيلة، وبأن أكون عبئًا عليك... إذ كيف ستحتملي طفلًا يبلغ من العمر ثلاثة وعشرين عامًا؟!
وأنا أيضًا لا أستطيع أن أكون غيري وأن أُمارس أدوارًا... أنا أفتقد للأمل والرغبة والطموح!
لذلك لا أجد في داخلي شغفًا لأفعال مُحددة، أنا شغوف وأشعر جيدًا بل أكاد أشعر بكل شيء حتى بمشاعر من أصادفهم في يومي... أشعر بخيبة أحدهم وبفرح آخر وأحزن كحزن في وجه صديقي وغريب!
أحمل في داخلي عزائات وأفراح ومشاهد بقيت عالقة في ذهني... عالقة وتتدلى كل حين لترتسم أمامي وأراها جيدًا.. أراها حقيقةً!

لستُ كئيبًا ولا حزينًا كما يُمكن لحزين أن يشعر، أنا فقط خائف!
من ماذا؟ لا أدري وأدري بأنني كنت كذلك، وما زلت... أنا هناك في لحظات مُختلفة أراني وأشهد ما قد حدث كأنه يحدث للتو!
هل تُدركين معنى الخوف من اللاشيء؟!

هل تفهمين تلك الرغبة المُلحة للبكاء على كل الذي حدث ويحدث وسيحدث؟ هل تفهمين خوفي الآن من كل شيء! ورغبتي بأن أتكور في حُضن آمن ومُستحيل؟!

مَن سيحتضنني دون أن يُشفق علي؟!

ماذا لو أنك لم تُولد؟
لم تجد نفسك حيث أنت، ولم تتسائل في كل مرة مئات... آلاف... ملايين التساؤلات ربما!
عن كل شيء؟
تمتلئ بـ لماذا وكيف ومتى؟؟؟
وفي كل مرة تغرق فيها وتنجو وتغرق وتنجو....!

الأشياء وماهيتها وجدواها... واللاجدوى تتشبثُ بك، وأنت تُحاول أن لا تستسلم لتلك الحالة... الحالة من اللافهم!

كيف ستكون أنت؟ وكيف ستحيا وحدك؟ كيف ستواجه هذا الكم الهائل من الموت والعبث والخوف؟
هذا الكم الكبير والواسع من التناقضات والإزدواجية... بحرٌ أنت ضائعٌ فيه، لا تدري أين أنت منه!
والحياة... ما الحياة؟
وهذا الموت كيف سيكون ومتى؟!

أشعرُ بحزن شديد، وكأنني سقطتُ في بئر مُظلم، ها أنا ذا في البئر، لا أرى سوى الظلام ولا أسمع سوى صدى همسي... صراخي...!

لم أكن أتوقع... أعلم... أعرف...!
منذ متى وأنا في التيه!
 متى سأصل لتلك الغاية؟
ما الغاية؟

ولماذا؟!

الحقيقة ربما هي أننا نمتلئ... نعم نمتلئ بالأشياء التي قد تؤلمنا وتضعنا في تيهنا وتُغادر بل تختفي ببساطة!
هل كان علينا أن نهرب مثلًا من خارجنا، أن نصنع دروعًا تحمينا... من ماذا تحمينا؟
وماذا لو أننا فقط نُبالغ بما نشعر، ولدينا خاصية المجهر ومُشاهدة السيناريوهات وتكرارها بصور عديدة، وحسب ما نخاف ونأمل، نرى ونُشاهد ونشعر، والوهم هذا قد يُصبح نمط حياة!
والحياة ليست كذلك، هي أبسط مما نتوهم وأعظم مما نتوهم أيضًا...!

البحر الذي ضعنا فيه هو الوهم، يمكن هو الوهم!
لا شيء أكيد!

السبت، 8 يونيو 2019

ثمة خيطٌ رفيع،
 وتُسدل الستارة... تنتهي الحكاية كما بدأت!

ثمة ليلٌ طويل وبُكاء وحُزنٌ ثقيل. ثمة دمعة تنحدر على وجنتيّ طفل، الخيط الرفيع من العين لإسفل الذقن
قطرة الدمع تسقط، الأرض تتشرب القطرة، وتمضي الساعات... تتعاقب اللحظات وتطوي الوجوه، ثمة حزن، وملامح أمس وبقايا الساعات تتسارع لتمضي... لتختفي في الضباب!

ثمة ضبابٌ واسع وبعيد!

وقريبٌ من هُنا، الظهيرةُ حارّة والجو حزين... نعم الأماكن تبكي بصمت هُنا، هُنا موتٌ لا ينتهي!
وبقايا الأيام واللحظات تتسرب من زوايا الجُدران، الجُدران عالية وكثيرة، في كل مكان ثمة جدران، وأمامها تقفُ الساعة، الساعةُ القديمة تبكي وتكاد تسقط ولا تسقط، تتشبث بالسقف... السقف السماء، والسماء قريبة على غير العادة، السماء تكاد تسقط، ماذا بعد؟!

مات أحدهم اليوم، ولأول مرة أرى ميتًا!

هل سأعتادُ مشهد الموت؟

الموت ووعي الإنسان،
الموت يختفي ويَظهر كأن لم يختفي... والوعي موتٌ يومي!


الجمعة، 7 يونيو 2019

مُدن الملح... من التيه لبادية الظلمات!

"مُدن الملح" ملحمة روائية للروائي عبدالرحمن مُنيف، كُتبت بين عاميّ 1981 - 1988، وصوّر من خلالها ورسم بأجزائها الخمسة واقع الجزيرة العربية وحياة سُكّان تلك الصحراء الواسعة والمليئة بالانتظار والترقب والتغيّر!

