الأحد، 25 نوفمبر 2018

عاجزٌ تماماً. وكُلما حاولت جمع شتات أفكاري تزدادُ حيرتي إستعاراً ؟ ما الذي ألمَّ بي ؟ لا أعلم...
ما يُعزيني فقط هو إمتلاكي القُدرة على الوحدة ورغبتي الجامحة-الدائمة للإنعزال والابتعاد عن ضجيج الحياة وإزعاجها..!
ولكن؛ حسناً أنا أشعر بأنني أتشظى.. او كوصفٍ أدق أنا أسمع وَقع تحطمي ولا أملك سوى الإستماع، وأُذكر نفسي بإمكانية إستمتاعي لسماع تحطمي على الأقل..!

هل الحياة، أو لحظة الآن دائماً صعبة/سيئة والأجمل هو الذي ذهب أو الذي نأمل منه أن يأتي ؟
كل البدايات جميلة... كل الصباحات جميلة، وكل مساءٍ حزين. والليلُ صاحب الوحدانيين والمُنعزلين، الذين يُناجون كل شيء إلّا البشر..!
البشر، نحن الذين نملك في رؤوسنا مصدر عذابنا الوحيد ! ونحيا وهم التفوّق، ونحزن كثيراً لموت أحدنا ! هل نحزن أو حزّنا، لجفاف شجرة، او موت قطّة او كلب او سمكة ؟؟ وحدنا نستحق الحياة، او على الأقل نحزن ونأسف لإنتهاكها.. إنتهاك حياتنا، ولو بفعلٍ ربانيّ او بفعلنا!

حسناً، لم يعد بإمكاني مواصلة الكتابة.. مع أنني لم أكتب ما أُريد أو لم أستطع صياغة ما في رأسي من أفكار تفتعل ضجيجاً (مُؤلماً) في سجنها... في رأسي!
ليلة سعيدة للكئيبين المُنهكين، تصبحون على واقع جميل مهما كان سيئاً.. وصباح لا يحتاج لأمنيات ليكون صباحاً سعيداً !

الخميس، 22 نوفمبر 2018

كان يقف بمُحاذاة الباب الضخم والمفتوح دائماً.
يقفُ ساهماً وكشجرةٍ باسقةٍ إنحنت مع مرور الوقت، بدا كاهلهُ الذي إنحنى وتقوّس قليلاً. 
هو حارسٌ لهذه البلدة التي أصبحت مؤخراً غريبة ومُوحشة بشكلٍ لا يُصدق، يحرسها منذُ ثلاثةِ عقود. 

في الليل، وبعد إنتشار الهدوء في الأرجاء، يُشعل النار في سطل زيت مُثقّب بشكل طولي، ويجلس خارج كوخه ليحرس بلدةً نامت بعد يومٍ شاق!، 
في الليل ينامُ بشكل مُتقطع، وإن أردنا الحقيقة هو لا ينام ولو أغمض جفنيّه، وعَلا صوتُ شخيره المُتحشرج، 
وحول مائدة العشاء، تحلّقت عائلةُ سعيد الصغيرة، زوجته وإبنته وولديّة، سعيد يكاد ينغمس في النوم، والليل في أولهُ، وبعد أقلّ من ساعة سعيد نائمٌ بعُنف، عنيفٌ في نومه لأنه أمضى يومهُ حمّالاً للاثقال في سوق البلدة المُزدحم، 
كانَ يسير بإتجاه المسجد القريب، عندما لَمح شبحها. توقف، وتلّفت في كلّ الاتجاهات، قبل أن يحلقَ وراء هيئتها المُدبرة، ترتدي سواداً وتضعُ فوق رأسها دفتر... وتجري كأنها تهرب من وحش، 
"الصلاةُ خيّرٌ من النوم..."، وتنبّه من غفوته اللذيدة، واستسلم لخدر الناعسين، وقامَ مُتثاقلاً ليتوضأ... الجوّ بارد بل قارس، وتخيّل إستحالة انتهاء اللحظة، وبدأ يملأ إبريق الوضوء من ماء حنفية السبيل، 

عشرون عاماً.. بل ثلاثون. ما الفرق ؟ قبل... عام كُنت شاباً وهاانا أكاد أسقط في حفرتي المُظلمة ! عشرون عاماً او ثلاثين، منذ كنت اربعينيا يُعاني من ضغط الدم وأعراض الروماتيزم، واليوم لا أعاني فقط من مرض خبيث...!
ما الفرق، بين ولادتي واحتضاري القريب !، 
وأمسك عصاه، ومضى نحو بيته لينام قليلاً. 
كم نموت في حياتنا ؟ عفواً، كم ننام ؟ 

وصلا مُفترق طُرق، هي توقفت عن الجري أو الهرب، وهو كذلك توقف على بُعد سبعة أمتار منها ! إلتفتت والتقت عيناهما، ولم يلتقيا بعد ذلك أبداً؛ هو ذهب للقتال في جبهات الشمال، وهي تزوجت من إبن عمها العائد من بلاد الواق واق.! سبعة أمتار، كسبعة أعوام عاد بعدها الجُندي، يحمل فوق كاهله عبء الحياة وجدواها وغايتها ومُنتهاها، عادَ يائساً من كل شيء، فقد تلاشى إيمانهُ تماماً، وتصحّرت أرضه، وصار البردُ ساكناً فيه لا يَبرحهُ، هل بدأ عذابه يوم لحاقه بهيئة الهاربةُ منه ؟ لو أنه لم يلحق هل كان سيطمئن قلبهُ كالعادة عندما يخرج من باب المسجد ؟ لو أنهُ...