كيف بدأت حكاية التغيير؟
بأن تتحول الصحراء لمُدن وبأن تكون هذه المُدن من ملح!
من "وادي العيون" تبدأ الحكاية، وادٍ ذي زرع وماء، يسكنهُ البدو ولا يُقلقهم شيء، ولا يعتريهم ذلك الخوف!
وادي العيون، واحة وإستراحة للقوافل، وأهل الوادي لا يَرهبون كثرة الزوار وإزدحامهم، وفجأة ومع طمأنينة الزمن... تأتي قافلة "الأمريكان"!
ويبدأ التيه... ومتعب الهذال وحدهُ ليس مُطمئنًا لهؤلاء الغُرباء!
ويبقى التساؤل المُبهم عصيًا عن جواب: مَن هم؟ ولماذا جائوا؟
الصحراء تبتلع الأحداث وتُطوى المواقف كما تُطوى صفحاتُ كتاب!
وادي العيون وبسرعة ربما لأن الزمن يبدو قصيرًا عندما تتسلسل الأحداث... بسرعة يتحوّل لوادٍ غير ذي زرع، ليس لأن المُناخ تغيّر والسنوات أعقبت جفافًا وخرابًا، بل لأن الأمريكان أو الغرباء أرادوا ذلك...!
حَدث ما قد أوجس منه متعب الهذال، وكان للشيخ وباقي السُكان رأيٌ آخر... لم يفهموا توجس الهذال ولم يَعوا بأنه إختفى لأنه ربما لم يعد قادرًا على رؤية موت الوادي بصمت!

ولـ"حرّان" ينتقل مُنيف ليرسم لنا ملامح البداية، من هُناك من تلك المدينة الوليدة، وعلى الأرض تُقسم... مكان للعرب(العُمال) ومكان للأمريكان (أرباب العمل)، ما هو العمل؟ إستخراج النفط!
والصفحات تصوّر الحال هُناك، كيف أصبح الشيخ دُمية وألعوبة، وكيف أتى المُستعمر ودون جُهد، ليُصبح سيدًا مُطاعًا...؟
كيف الشيخ أو الأمير والذي سيُصبح فيما بعد جلالة الملك، يبدو سخيفًا ويلتهي بأجهزة كالمنظار والراديو والتلفاز، ويتعجب منها... من تلك التكنولوجيا، يخافها بالبداية ومن ثم يدمنها... والشعب يعمل ويكدّ في التنقيب عن النفط، بأمر الأمريكان وتحت أنظارهم، وهذا هو الشعب الذي سيموت جوعًا أو تعزيرًا بقطع الرؤوس أو ستُبنى السجون لتتسع للمزيد من الناس، الذين لم يكونوا "عبيدًا" للسلطان كما يجب!
من التيه، مرورًا بـ الأخدود وتقاسيم الليل والنهار والمُنبت وأخيرًا بادية الظلمات، تبدو الحكاية طويلة، ولكن ثمة تغيّر وتبدّل مُستمر، ومن الأب خريبط، لخزعل وفنر...
تتسلسل الأحداث وتتوقف في المُنبت لحال السُلطان المخلوع خزعل، وهو الذي أدمن الزواج وأصبح مهووسًا به، وبعد زواجات كثيرة تنتهي حكايته بعد أن غادر "موران" ليقضي أيام العسل في ألمانيا مع زوجته الصغيرة إبنة مستشاره، ومن هُناك يتم إخباره بإنقلاب أخوه فنر عليه أو عزله بسبب... لأسباب عديدة تعزُّ عن الطرح!

وفي بادية الظلمات، ترتسم ملامح الحكاية بشكل أوضح، النفط والمال الكثير والسُلطة ودهاليزها، وكيف تتحول المدينة لشخص يحزن ويفرح ويصمت ويحتضر ولا يموت؟ وكيف تبدأ الحروب ولا تنتهي؟
كيف تُصبح الثروة مصدرًا للرِدة والهزيمة والتبعية؟!
وكيف تُبنى "مُدن الملح"؟
وكيف تكون الشعوب مقهورة وبلا قيمة ومعنى؟!!

الثلاثاء، 4 يونيو 2019

"الجميع الآن ينتظر الموت ويقف على حدّ المقصلة"
لماذا... لماذا كل هذا الحزن؟

فجأَةً تكتشف بأنك غيرك تمامًا؟ لم تكن هكذا يومًا؟! والـ"لماذا وكيف؟" تتزاحم في ذهنك!

ماذا تفعل وكيف ستواجه هذا الكم الهائل من اللاشيء وكل شيء!!
وتعلم يقينًا بأنك واهم، وتُبالغ في شعورك...! ولكن كيف ستحتمل ذلك الشعور، عندما تجدك أمام... الضباب... اللاشيء...!
وكأنك لم تكن يومًا... كأن كل شيء تمامًا كان سراب، وها أنت الآن ترتطم بما يُشبه الحقيقة، الحقيقة التي تصرخ بك وتنتزعك من كل شيء وتضعك أمام التساؤلات المُستحيلة...!!

مَن سيفهم حزنك الشديد، والذي يمتلأ بك فجأة وأنت ربما تجلس في سيارة مع أشخاص، وتمتلأ عيناك بدموع الألم مع الشعور باللاجدوى والخسارة والفشل و...!

لا أحد، وكل الوجوه تحمل ملامح الفشل والخسارة، ولكن لماذا لا نفرح؟ لماذا عندما نضحك نتذكر كل مآسينا... ونحتضن الحزن القابع في أعماقنا، لماذا نفشل؟ ونحن فقط نحاول الحياة البسيطة ولم نطلب المُستحيلات؟
أنتفض في وجه حزنك، أو مُتّ... نعم الموت هو الخَلاص من كل هذه السخافة!

للحياة وجوهٌ عديدة، وهي تختلف كلما ظننت بأنها تتشابه... ثمة بُعدٌ آخر، ومشهد لم تُشاهده، وعلينا أن لا نأخذها (الحياة) على محمل الجد... علينا أن نحيا ونحن مُتصالحين مع فنائنا ووحدتنا وحماقة وجودنا هُنا... حيث الاحتمالات والخسارات والانتصارات،

علينا أن نواجه هذا الكم الهائل من الموت الوحشي والإستسلام الجبان، والرضوخ وكل شيء يحتلُّنا ويُحيلنا مسوخ تتفادى الحياة ولا تموت إلا بشقّ الأنفس!
علينا أن نعيش بمقدار ما نَعي اللحظة وما فيها... لا أن نرمي بأنفسنا على قارب نجاة يموج بنا مع الأمواج، لا نحن في مأمن ولا نغرق... ربما سنغرق إذا واجهنا موج عالٍ، العاصفة قريبة، والموج أقرب، وها نحن ننتظر!!