كخطيئةٍ أرتكبها داعرٍ أو عاهرة، تبدو الحياة.

في غَمرة إنشغاله المحموم، كانت الأفكار التي يُجاهد حَرفياً في إبعادها عن وعيه، تُحاولُ إحتلالهُ وإسقاطه في وحلها اللزج والعميق. 
أفكارٌ مُتنوعة، ولكنها تتشابه... تتشابه في صعوبتها واشياءٌ آخرى لم يُدركها العقل البشريُّ بعد!. 

أسئلةُ الـ "لماذا ؟" هي التي ولّدت قَلقنا الوجوديّ وبحثنا عن أجوبة حقيقية جعلنا نُبحر في مُحيط اليأس بلا قارب، وكان وما زال سبب بؤسنا، هو الأمل بالوصول لميناء او شاطئ نجاتنا ! 

الساعةٌ تعمل، والأصوات بعيدة لكنها مُزعجة... كلّ الأصوات يُمكن تحمّلها إلا أصوات البشر البعيدين والقريبين أيضا... والهدوء الدائم ليسَ إلا عاصفةٌ هوجاء تقترب... وأنا أهذي، وعربيدٌ ما ينتشي فوق جُثة إمرأةٍ كانت قبل قليل تتأوه وجعاً أو شَبقاً...!

أنا أهذي، وطفلٌ يموتُ جوعا، هكذا ببساطة، وآخر بسهولة يموت لأنه لم يجد علاجاً أو وطن يحتضنهُ ويُخفف من أوجاعه... هكذا ببساطة !
تعتقد بأن الحياة قد تُنصفك، تُعاملك بما تستحق، وتنسى او لا تعلم بأن الحياة، هكذا ببساطة مُجرد "خطيئة" أُرتكبت بشكل عادي وبلا أدنى شعور بذنب..!

الساعةُ تعمل. وأنا ما زلت أهذي... والعطش يشلُّ اركاني وأنا جائعٌ جداً، وأعلم بأنني لن أشبع...!

وأعلم بأنني مُجرمٌ بشكلٍ او بآخر. 
لماذا لا تموت الساعات ؟ 
ولماذا بتُّ أكره إنسانيتيّ ؟ وأكره أن أرى جرواً مات ولم تُقم عليه أمهُ حِداداً وجنازة ! هل الآباء (الحيوانات) لا يملكون أدنى مسؤولية في العناية بأبنائهم ! أم أن الأمر بسيط... وأنا أهذي فقط ؟

في الخارج الأمر مُختلفٌ كُلياً. أنت هُنا في عالمٍ آخر، عالمٌ خاص. تسلل إلى الخارج، وأقتلع بعض الأغصان النضرة، وأشعل أوراق اللوز الخضراء، ونمّ على صخرةٍ... النار لونها أزرق سماويّ ! وسماء النهار الوردية ملئيةً بالنجوم الضخمة والصغيرة جداً. 
والشمس حمراء، والقمر أخضر داكن. والتراب لونهُ رماديّ... والنهر ذو اللون الأصفر لا يجري، والصحراء تلوحُ في الأفق، وورائها يبدو الجبل الأسود شامخاً، كإلهٍ ما... وأنت تستيقظ للتو. تُمسك هاتف «الصارخ» لتطفئه او تُحطمه... تُسكته وتضعه جانباً. تُغمض عينيك وتتخيل عودتك للنوم... تقوم في الحال. تترنح في مشيتك. تكاد تسقط ولا تسقط بل تدخل الحمام لتخرج بعد دقيقتين وقد غسّلت وجهك جيداً. عيناك بل وجهك كلّهُ مُتورم.

ترتدي ملابسك العمليّة. وتنسى وضع القليل من العطر، وتتذكر جوع بطنك، ولا تملك وقتاً، لإختلاس -أي شيء يُمكن أكله-. بالفعل منذ خمس دقائق تنتظر قدوم الباص. وها أنت تجلس في المقعد، وتهتز مع اهتزاز المركبة. ذهنك صافٍ وعيناك ذابلتان. وأنت ناقمٌ وغاضب، لا تعرف على مَن بالضبط ؟!

وكسجين مُقيد، ويجلس في حَضرة مُحقق حقير... لا تملك سوى الاستسلام، لسماع برامج الصباح المُقرفة وإعلانات المذياع المُبتذلة، وروائح الناس من حَولك تُصفعك حيناً وتُدغدك حيناً آخر... وتصل إلى وجهتك، مُجهداً، تنزل كمولود او كسجين تم الإفراج عنه... وترى بأن كل شيء يبدو غريباً... غريباً جداً. 


الثلاثاء، 20 نوفمبر 2018

كخطيئةٍ أرتكبها داعرٍ أو عاهرة، تبدو الحياة.

في غَمرة إنشغاله المحموم، كانت الأفكار التي يُجاهد حَرفياً في إبعادها عن وعيه، تُحاولُ إحتلالهُ وإسقاطه في وحلها اللزج والعميق.
أفكارٌ مُتنوعة، ولكنها تتشابه... تتشابه في صعوبتها واشياءٌ آخرى لم يُدركها العقل البشريُّ بعد!.

أسئلةُ الـ "لماذا ؟" هي التي ولّدت قَلقنا الوجوديّ وبحثنا عن أجوبة حقيقية جعلنا نُبحر في مُحيط اليأس بلا قارب، وكان وما زال سبب بؤسنا، هو الأمل بالوصول لميناء او شاطئ نجاتنا !

الساعةٌ تعمل، والأصوات بعيدة لكنها مُزعجة... كلّ الأصوات يُمكن تحمّلها إلا أصوات البشر البعيدين والقريبين أيضا... والهدوء الدائم ليسَ إلا عاصفةٌ هوجاء تقترب... وأنا أهذي، وعربيدٌ ما ينتشي فوق جُثة إمرأةٍ كانت قبل قليل تتأوه وجعاً أو شَبقاً...!

أنا أهذي، وطفلٌ يموتُ جوعا، هكذا ببساطة، وآخر بسهولة يموت لأنه لم يجد علاجاً أو وطن يحتضنهُ ويُخفف من أوجاعه... هكذا ببساطة !
تعتقد بأن الحياة قد تُنصفك، تُعاملك بما تستحق، وتنسى او لا تعلم بأن الحياة، هكذا ببساطة مُجرد "خطيئة" أُرتكبت بشكل عادي وبلا أدنى شعور بذنب..!

الساعةُ تعمل. وأنا ما زلت أهذي... والعطش يشلُّ اركاني وأنا جائعٌ جداً، وأعلم بأنني لن أشبع...!

وأعلم بأنني مُجرمٌ بشكلٍ او بآخر.
لماذا لا تموت الساعات ؟
ولماذا بتُّ أكره إنسانيتيّ ؟ وأكره أن أرى جرواً مات ولم تُقم عليه أمهُ حِداداً وجنازة ! هل الآباء (الحيوانات) لا يملكون أدنى مسؤولية في العناية بأبنائهم ! أم أن الأمر بسيط... وأنا أهذي فقط ؟

في الخارج الأمر مُختلفٌ كُلياً. أنت هُنا في عالمٍ آخر، عالمٌ خاص. تسلل إلى الخارج، وأقتلع بعض الأغصان النضرة، وأشعل أوراق اللوز الخضراء، ونمّ على صخرةٍ... النار لونها أزرق سماويّ ! وسماء النهار الوردية ملئيةً بالنجوم الضخمة والصغيرة جداً.
والشمس حمراء، والقمر أخضر داكن. والتراب لونهُ رماديّ... والنهر ذو اللون الأصفر لا يجري، والصحراء تلوحُ في الأفق، وورائها يبدو الجبل الأسود شامخاً، كإلهٍ ما... وأنت تستيقظ للتو. تُمسك هاتف «الصارخ» لتطفئه او تُحطمه... تُسكته وتضعه جانباً. تُغمض عينيك وتتخيل عودتك للنوم... تقوم في الحال. تترنح في مشيتك. تكاد تسقط ولا تسقط بل تدخل الحمام لتخرج بعد دقيقتين وقد غسّلت وجهك جيداً. عيناك بل وجهك كلّهُ مُتورم.

ترتدي ملابسك العمليّة. وتنسى وضع القليل من العطر، وتتذكر جوع بطنك، ولا تملك وقتاً، لإختلاس -أي شيء يُمكن أكله-. بالفعل منذ خمس دقائق تنتظر قدوم الباص. وها أنت تجلس في المقعد، وتهتز مع اهتزاز المركبة. ذهنك صافٍ وعيناك ذابلتان. وأنت ناقمٌ وغاضب، لا تعرف على مَن بالضبط ؟!
وكسجين مُقيد، ويجلس في حَضرة مُحقق حقير... لا تملك سوى الاستسلام، لسماع برامج الصباح المُقرفة وإعلانات المذياع المُبتذلة، وروائح الناس من حَولك تُصفعك حيناً وتُدغدك حيناً آخر... وتصل إلى وجهتك، مُجهداً، تنزل كمولود او كسجين تم الإفراج عنه... وترى بأن كل شيء يبدو غريباً... غريباً جداً.