****
تقول لي الساعة بصوت هامس: قُم يا أنت وتوقف عن موتك، توقف عن قتلك البطيء... قُم وأصرخ أو إضحك بأعلى صوتك وأسمع صوت الأشياء من حولك، لكم أنت أعمى وأصمّ... لكم أنت ميت!
وينتهي صوتها وتتدحرج عقاربها، وأنتبه... لتكّاتها الرتيبة... تِك.. تِك!
ولصوت المروحة يختلط بصوت تلفاز بعيد... ولأحدهم يُنادي من بعيد...!

أنا أعمى؟!

أنا لا أرى شيئا وكثيرًا ما أشعر بأنني لا أُبصر... الرؤية ليست مُهمة، لكنني لستُ كفيفًا!

وأكتبُ عن طريقي، عندما تستوقفني المحطات وأتوقف لتحية العابرين!
بعضهم لا يراني، ومنهم من يدعوني للبقاء... وأنا أستعجل الرحيل دائما... دائمًا أُريد أن أمضي نحو البَعد... نحو الأمام!
وأتوقف، لأراني مُنهكًا وخائف ومذعور، هل لأن الظلام دامس في الأمام؟!
هل لأنني وحدي؟
أم لأن الطريق إستطال... متى ظننت بأن الطريق سهلٌ وسريع؟!
هو سريع وأبطأ وأسهل وأصعب، هو التناقض... هو حر وبرد، هو نحنُ التائهون في هذه الحياة، نبحث عن واحات في صحرائنا... نسيرُ ونحن نأمل ونتخيل ما ستؤول إليه النهاية...!
الأمل والنهاية، الموت ليس هو النهاية!
والأمل هو الموت!
والنجاة بأن لا ننجوا... ربما نحن خائفون فقط!
ربما من الطبيعي أن نكون خائفين... ولكن خوفنا قاتلنا...!


لماذا أفشل؟
في كل شيء أنا أفشل، أنتصر لكن إنتصاراتي تتوارى خلف فشلي المُستمر!

نعم، أنا مؤمن بأن البشر يعيشون من خلال الإحتمالات، والإحتمالات "حماقة"، لا يوجد نجاح مُؤكد بالإحتمال... ولكن لماذا الفشل وحش مُرعب؟
لماذا لا نتصالح مع الفشل، حتى لا يتحول لسرطان يفتك بصحتنا ويُسرع بنا نحو الهلاك!
لا أقصد بالهلاك الموت، أقصد ذلك الشعور الكريه بالضعف والخسارة والخواء!

الحياة متاهات مُتشابهة ومُختلفة، وليست سوى مُحاولات مُستمرة... مُحاولات والمُحاولة قَلق دائم وخوف... ولكن لماذا؟
لماذا الإستمرار في هكذا جنون؟
هل لأننا نخاف أنفسنا أو نكره ذواتنا؟ وبالتالي نجتهد في محاولة "تجميل" ما نحن مُقتنعين بأنه قبيح!
يُولد الإنسان ليشقى في مُحاولة السعادة أو تخفيف حِدة الشقاء والتعاسة!
والفشل هو قرين المُحاولة، هُناك فشل في كل نجاح... هل حياتنا تجسيد للفشل!!
الذاكرة لا تمتلأ، هي جاهزة دائما لتخزين المزيد من كل شيء نحياه، ثمة حياة موازية لحياتنا الآنية... حياة إنتهت لكنها باقية وحياتنا الآن، والآن غالبًا يمتلأ بالذي إنتهى لكنه مُستمر...!
ونحن نحيا ننسى أن نحيا، ونستمر في حياة لا تُشبهنا، ولأننا نخاف كل شيء تقريبًا، نتمسك بالزيف والوهم!
للأسف الشديد لا نستطيع أن نعترف بأن وجودنا "أحمق"... فعل أحمق، ومُجرد لحظات شهوانية على سرير أنجبت "بُؤسًا" قد يعيش مئة عام، وغالبًا يُكرر نفس الحماقة في إنجاب بُؤس جديد!


لماذا أكره وطني؟

نعم يا أعزائي فأنا أكره وطني، جدًا أكرهه!
وطني الذي وُلدت فيه وعلى أرضه عشت وما زلت أعيش!
لا أكرهه كضحية له، ولا لأنه يمتلأ بالفساد والتخلّف ويُحكم من لصوص وأوغاد وإنتهازيين...!
أكرهه لأنه وطني وأنا أعيشُ فيه، لأنه محسوبٌ عليّ وأنا محسوبٌ عليّ!
مَن أوجد وطني؟
ومن رسم الحدود ووضع أول ملك على العرش!
لستُ ناقمًا على الوطن، ولكن أشعر دائمًا بأنني بلا هوية أو وطن!
ربما لأنني بدويّ الأصل وجيناتي ترفض الإستقرار، لذلك أجدني دائمًا خارج مكاني ولستُ مُطمئنًا للسكن ووجود الحدود، فما الفرق بين مناطق الزرقاء والسويداء والقريات؟
ما الفرق بين البلقاء والسلط ومأدبا والكرك والقدس والخليل ورام الله؟
ما الفرق بين غور الصافي وأريحا، والجليل وأربد والجولان؟
المناطق هي إمتداد لبعضها... الريف والجبل والصحراء والحَضر، وقد جاء وغدٌ ما وقرر التقسيم، التقسيم الذي يستفيد منه من نُصّب حاكمًا أو مالك للأرض، والمُستعمر بالطبع يستفيد ومَن له مصلحة.
والشعوب لا بأس ستعتاد الإنقسام بل ستُدافع عنه مع مرور الزمن!

يا وطني أنا مقهور!!
أنا واحد من ملايين مُستعبدة ومقهورة، من ملايين خاضعين لأنظمة من الحمقى والذي يحسبون نفسهم آلهة لابد لهم من عبيد يسجدون لهم ويسبحون بحمدهم ورضوانهم... ونحن العبيد!
نحن الذين نعيشُ موتى ونموت بلا أيّ قيمة، ونحنُ الذين نستمر في "الهذيان" لنا أوطان ندّعي الإنتماء لها، لكننا ننتمي لأنفسنا لأملاكنا فقط، الوطن ليس سوى سجن كبير، ومليء بالطامعين بأيّ نَفس حُرية، لكنهم خائفين جدًا...!
الخوف مُتجذر وأصيل في وجداننا، والوطن هو بعضُ كذبنا الكبير، كذبنا بسبب خوفنا، وأنا لا أنتمي لهذا الوطن ولا أُشبه هذه القُطعان!!