الاثنين، 19 نوفمبر 2018

صديقي الله... أنت غير موجود بشكل حقيقي لأضمن سماعك لي او قراءتك لكلماتي هذه... أنت لست صديقي لأنني لا أعرفك جيداً، لنُصبح أصدقاء. ولستَ عزيزي ولا أستخدم كلمة "سيّدي" في حديثي مع الآخرين أبدا... اوووه لماذا كل هذا التبرير..
الله... أنت الذي أعرفك ولا أعرفك، هُنا أنت مسؤول عن كل شيء حَدث ويَحدُث وسيحدث، الناس هُنا يخافون منك جداً... هل أنت مُرعب لهذه الدرجة ؟ كيف أدخلت هذا الرعب في نفوسهم ؟؟
مَن أُحدّث أنا ؟ أنا لا أهذي ولا اُعاني من ذُهان افقدني صوابي وجعلني أرى ما هو غير موجود !
حسناً... الله هو الموجود اللامرئي، لذلك حديثي معهُ حقيقيّ، وعندما أحدثه فأنا أتحدث لموجود يُنصتّ ويَعي، يا الله هُنا يتحدثون عنك كثيراً... كثيراً جداً، بل يتحدثون بلسانك... مثلا هل أنت قلت: كهيعص او وانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع او القارعة... ما القارعة ؟ وما أدراك ما القارعة ؟ هل أنت من كَتب هذا السجع والحشو المُفرط في النصّ... الشعري؟ 
يا الله أنا أكرهك بقدر حُبي لك، أنا أعرفك جيدا بل ولم أتخيل في لحظة بأنني قد لا أؤمن بوجودك...! أين أنت ؟ الجميع هُنا يخافونك ويُحبونك وأنت لم تظهر سوى في الكتب والمعابد والأحلام !
كيف نعرف شيء ونحن لا نعرفه ؟ كيف نؤمن باللاشيء ؟ 
يا الله، يقولون بأنك الخالق، والبارئ، والمُصور، وبأن لك أسماء... أسماء حُسنى عددها تسعاً وتسعون! هل كنت عاجزاً عن اكمالها مئة أسم ! لا تزعل إنني أُمازحك، ههه أنت تُعاقب بالحرق والتعذيب إن زَعِلتْ..! وتُجازي المؤمنين بوجودك بجِنان فيها كل شيء.. تحديداً أنهار من خمر ولبن وطبعا ماء زُلال ونساء فاتنات ووِلدان مُخلدون، هل جنانك مواخير ؟؟

هل كل الذي تريده هو إيماننا بكَ... آمنا بك ما الذي تغيّر ؟ هل خلقت العالم والكون أجمع سواءً في ستة أيام او عشرة او لحظة، من أجل أن تكون سيداً لمليارات العبيد !! هل أنت ساديٌّ ومهووس لهذه الدرجة ؟؟ مَن أًحدّث ؟ لا يوجد من حَولي سوى جُدران وأرائك وصوت تلفاز يأتي من الغرفة المُجاورة... أين أنت يا الله هل أنت في السماء كما يقولون ام أنت مُجرد وهمٌ لذيذ يسكن الرؤوس ؟؟

الاثنين، 12 نوفمبر 2018

كلّ الأماكن غريبة وباردة، وكلّ الوجوة رمادية وقاتمة.. لماذا كُلّ هذا الإكتظاظ والسعي ؟؟

عينيّ رماديتان وفيهما سوادٌ قاتم، والغُربة تسكنني وتُحيلُني جليداً لا يذوب...!

لا أرضى بإنسانيتي الحيوانية، ولا أقبل فوضى النظام الرتيب...! لذلك لا أحيا مُطمئناً في الإكتظاظ والسعي مع الساعين !!

لستُ أنا مَن كَتب، أنا عدة أُناس في جسم واحد! وكلّ حين اتفاجئ بجديد. 
يدي ترتجف، ويملكني خجلٌ رهيب، وأنا جسورٌ ومُتمرد وعبد وقائد ومُنهزم يسعى جاهدا للإنتصار !
أنا... محضُ طفلٍ يكره العالم كُلما نضج ! بالمُناسبة «نضوجاتي» المُتتالية لا تعني إطلاقاً نهاية طفولتي... تعني بأنني طفلٌ يهرم، وما أقسى الطفولة في عالم مليء بالكبار والبالغين !!

كانت في كل ليلة، عندما تخلد للفراش، تتأمل الصورة وتراودها رغبةٌ جامحة في حرق الهاتف الذي يحتوي تلك الصورة، لكي تتخلص من عبء ثقيل ترزح تحت وطأته! لا تحرقه ولا حتى تُغلقه او تحذف تلك الصورة، تضع الهاتف بجانبها وتتغطى بلحافها وتنام بعد تفكير طويل...!

وقد كان ينامُ منذ ساعة تقريباً، ينامُ كميت! فهو لم ينم بشكل حقيقي منذ يومين، وها هو يدفع الثمن. يعودُ من العمل المُضني الذي يستنزف ساعات نهارة وبضعة ساعاتٍ من ليله، وقد أُنهك تماماً ولا يملك سوى الاستسلام !

استسلمت المدينة، ورفعة راياتها البيضاء. وقبل المغيب كانت الرايات قد تلوّنت بالأحمر القانيّ.. والشوارع باتت مهجورة وكئيبة ومُظلمة... وفيها لونٌ أشبه بالرماد لا يُرى لكنهُ يُحسّ بإحساسٍ غامضٍ مُريب!، 

عادت وقد تغيّر شكل الحي، فعمارة الإسكان باتت مهجورة ومُدمرة، ومُزينة بثقوبٍ عميقة. والأشجار إختفت، والشارع ... الشارع بات مأوى للكلاب الضالة...

الجُثث... الجُثث لا تُدفن، هل تغيّرت العادات ؟ 
ولم يعد هُناك فرق بين جُثة كلب مات مدهوساً، وتم التعاطف معه بإلقاء جثمانه بجانب الطريق، وبين جثة إنسان لم يتعاطف أحد معها لتُلقى بجانب الطريق... يا للعار !!

وهي تتهادى في الطريق الفارغ المُظلم، عائدةً من بيت آخر زبائنها، وتحمل في حقيبتها مئتي دولار وزُجاجة عطر وكيس مليء بالواقيات الذكرية وعدد من الجوارب الطويلة الشفافة... وهوية شخصية وصورة لطفلة تبتسم. 
كان رأسها مليءٌ بالضجيج وفي عينيها أثقال ودموع حارة... هي علامات الإفراط في شُرب الكحول، وفي أنفها رائحةٌ نافذة ممزوجة بروائح عديدة ومُتناقضة، أبرزها رائحة المنيّ الذي قُذف على وجهها عدة مرات في هذه الليلة...! وصلت حيث شقتها، خلعت حذائها ذو الكعب العالي، ودون أن تُبدل ملابسها، رمت بجسدها فوق سريرها الذي أنَّ من تحتها وراحت في غياهب النوم...!

في جُنح الظلام، كان الليلُ ساكناً والمكان بدا وكأنه توقف عن الوجود، في تلك اللحظات كان أحدهم يُحاول بيأسٍ شديد، إيجاد وجبة طعام... لا بل بقايا أي وجبة شبع صاحبها قبل إتمامها ولم يضعها في سلة المُهملات، وَجد كيساً فيهِ بقايا فطيرة بيتزا وعلبة عصير فارغة، أكل البقايا ورمى الكيس في سلة المُهملات، وراح يبحث عن مكان مُناسب للنوم، 

عندما صَعد للحافلة، وجلس في المقعد الفردي، بالقرب من الباب، تنفسّ الصعداء، واوشك على تقبيل رأس السائق... لأنه منذ ثلث الساعة وهو ينتظر قدوم أي شيء يُقلّه... ليصل الجامعة ليحضر المُحاضرة... غير المُهمة، أزمة المرور الصباحية، تُخبر الجميع بأن المشي او الركض نحو الوجهة خيرٌ من إمتطاء الحافلات...!



الجمعة، 9 نوفمبر 2018

فتاة البرزخ (6)

وقد كُنتَ لي كليلي الطويل ومَسيري الصعب. وقد كنتُ أنا دائماً راحلةً مُودعة. دائما أحمل حقائبي ومتاعي الثقيل فوق ظهري واسيرُ في طُرقٍ مُتعددة وكثيرة، بعضها مُوحشٌ جداً.. 
وبعضها مليءٌ بالمُنعرجات والالتفافات والصعود والهبوط.. متاعي كانَ وهماً.. لم يكن شيئاً محسوساً أبدا.. كان دائم الشفافية، ثقيلٌ كلما زاد في عدم وجودة !
لكنني الآن ما زلتُ في سفري أحمل متاعي وحقائبي صار لونها رمادياً ! 
أتغيّر كلما تقدمت في سيري خطوات، وانتكسُ كلما هاجمتني ذكرى قديمة ! ودائماً انتكس! أنا طفلةٌ لم تتجاوز العشرين تنحني فوق قبر وليدها الشيخ الهَرم ! لا تبكيه إنما ترثي نفسها، وتبكي حصنها المنيع أمام رياح المنيّات المُفاجئة !
لا أدري كيف ؟ 
كنت أمشي في ظلام بين أشجار طويلة لونها كئيب. وأمامي طريقٌ طويل، والضباب من حولي كان كثيفاً وبعيداً وقريباً !
الشمسُ ! أيّنها ؟
لم تُشرق بعد ؟ ام أنها تحتجبُ عني !

***

....
كان يوماً خريفياً بإمتياز، وكانت الشمس توشكُ على المغيب. وكنتُ أغيب او اتضائلُ رغماً عني !
....
في حديثي معها لم أتحدث بما أريد ! كنت لا موجودة وأضحك بلا إنقطاع، قطرات ماء انبجست من عينيّ، هل كنت أبكي من شدّة الضحك؟ 2018/3/7
....
يا أمي كيف لي أن أحيا وأنا أعلم بأنني أنتهي ؟
لن احتمل -وأحتمل رغماً عني- ظلام الليل وحرارة النهار، زمهرير الخارج واختناق الداخل !
وكان لا يدري كيف حدث... كل شيء ؟ لماذا لا يموت لينتهي كل شيء ؟ لينتهي من ألمٌ شديد وضيق يبدو ابدياً ولا يدوم ! لعلّ الطفل لا يفهم ! ولعل الجائع يشبعُ من النظر والخيال الجامح ! ولعل الأم لم تُنجب سوى أموات ! ،وماتت في مخاضها الأول ! ولعل الصفعات لم تسقط على الوجوة الغافلة والآمنة! والنائمين متى يستيقظون ؟ بلا ضوء أو نهار !
بلا ضجيج وصُراخ ! متى يصمت الضجيج الصارخ؟؟

***

اليوم كان مُتعب وصعب. وفي هذه اللحظة أدركت بأنني تغيّرتُ.. كثيراً !
لا أعرفني ! فكيف لي أن لا أتوه وأضيع ؟
المُهم، أنا الآن في فراشي الدافئ، وأشعر بجسدي المُنهك وقد تعافى بعد الحمّام الساخن، وكأنه طفلٌ أُهديت له لُعبةً (طالب بها بإلحاح).
.....