لا أقول بأنني قوميّ وأنتمي للوطن العربي الكبير، لأن القومية هذيانٌ آخر، ربما إنتهت صلاحيته منذ أمد، لكنّه يُصيب بعض العقول حتى في وقتنا الحاضر، وحتى المُستقبل سيحمل الكثير من الداعين للقومية العربية، كما سيكون هُناك "أصوليين" داعين لعودة أمجاد الخلافة الإسلامية!

"التيه" هو التشخيص لمُناسب لحالتي كعربيّ شرق أوسطيّ، الأوطان كثيرة تتفق باللغة والدين والعادات، لكنها تختلف كثيرًا، وكل وطن فيه مقدار كبير من "اللاجدوى"!
قد لا أُحسن صياغة العبارات، ولكنني أكتب هذياني هذا بشعوري وغضبي!

لكم تشربت هذه الشعوب الزيف والكذب، ولكم تقولبت وشُكّلت الأجيال، لتغدو أجيال كثيرة العدد لكنها مُفرغة وضعيفة، ولَكم باتت الأوطان كمزارع لمُلّاك وإقطاعيين... علينا تغيير أسامي حُكام بلادنا لإقطاعيين، والمناطق ما هي إلا مزارع وأملاك خاصة لهم، وأفراد الشعوب يُمارسون هذا الدور كذلك، وكلهم مُؤمنون بأنهم جميعًا عبيدًا لمالكهم وسيّدهم الله!
لا نُريد تغيير الوضع القائم، لا نُريد واقعًا مثاليًا خياليًا... لأننا نختلف بالضرورة، فأنا لن أهدم المسجد وأدعوا الناس للتحرر من كل أشكال العبودية... لن يأتي ستالين جديد ليُمارس دور الإله، لكنه الآن بشر!
كل الذي نريده أن يكون للإنسان قيمة، وأن لا نحيا ونموت "خائفين" ولا نعرف من الحياة سوى البؤس والمُعاناة، ولستُ هنا أدّعي إمكانية أن يُصبح الجميع أغنياء ويملكون الفلل والسيارات الفارهة... هذه الجنة ليست مُمكنة سوى في عقول طفولية، كل الذي نريده أن تكون هذه الأوطان "أوطان" مُستقلة فعلًا والمواطن هو القيّم والحُكّام يُشبهون المواطن، والأنظمة ليست مُجرد أفراد يعيشون في قصور فارهة...!
الأجيال تعقب الأجيال، والتعليم ما هو إلا تدجين للطالب منذ الصف الأول وحتى الدكتوراة أو ما بعدها... والعائلات تُنتج أفرادًا على "البَركة"، ويعيش المواطن وهو داجن ومُمتلئ بالعُقد والمخاوف... خارطة حياة إجتماعية: إبن صالح أي خاضع للوالدين، صالح بمعنى مُجتهد في حفظ الدروس، ويستمر في الدراسة إلى أن يحصل على الشهادة الجامعية، الوظيفة الزواج... تكرار، ومع مرور الزمن يتحول الإنسان لآلة عمل،
المهم هو "الرزق" المال، لضمان حياة كريمة... مليئة بالديون والقروض والبحث عن منح دراسية و... تتكرر نفس المشاهد!
حياة من الشقاء والبحث المُضني، ودفع الضرائب وسعر كل شيء مُرتفع... واجبات المواطن مُقابل حقوق معدومة، وتستمر الحياة هكذا... والوطن!
من هو الوطن؟؟!!

صورة الملك، أم العلم، أم الخريطة!!

أم هو الأرض التي لا أنتمي لها، وأخرج من بيتي غريبًا...!


مُثقلًا بوعيك وإدراكك، وتسير وأنت مُثقل... تنحني أكثر كلّما تقدمت وتجاوزت الأيام!
أجزاء منك بقيت عالقة، بينما أنت هُنا، تُحاول الفهم... تأتيك المشاهد، وتراها بطريقة جديدة، تُحاول أن تكون مُتماسكًا أن لا تفقد قوتك وتتسائل؛ ما هو شكل إنهيارك؟
هل ستتحطم، وما هو الجنون؟ كيف من المُمكن أن تفقد عقلك مع هذا الكم الهائل من اللامعقول!
تتعب، وللحظة تودّ لو أنك تُعلن هزيمتك!
بأن ترفع رايتك البيضاء وتلوح بها حتى تُرهق يدك... وترمي الراية، وتجلس في مكانك لست مُهتمًا بشيء... ولكن لماذا؟
لماذا خضت معاركك ومن هم أعدائك، لماذا العداوة أصلًا؟ وما الفائدة؟؟
وما هو شكل الإنتصار؟ هل ثمة إنتصار؟
وذلك الشعور بالخواء الذي يملأك، منذ متى بدأ؟ أم أنه موجود منذ ولادتك... لكنك الآن وأنت تعي أكثر، أدركته كأنك تتلمس زجاج بارد...!

هل أنا على حق؟
 ما هو الحق؟
من نحن؟ وأنا.... علينا أن نُدرك بساطة وسخافة وجودنا قبل أن نغرق في اللاشيء!

الموت ذلك الوحش المُتربص بنا، ونحن غافلون. نُدرك وجوده، لكننا غافلون ونُنكر ما نُدركه!

أجلسُ وأغاني فيروز تجلسُ معي، الاغاني لا تجلس، هي تملأ المكان، وها هي الغرفة قد أصبحت أغنية فيروزية!
وأنا سعيدٌ وبعيد في ظلام ثمة حزن، حزن لا ينتهي!
الأشياء تتكاثر وتتخزن، لماذا أيّها الخالق لم تخلق للإنسان منفذ للذي يمتلأ به؟
لماذا خلقت الإنسان وتركتهُ هكذا؟!!
هل أنت مُستعد ولديك حججك للدفاع عن نفسك... على المُتدينين أن يقلبوا الطاولة عليك!!
ليُحاكموا فشلك في الخَلق والتدبير، وبأنك مسؤول عن كل الذي حدث ويحدث!!
أنت لم تتحدث إلا بترّهات... أيّها الإله يا شمّاعة الضعف وإنتصار بعيد وهذيان العقل، اللعنة عليك أيّها الإله!

السماء بعيدة، والنجوم تنطفأ والأرض صارت جحيمًا ومقبرة ضخمة، والإنسان حائر... منذ الولادة، والإنسان "أحمق" حتى الممات!

هل إنتبهت يومًا للعصافير ونظرت لأغصان الشجر عندما تُحركها النسمات الهاربة من بعيد؟
من أين جائت النسمات؟ وإلى أين تهرب؟
وهل هي هاربة بالفعل؟
ينام الليل في أحضاني ويضيعُ مني!
 كأني بعضي هُنا وهُناك بعضي... أضعتني في دروبي ودروبي بعيدة!
وأعود إليّ لأراني بعيدًا وقريب، وأحمل فوق كاهلي أثقالًا ورؤى وبقايا لياليّ البعيدة... كل شيء بعيد، وكل الليالي تتشابه وتقترب!
أين أنا من تلك الزوايا التي لم أراها... وهل أنا لا أصحوا... أنامُ ملئ جفوني عن... كل شيء!

أحتضنها وهي تبتعد، ولمّا تقترب أجدني بعيدًا عنها...!
أحاول تقصير المسافات لكنني بعيد... بعيدٌ جدًا!
إنني أمتلك تلك القدرة العجيبة على صياغة السيناريوهات المُعقدة... أن أخلق في ذهني المشاهد المأساوية وأفشل في مُحاولة تجميلها، أو أتوقف عن الخَلق!

"كائن حجريّ"

لستُ أنانيًا ولا نرجسيًا أو مغرورًا أو أفتقد الشعور والعاطفة، أنا عاطفيّ جدًا وحسّاس أكثر!
بعد مُقدمتي تلك، كرهت ما كتبت!
ربما هذا الأمر هو الذي يجعلني "نافرًا من الناس ككل"!
الناس لا يفهمون ولا يُدركون شيء، وإيمانهم الزائف... إيمانهم الركيك، يضعهم دائمًا في دوائر بُؤسهم وتعاستهم... فيُمضون حياتهم "خاسرين"!
أنا كائن دنيويّ لا أنتمي ولا أستقر، ولا أكره قَلقي وخوفي وكل شيء يعتريني!
تغيّرت وسأتغير دائمًا، لن أبقى كثيرًا... سأكفر بكل شيء، ولن أؤمن إلا بيقيني الخاص!
لن أدّعي المثالية ولا الفضيلة والأخلاق... إنني أبصق على كل هذه المفاهيم والمصطلحات البالية!
ولكنني لا أحتملُ أن أكون سيئًا، ولأن علاقاتنا ولأننا نعيش في مُستنقعات كريهة، تتمحور حول الأذى، فالاطراف ضحايا وجلادين، أمقت هذه العلاقات وأهربُ منها... ليس خوفًا منها، وإنما لأحيا دون أحمال وأوهام ومشاعر تستنزفني وتُرهقني...
لن أخاف المُستقبل ولن أخشى الناس، سأحيا بينهم دون أن أنتمي إليهم... لن ألتمس وجودهم ولن أبحث عنهم، حتى أولئك الذين يخترقون درعي، لن أرحب بهم... لأنني لست بحاجتهم، وأنا لا أقوم بدور مُتكلف تجاههم.
كلّنا "ضحايا" وجودنا هذا... لن يحتملنا أحد، هذا يقيني إلى الآن!
وبأن نعيش كضحايا هو إمعانٌ في الإستسلام والغباء، ولعلّ دور الضحية سهل ولذيذ، وشمّاعات بؤسنا وتعاستنا جاهزة دائمًا!

تتواطئ الأشياء مع بعضها، وتُعاديني أو تُحبني... عدائها عنيف كما حبّها!

السماء والطيور والشجر والسيارات وحتى الحاوية المُمتلئة بالقاذورات... كل تلك الأشياء تبدو فَرحة أو حزينة، تبدو مثلي تمامًا... كأنني انا كل شيء!
هل يوجد شعور لا فَرح ولا حزين؟

شعورٌ باللاشيء، يحتلُّ أركاني وأنا كبلد ضعيف (شعبًا وحكومةً) أستسلم لذلك المُحتل الغاشم... ليس ثمة محتل بلا شيء، دائمًا الإحتلال يهدف لشيء ما!

أنا يا وطني يائسٌ منك ولستُ مُؤمنًا بك... ولكنني كطفل يتيم... كطفل مُشرد!

هل أنت يا وطني ظالم؟ أم أنك لست موجود أصلًا... لست سوى وهم جميل، والوطنية كالآخرة مُجرد عزاء للذين خذلتهم الحياة وأستسلموا لطاحونها القاسي!
ما الوطن؟
 لماذا يحمل الوطن عبئ حكوماته العاهرة؟!
والشعوب أليست عاهرة... أليست هي الحكومات العاهرة... كلهم عاهرون، وكلهم ضحايا أوطانهم... اللعنة على الأوطان وشعوبها!
ما هو العُهر؟ هو العار، أليس هو فعلًا مُشينًا... أليس في عقلية الشعوب المطحونة... يتلخص العُهر في أنثى وأعضائها المُرعبة لأطفال لا يكبرون مهما تطاولت أعمارهم!
لا أدري لماذا كتبت... كنت أحاول كتابة شيء عن ذاكرة... عن أيام... وعن قديم أنتهى ولم ينتهي فعلًا!
ذاكرة وأيام، وأمضي أنا سائرًا مع الأوهام... كل شيء وهم! كل شيء ليس ثابتًا... هو القديم الذي يتجدد ويتكرر، كأنني في دائرة تدور وتدور وتدور...! 
هل من المُمكن أن لا أكون أنا الذي يجلس الآن ويخشى... مثلًا أنا أخشى أن أرتشف قهوتي لأكتشف بأنها إنتهت... وفي رأسي الأفكار والهواجس تتلاطم وأخشاها، دون أن أعي تمامًا شعوري!
إنني مُنطفئ تمامًا ووحيد وأتألم ليس من وحدتي بل من كل الأشياء التي تبقى تولول في ذهني... إنني أحتفظ بكل شيء، وأفقد شغفي بكل شيء، وأحسُّ بالذنب والبؤس وأنا لستُ مؤمنًا بأيّ شيء!
لا أكره عزلتي هُنا، إنني أكره مشاعري الإنسانية وأفتقدني... ولم أتوقف لحظة عن البحث عني!
بتُّ وحيدًا، وإقتراب الناس مني يُؤذيني، وخوفي من أذيتهم يجعلني أنفرُ من البشر...
ربما لن أدرك حقيقتنا، التي أعتقد بأنها تصف الإنسان بالشيطان والملاك معًا... الإنسان التعيس والخائف والمُتغطرس والشرير والخيّر!
الفكرةُ، تلك النقاط التي تتضخم وتتجمع، وتأخذ أبعادًا وألوانًا شتّى والخوف.... كلّها تغرس بنا مشاعر تُنهكنا أو...!
كل شيء هو فكرة في رأس...
والواقع دائمًا مُختلف، وشئنا ام أبينا، نحن أضعف من أن نكون لوحدنا... نحن بحاجة الآخرين، لأننا نخاف.. وخوفنا هذا مغروس في ذواتنا من زمان!