الجهل أساس الشرور والمصائب، والمعرفة هي الترياق الثمين. لا أدري من أين/كيف جائت هذه الحكمة التي املاها عليّ عقلي.. ؟؟
ــــــ•ـــــ•ــــ•ـــــ««

نهاية القسم الأول من "فتاة البرزخ"، 11:30م، 2018/10/15
هاشم عبدالله الزبن





فتاة البرزخ (5)

أنا آسفةٌ (جداً) ! للكثير...

لوسادتي وفراشي وغرفتي (ذات الفوضى الأبدية). لصوت أمي المبحوح وإنكسار عينيّ متسوّل يفترش الرصيف !
لساعات نومي وأرقي. لجسدي المُنهك واسترداد طاقتي (بعد نومٍ عميق)!
لرغبات تبيّن لي بأنها مُستحيلة. ولأمور/واجبات/أفعال تمّ فرضها عليّ!
لسعادة/فرحة/ضحكة أجلّتها. ودمعة حبستها. وكلمة خنقتها. ونظرة حطمتها بإغماض جفنيّ. ومُغادرة مكان/لحظة بإرادتي الملعونة ورُغماً عني !
آسفةٌ لغضون/تجاعيد وجه أبي وحُزنٌ/خوف يُلّون وجه أمي! 
لقميصي الذي لم يعدّ يُناسبني، وبنطالي الذي ضاقّ وتجعّد وبهت لونه! 
لرأسي الذي أحجبه عن العالم. وجسدي الذي أخجل منه وأُداري سوئته!
لأحدهم، ذاك الذي بنيتُ بيني وبينه حاجزاً (من اللاشيء)، وذاك الذي حاولتُ مراتٍ عدة لفت انتباهه ولم ينتبه! لم ينتبه!!.
 للفُرص السانحة والضائعة. للفشل الذي يظهر من نجاح، ولنجاح بدا كفشل ذريع!
......
ذات صُبح. إستيقظتُ للحياة من الموت، لابدأ يومي طفلة.. رضيعة.. مُجرد هيكل عظميّ يكتسي لحماً. 
ذات ليل. لم أنم، بقيتُ مُستيقظة حتى أعتاب الفجر، وارتميتُ في فراشي، ونمتُ مع بزوغ الشمس. واستيقظت عندما أذن العصر، وكنت سعيدةٌ لتلك الفوضى. 
أحزن لحال مكان ما. وأبكي لمنظر أشجار مُهملة، وجدران توشكُ على التهدّم! أعشق تفاصيل زاويةٍ ما، كحديقة جميلة لكنها قذرة! كبركةٍ لم يجفّ مائُها بعد، مائُها الذي صار نتناً بلون أخضر!
قبل يومين ودّعت دفتري وكسرتُ قلمي. واليوم أُنهي أيام عزائي.. واذهب حيثُ «الضريح» أضع عليه (من باب الإتيكيت) بوكيه من الورد الثمين. وابكيه (من باب الندم)!
مرتين... حاولتُ قتلي! لمَ لا أقول حاولتُ (الانتحار) وفشلت أو كنت أجبن من أن أفعل (رغبتي) على أكمل وجه!
قبل عام تقريباً، صعدتُ أعلى العمارة، وبكيت على الحافة! وقبل أسبوع "اشتريت علبة دواء لاتناولها دفعةٌ واحدة" كنت أرغب بالشفاء السريع، في آخر لحظة رميت العلبة في سلّة القُمامة.. وبكيت! 
في المرتين، بكيتُ ضعفي. وفي المرتين قمتُ بعد بكائي كأنني غيريّ!
تغيّرتُ كثيراً. أعلم ذلك! وأعلم بأنني لم أعد أبكي! 

***

يومٌ جديد. الخامس من شباط/فبراير أيّاً كانَ أسمه، بالفعل هذا يومٌ جديد! ليلة الأمس، تم الإفراج عني! أما أين كنت مسجونة ولماذا ؟ فهذا ما لا أستطيع الإعتراف به.. حتى لنفسي!
2018/10/13 

فتاة البرزخ (4)


2017/12/31..قبل مُنتصف الليل، قبل بداية العام الجديد.. قبل النهاية. 

منذُ يومين لم أخرج من البيت.. لم أُغادر غرفتي الّا لتلبيّة نداء عائلي او لتناول وجبات الطعام او لقضاء حاجتي، وكنت أرغب بشدّة بأن "تندثر/تموت" أسباب خروجي من... غرفتي حيث اعتصم!

لا يوجد "أفظع" من شعور "الاغتراب المُفاجئ"، فجأة تكتشف غُربتك وبأنك محضُ "مجهول" ! 
نعم، محضُ مجهول.. سراب.. معالم تتخفى في ظلام.. نورُ ساطع.. وشيء لا يُلحظ كمزهريّة في زاوية غرفة !