****

عندما أضع رأسي على الوسادة وأُحاول الذهاب بعيدًا عن وعيي... أشعر بسكين تُحاول نحري، وأذكر مرة أو مرتين وانا أجلس وحدي في مكان عام، أتخيل بشكل لا إرادي حجرًا تضرب رأسي!
كتبت هذه الكلمات بعد أن دخلت فراشي وعادت إلي تلك السكين... في الأيام الماضية كلما شعرت بذلك الأمر، كنت أرجئ كتابته، واليوم قررت أن أكتب، والآن سأحاول النوم! 
كتابٌ مقلوب ودفتر قديم وعلبتيّ سجائر، إحداهن فارغة والأخرى تحتوي ثلاثة سجائر أو إثنتين، وكوب زجاجي يحتوي قهوة باردة، وآرائك وجُدران بيضاء وساعة مُتعطلة وليل... المكان هادئ والجو بارد والهواء يهبُّ أحيانًا بنسيم بارد. يُحرك الستائر ويزيدني شعورًا بالتعب... أنا مُتعب جدًا
مُتعب من هذا الهدوء والضجيج البعيد، ويصعب علي الآن أن أقوم من مكاني... رغم كرهي الشديد لمكاني هذا، ما الذي ألمَّ بي؟!
إنني أشعرُ بشيء لا يُطاق، يعصرني بين جنبيّه!

كل شيء يبدو بلا لون، إنني أنزفُ من جرحي القديم، وأحاول لمس جرحي لأجده وأتعرف عليه... وأفشل!!
لماذا أنا هكذا؟ لماذا!!
لماذا كل الناس صاروا كريهين لهذه الدرجة؟ هل في عينيّ يكمن الخلل!!

أشياء لا تُكتب ورغبةٌ لا تُفهم...
كأن تكون الآن زهرة لم تجف أو طيرًا لم يسقط بعد، أن تجف كزهرة وتسقط كطير، وتنتهي القصة!
صحرائي واسعة ومُقفرة... لعلّ بي واحة، مكانٌ منسيّ يحوي شُجيرات وعين ماء!

ظلي سأم المسير وجسدي بات ثقيلًا، ظلي يتبعني مُرهقًا يصرخ بي أن كُفّ عن جريك وأسترح... للأبد إسترح!
لكنني لم أكتفي، ولعليّ لن أكتفي!
لماذا لا أُعلن فشلي وهزيمتي وأرفع رايتي البيضاء وأثمل وأنا أتملّى هزائمي بعيني الناعسة، وأبصق على كل شيء وأغمض عيني لأنام بلا غد!

لأستيقظ مرةً أخرى وأجدني تائهًا وخائفًا وجاهلًا بي وأتسائل بكل سذاجة: أين أنا؟
أعرف بأنني هُنا وأستيقظتُ للتو... وأذكر كل شيء بصورة جديدة أو أوضح، وأدرك ما في الإستيقاظ من آلام وأوجاع!
أنا سعيدٌ ومُرتاح البال، أقف على ربوة وأنظر للمدى الواسع أمامي. أنا سعيدٌ جدًا لأنني هُنا في هذا المكان الضيّق والخانق، وأتطلع ليوم أرحلُ فيه عن أسباب تعاستي، هل تعاستي خارجي؟؟
هل أنا سعيدٌ لولا الأسباب؟!

ليس ثمة رابح، كُلنا خاسرون في النهاية!
في كل يوم نخسر... نحن نعبر نحو النهاية عن طريق الخسارات!

لا تخافي،
 لن أخاف ولن أدعكِ خائفة!
نحن نخافُ وحدنا، وثمة غباء فادح في إفتراض فهم الآخرين (أيًا كانوا) لخوفنا!

من مُنتصف أو من نهاية، أبدأ! خوفي بات واضحًا، وتُرددي وقَلقي ومن ثم أُدرك كم أنا خاسر... لكَم خسرت، والآن أعلم بأن خساراتي إستمرت، لم تنتهي عندما تجاوزت أو تناسيت أيّ خسارة!
نحن لا نتجاوز، نحن نُغمض أعيننا، وننتظر مرور القليل من الوقت... والآن عُدنا كما كُنا، ما الذي كُناه؟
كُنا أطفالًا وكبرنا مع كل خسارة، لماذا الخسارة تُحاصرني بهذه الصورة؟ لماذا الصورة ليست واضحة؟!

حسنًا... في هذه الليله أنا فارغٌ تمامًا... فارغٌ كبيت مهجور وقد تخلّعت نوافذه وبابهُ مفتوحٌ على مصراعيه... وهذا لا يعني بأنني حزين أو كئيب أو سعيد... يعني فقط بأنني فارغ!
وفارغ يا أصدقائي تعني مقدار كبير من الألم والخوف والرغبة المُلحة والعجز المُطبق!
فارغ ليس لأنني عديم الفائدة وأجلس بلا أي عمل، فارغ لأنني كنت مُمتلئ بأشياء غادرتني على مهل!
الساعةُ تمضي، وأنا وحدي هُنا، معي الليل وعلبة سجائر، وكتابٌ مقلوب، وقهوة باردة...
وأنا وهالليل إصحاب، ما نَحكي، كُلُّ حديثنا صامت... ولا نعرف كيف هو الصمت؟
هل الصمت يعني النوم.. فُقدان الوعي أو الموت؟!
معي أيضًا، أشياءُ كثيرة... ليست موجودة لكنها تملأ مكاني... وتفيض!
بداخلي بُكاء أو شيء ما... بداخلي دموع تُريد أن تسيل!
لماذا لا أبكي؟
بدأتُ عامي هذا بالبُكاء، واليوم ذهبت للمزارع القريبة من القرية... الوقت قبل السابعة مساء، وهواءٌ ليس حار يهبُّ ويكاد يعصف، كان نهارًا حارًا... ووجدتني أسيرُ نحو حقول، وقفت شرق أحواض البرسيم، كتت أقف على الشارع، وكلبيّن أحدهما ينبح والآخر يبدو مُتعبًا أو حزين...
مشيت لليسار... واقتربت من أحواض الشعير.. حقل مليء بسنابل صفراء، الشمسُ وراء الحقل... والهواء يُحرك السنابل، أمامي موجٌ أصفر، للحظة كل شي تغيّر أو لا أدري.. لمحت سيارة بكب وحوضها مليء بالأطفال... وأحببتُ كل شيء

أبحثُ دائمًا عن شيء وأشيائي ليست كاملة دائمًا هُناك شيء مفقود وأجدني دائمًا أبحث عن ذلك الشيء... هل هو شيء؟ هل أنا بالفعل أبحث... أم أنني لا أدري!
أكتبُ كأني بصدد حديث... حديث مُهمٌ جدًا، لذلك تضيع من الكلمات، وأعلم بأنني أتحدث إلى اللاشيء!

ليتني أغادر هذا المكان!
الأريكة سئمت مني والجُدران أيضًا وحتى السقف بات حزينًا أو غاضبًا!
أين سأذهب؟ وهل سأحيا عبدًا للأماكن؟
هل سأتمكن من تمالك أعصابي إزاء سُخرية وغباء الوجود من حولي؟؟
ليتني... والليت ضعف! نحن ضعفاء... أنا ضعيف!
النحن... وأنا، أنا موجود أستطيع الآن لمسي والإحساسُ بي، أين النحن؟؟!

أنا يا أنا مُشبع جدًا بخيبات وخُذلان وخسارات وأنتصرتُ كثيرًا، لكنني أتذكر يا أنا وأحزن... وأمضي أحملُ فوق كاهلي أحزاني، وأُحاول الإبتسام! مُؤخرًا أُحاول تقبّل البكاء!
ليس البُكاءُ عارًا... نحن نبكي لأننا نشعر! وهذا ليس عار... حتمًا ليس عار!
لكنني الآن لا أحتمل خسارة مُمكنة وخيبة قد تحدث وخُذلان من المُمكن جدًا أن يُحاصرني... لطالما عشتُ تعاسات... لكنني الآن أنا ضعيفٌ ولا أحتمل، هكذا أشعر بصدق، ربما أنا واهم! أو لعلّني لن أقوى على حياة... لن أموت قريبًا أنا موقنٌ من ذلك، ولن أقتل نفسي... لأنني لم أعد أرتجي من هذه الحياة شيء، أنا أحيا كخالد ولا يحزنني موتي!

إلى اللقاء يا أنا... أين ومتى يحين اللقاء؟
 هي وداعات تتكرر، وحقائب تحمل أجملُ ما قد حدث وترحل نحو الضباب، الضباب لا يعني عدم الرؤية... الضباب يعني الضباب فقط!
أجملُ ما بي يُغادرني... أنا لم أتشبثُ به أم أنهُ سهل أم أن الأمر كله لا يعدو مرور... عبور... نهاية... ما الذي غادرني؟

تعالي وذوّبي صقيعي... كما عودتني!
لماذا تستسلمين الآن... لماذا لم تضعفي منذ البداية؟ لماذا نجتمع على موعد مع وداع؟
حسنًا، هذا الشعور أعرفه، وهو جديدٌ الآن، خائفٌ أنا... من أمسي ومن غدي ولا أقوى إلا على الاستسلام، على التظاهر ولبس القناع الذي ينزاح عن وجهي الحزين... وأقوم بتثبيته وأفشل، هو قناعٌ لا يثبت، يترنح ويُوشك على السقوط ولا يسقط... حسنًا انا بخير وتمام!

أُشاهد تفاصيل الأشياء وأبكيها رغمًا عني!

أُشاهدها دائمًا وأتعثّر دائمًا وأنهض... أخافُ تعثّري الأخير!

ثمة شعورٌ علويّ وآخر يهبط إلى أسفل نُقطة

نعي ونتألم أكثر، لماذا الألم يرتبط بالوعي؟

في التفاصيل ملامح حزينة، وفي كل شيء ثمة بُؤس وتعاسة!
أنظر جيدًا يا صديقي (الغير موجود) سترى كم هي حياتنا "مهزلة"، والحماقة التي قد لا نعيها هي رغبتنا بالإستمرار!
وكم نحنُ إستمرار للحماقة... ونحيا وهم الخلود، فثمة جِنان سنحيا فيها بلا قَلق من موت، ونحيا بلا تفكير نشرب اي شيء وللممنوعات أهمية خاصة ونأكل ما لذّ وطاب ونُمارس الجنس... هل ثمة وقت في الجِنان؟
هل للنوم أهمية... تلك الجِنان حتمًا ستكون مُملة!! وحتى الذين في حياتهم "الفانية" يفعلون ما قد يحرمهم الجنة... هم يُؤمنون جدًا بأنهم لن يدخلوا غيرها... الجحيم سيمتلأ ولكن بآخرين!!

أنا أشعر بأنني مهجور... كأن جسدي يخونني وفكري وكلي عدوي!
الملل السأم برود الأشياء وتكرارها
وبأنني ضعيفٌ أمام هذه الحياة...!

سأبقى حيث العاصفة الهوجاء، لن أتراجع نحو السلامة...
سأنتحر ربما في يوم ما، لكنني سأنتحر وأنا سعيد!
لن أموت قبل موتي، ولن أستسلم إلا بموتي... ليس لي إله وشيطاني مات، وأنا أكتب هذه الأسماء(إله... شيطان) أشعر بسخافتها... فكيف من المُمكن أن أؤمن بما هو سخيف!
سأضعف وسأحزن وسألمسُ وجودي البارد وسأبكي خوائي وإمتلائي... لكنني لن أستسلم إلا بموتي!

خلع الرداء، وضعه على الشمّاعة
الآن هو عارٍ وخفيف... الرداء ثقيل وخشن!

سقط الرداء،
 لم يسقط أصلًا،
لأن الشمّاعة ليس لها وجود!