***

وكان وجهُ "سعد" حاضرٌ دائماً.. وجهٌ مُبتسم ومُطمئن.. وكنت أقرأ "في ديسمبر تنتهي كل الأحلام"، وبدأت أحلامي تتوقد ولعلّها لن تنتهي.. قبل قليل أنهيت قرآءتها، وبدأتُ أرى أحدهم وحيدٌ في غربته، مليءٌ بما لا يُحتمل، ولا يعرف لماذا لا يُفرغ رصاص هذا المُسدس "المرمي" -لا يعلم إلا الله لماذا- على الطاولة أمامهُ في رأسه، لينتهي فعلاً لا كحلم بل كحقيقة. كحقيقة إنسان تجرّد من كل شيء، وبقيّ يخاف.. كان شجاعاً في ترك كل شيء وراءه، وفي كفره بكل الحتميات، الّا بالعدم، ومع ذلك لم يجرؤ على الموت مع أنه فَقد الحياة أكثر من مرة..!
بعد دقائق ينتهي عام ويبدأ.. ما الذي يبدأ ؟ وما الذي إنتهى أصلا ؟ ولمَ كل هذا الإحتفال والفرح !!

سعدٌ كان طفل. ومات وهو طفل. وأنا لم أكبر بعد لاعترف/أتقبل ولو -ضمنياً- فَقد سعد..!
هه، لم أكبر !
ولكن ما دلالة تلك الشُعيرات التي نبتت بين فخذيّ، والدم الذي لا يتأخر كل شهر عن تذكيري بإنوثتي النتنة! وشعري الذي لا أجرؤ على الخروج من باب بيتنا دون أن أُغطيه كذنب او خطيئة! وجسدي الذي أعرف بأنه صار "فاتناً" للإلباب ولافتاً للنظرات الممحونة/الشهوانية ! وتفكيري وقَلقي وخوفي من بعد قليل ورغبتي الجامحة -أحيانا كثيرة- في إدخال شيء غليظ وقاسٍ في مؤخرتي او في كُسّي..!
وإشمئزازي من "تناقض" مشاعري وازدواجيتي التي بدأت العبها منذ صغري.. منذ كُنا نُمارس لعبة الازواج في الغُرف المُغلقة، ونلهج بالأدب وذكر الله والفضيلة في حَضرة الآخرين.. نحنُ كما تريدون ملائكة.. أنبياء.. صالحون.. كما تريدون تماماً، وما دام معظمنا كُنا كذلك، من أين جاء كلّ هذا "الانحطاط" الذي يكاد يفيض وينفجر في بلاد "الفاضلين" بالفطرة!
كانت آخر مُحادثة: صورة (لا تُشبهني إطلاقاً) وتحتها مكتوب شفتك أنتي بالصورة! هو ما شافني.. هو إشتاقلي بس خانه الوصف، او خاف يحكي بصريح العبارة "إشتقتلك"!
تعلّمت وأدركت قيمة الحذف أول بأول، نصيحة: "إحذف الماضي".. لكنني في كل مرة أتراجع وأُبقي تلك "الذكريات"، وإن تجرأت ذات قوة على الحذف، مَن يملك القُدرة على "حذف" ما يُحفظ في الرأس ؟!
.. لكنني حذفت وحذفت وأبقيت على صورة و"سكرين شوت" لآخر مُحادثة ؟ وكأنني لم أحذف شيئاً.. وإن حذفت كل شيء! لن أمنعني كل حين من العودة للحظات بقيّت عالقة في ذهني، هُناك في أعماق رأسي بين أعصاب دماغي..! هل يستطيع ألزهايمر على قتل تلك "العالقات" في الرؤوس؟

....
منذُ نصف ساعة ودقيقتيّن، بدأ عامي الجديد (2018)، أتمنى أن لا أخاف/ايأس/أتراجع في حياتي القادمة.. هذه أمنيتي فقط.
....
2018/9/24 | 8:56ص



فتاة البرزخ (3)

10:03ص
مزاجي بهالفترة سيء.. والسبب: الدوام ! والفرحة التي تبزغ فيّ كل حين: إقتراب نهاية الفصل! فصلي الأول بالجامعة..!
قبل ما ادخل الجامعة كنت مفكرة إن التعاسة الحقيقية هي التوجيهي.. وبس دخلت للجامعة إكتشفت إن التعاسة او أي شعور آخر يرتبط بالشخصية مش بالحال والوضع.. مدري ليش حاسه إن الناس يبحثون - بشكل دائم - عن أسباب تحسسهم بالبؤس والتعاسة في كل تفاصيل حياتهم!
أعلم بأن الحياة (بنت كلب) كأقلّ وصف، بس كمان هي (جميلة وحلوة) بالمُقابل!
ليش الإنسان (العربي خصوصاً)، يكره إنه يكون جديد/جاهل/غريب/مش فاهم شو الطبخة ؟ قبل ما يبلش بأيّ شيء؟؟
كيف بدنا نقنع عقلنا الباطن، بأننا لم نولد عُلماء وذوي خبرةٍ وفهم ؟؟ 
مرات (كثيرة) أشعر بأن كل العلاقات اللي بين الناس (صداقة/حُب/أخوّة)، ما هي إلا.. محضُ كذب وخيال!
ومع ذلك قلّما تجد بني آدم إستطاع الحياة وحدة!
وغير هيك، فعلاً عندنا (فهم خاطئ) للصداقة والأخوة وحتى العلاقات العابرة أو السطحيّة ؟ يعني جدّ ليش نتعلّق بالآخرين شو ما كانوا ؟ مش قادرة أكتب الفكرة اللي براسي. عندي محاضرة مهارات إتصال كمان نص ساعة وصاحبتي رنا رنّت عليّ مرتين عشان اجيها ورا مبنى الخوارزمي.