في بلادي أموت ببطئ!
هو شعور يزداد كل حين، شعورٌ بأننا لا نملك من أمرنا شيئاً
بأن بلادنا إستحالت مقابر وسجون وسوق من الفوضى والعبث!
هُنا ثمة هدوء الخائفين... وسكوت الضعفاء... أو الذين يُريدون السلامة، ولكن من الواضح بأن الظلام هُنا يزداد، ليس هُنا نور!
نتكاثر ونزداد موتًا
 أموات يخافون الموت وكل شيء، وكل شيء هو الله!
الأوطان باتت لا تحتمل أبنائها... والأبناء ليسوا إخوة كما يظنون!
وحياتنا نزوة أو خطأ، والثمن هو اللاجدوى، لخمسين... ستين... سبعين عام!
علينا حتمًا أن نقف فورًا، أن نصرخ وأن نُدمر هشاشتنا، لعلّ الدمار يُحيينا،
للأسف نحن أدوات وضحايا وجودنا اللعين... ونحن المسؤولين أيضًا، عن سكوتنا وإغماض العيون وصمّ الأذان!

الملل والضجر يملأني... يملأ مكاني حتى تنفسّي ثقيل!
الأيام تتشابه وأنا مسجون هُنا... لماذا لا أترك هذه الأماكن وأطير!
أنا الذي يقتلني بهدوء، والذين أعرفهم يُثقلون أيامي بوجودهم الهشّ والثقيل!

كيف سأكتب تلك الكلمات التي تتجمع في حلقي وتتزاحم ولا تخرج، تبقى هناك عالقة ومؤلمة!

هل صارت الكتابة كلامي؟
لذلك صار الكلام اليومي ثقيل وصعب!

كيف للكلمات المكتوبة أن تُعبّر وتصف شعورًا كالذي يراودني الآن؟
يراودني الآن ومنذ فترة شعور قوي بأنني لست أنا... لذلك أنا أبذل قصارى جهدي لأعرفني... لأواجه خوفي وقَلقي المُستمر... لأعرف حقيقتي!

في كل صباح، أستيقظ بعد نومي لساعات وأقضي وقتي مُستغرقًا في اللاشيء، وأحاول في كل يوم أن لا أغرق في ذلك الشعور المُظلم بالملل والسخف والحماقة!
وفي كل يوم أشعر بتسربي من الحياة، أتسرب كقطرات وأترك ورائي فراغًا وخواء فظيع!


‏يومًا ما ستلتفت لحياتك التي تركتها وأنت تتقدم نحو اللاشيء...
 اللاشيء أمامك، وورائك حياة كاملة ستبصق عليها ربما.. وستُدرك "سخافة" كل شي بعد فوات الأوان!

هذه شعوبٌ لن تثور!
ربما لأنها تواطئت مع الحياة وقررت الرضا والتسليم بواقع الحال!
أو لأنها تشرّبت الخضوع والإستسلام والخوف، حتى صار النهوض أو مُحاولة التغيير ضربٌ من الإنتحار أو الجنون!
هذه شعوبٌ مقهورة وبات القهرُ ربّها... وهُناك فيما بعد هذه الحياة سيأخذ كل ذي حق حقه!

الجنةُ هي دار الجميع، والجحيم كذلك، الرب سيحتار حتمًا!
يعيشُ الإنسان خائفًا وخانعًا... لأب لمُدرس لأزعر ما لمسؤول، وكل هؤلاء يتألهون... يمارسون دور "الله"!
الله رحيمٌ ومُستبد، إزدواجية سخيفة!

الشر ليس إلا شيطان، والإنسان ضحية، والله هو المُخلّص... لله أبناء لهم حظوة وإمتياز، ولهم أن يعيشوا معبودين... من مخلوقات أوجدها الله لذلك الغرض!
 آه كم هو الأمر غبي وسيء!

إنني بحاجة ذلك الصبح البعيد عندما تُشرق الشمس وتبدأ العصافير بالتحليق... السماء ليست صافية، ثمة غيمات بعيدات عن بعضهن، والهواء بارد... وقهوة في كوب ورق، بخار القهوة يتصاعد، ورائحتها تعبق، وصوت فيروز يُناجيني... والمكان فارغ من البشر، وأسفل شجرة أمامي ينام قط!
يُنهض رأسه ويتلّفت، ويعود... تتحرك الأغصان مع هبّات الهواء!

إنني لم أبحث يومًا عن أحدهم، ليأتي ويملأ عالمي... لم يكن عالمي فارغًا!
وقد أستغرقتُ في وحدتي كثيرًا، إنني تجاوزت حاجتي للآخرين... وبات وجودهم يبعثُ في نفسي إحساسًا كريهًا...
 إقترابهم يزعجني، ويستفز بي رغبة الهرب أو القسوة!
لستُ وحيدًا...
 والإتكاء يعني الضعف، والضعف هو موتٌ فظيع، ما لم يُدرك الضعيف سوء الإتكاء!
علماء الاجتماع يقولون: إن الإنسان حيوان إجتماعي! وأنا أقول: إن الإنسان أحمق ويبحث عن مُبررات لوجوده، وضعفهُ ما هو إلا حالة نكوص نحو الطفل الخائف من كل شيء، واللعنة على علماء الاجتماع!
علاقاتنا زائفة، ونُمارس أدوار مُتناقضة، وندّعي دائمًا بأننا مخذولون.. نحن بحاجة ذلك الشعور بالخُذلان، لنستسلم لإفتراضاتنا، بأننا "ضحايا"!
مَن المُذنب؟ لا أحد، وكلنا ضحايا ومُذنبون وحمقى!

هُنا مُتدينون وفارغون ومرضى!

هُنا يسخرون من أوجاعهم بسخافات... يغضبون بخوف... ويخافون حقيقتهم!

هُنا الموت ولا غير الموت!

وعندما أسهو أو أجلس وحدي ودائمًا أجلسُ وحدي... أجدني وقد غرقتُ في مُحيط أفكاري،
 ليست أفكار إنما مشاهد وأشياء تغلي على مهل وتستمر حتى تضعني مُرهقًا أمام أسئلة صعبة... لابد من إجابات، وأعجز حتى عن التفكير بإجابة!

الأشياء تبدو أكبر كلما إقتربت منها، هذه حقيقة بديهية!