***

أنا رؤى. إسمي الذي فُرض عليّ كأيّ معلومات شخصية أخرى. وُلدتُ في أغسطس، وكانت لي لعبةٌ من صوف، تقول أمي بأن جدتي صنعتها، عندما كانت تعيشُ في بيت والدها المقدسيّ.. 
أكره؛ مزاجي المُظلم وفرحي الشديد، المشي وحدي والجلوس مع مجموعة أشخاص، الساعات وبناطيل الجينز الضيّقة (مع أنني لا أرتدي غيرها!) وحجاب الرأس، صوت التلفاز المُرتفع وحاجتي المُلحة للبكاء عندما.. لا أستطيع فهم مُعادلة رياضية أو قبول واقع كإغتصاب فتاة وقتلها ومن ثم إحراق جثتها او إنفصال أحبةً ما، أكره دورتي الشهرية وتعرّقي وخفقانُ قلبي لرؤية رنا كحبيبة لا صديقة، رغبتي في العُري الصارخ معها، وكشف أسرار جسديّنا وولوج تلك المحجوبات عنّا، كلعقي لمهبلها او إدخال أصابع يدي في.. أكره هذا الارتعاش في يديّ وهذه الرائحة العفنة التي تنبعث في الباص الآن.. وأنا عائدةٌ للبيت وبجانبي تغفو رنا، وجهها الطفولي والانهاك الواضح عليها، أنا مفتونةٌ بها، وعليّ.. أن لا اتجاوز حدود الكتابة!.

***

ما هي "حدودي الكتابيّة" ؟ 
ولمن أكتب؟ أو لماذا أكتب ؟ 
هل أكتب لأنني أعجز عن الكلام.. التعبير.. الصُراخ.. المُواجهة ؟ 
نعم. أنا فقط أكتبُ ما لا أستطيع البوح به.. ومَن يحتمل ثرثرتي.. غضبي و"شذوذي" ؟ 
لكن الأسئلة/الهواجس، بدأت تُقلقني.. بل تُرعبني!  
كلماذا أخجل من شكل أنفي وأعتقد بأنني أبدو قبيحة للآخرين ؟ وبأن رائحة عَرقي تملأ ايّ مكان أجلس فيه ؟ ولي رائحة فمٍ كريهة ؟ واملك شخصية ضعيفة/خجولة ؟ وقد أكون "شاذة" جنسياَ.. أرغب بمُضاجعة أحد زملائي بينما أقبلُّ صديقتي رنا قبلةً حارة على فمها ؟ 
أنني مُتعبةٌ جداً.. ورأسي بدأ يثقلُ بي.. ولا أرغب بالنوم.. أرغبُ فقط بالكتابة.. وهذا الأمر يزيدُني تعباً.. يملأني خوفاً و... يجب عليّ أن أنام الآن.

***

2017/12/17
2:45ص
لا أستطيع الكتابة !
.....
.....
يوماً ما.. 

***

2017/12/23
1:56ص
خائفة. 
حياتي تغيّرت.. تبدلّت.. كيف ؟ ومتى ؟ لا أدري!
هذه الكآبة تجثمُ على كاهليّ منذُ.. لا أدري! 
دائما أستطيع تحملّها، لكنني أحيانا أسقط مُنهكةً بسببها ! 
"اللاأدري" هي المُعضلة، لأن جهلنا يُغذّي الرُعب فينا، ويجعلنا "ضعيفين" بمعنى الكلمة. 
.....
لم أعد أحتمل "إطلاقاً" وجودي بين.. عائلتي، صديقاتي، زملائي، تحولت جلساتي مع معارفي لأوقات صعبة ومُؤلمةٌ جداً.. وارتاحُ كثيرا لوجودي وحدي.. وحدي معي!
كيف لي أن استمر في التظاهر..؟ وأنا كافرةٌ بالواقع! 
كفرتُ بـ العادات، الدين، الوطن، الأمل، الأهداف والطموحات، الأحبة والاصدقاء والأهل، حتى النوم والاستيقاظ ووجوب شرب الماء وتناول وجبات الطعام!
وأعلم بأنني بعد ساعاتٍ قليلة سأستيقظ "خائفةٌ" ومُشمئزةٌ كثيراً.. من كتابتي هذه، وسأرغب بمسح/حذف/تمزيق كلُّ ما كتبت، ولن أفعل أعدُّ نفسي بذلك.
2018/9/22 | 10:39م









فتاة البرزخ (2)

6:56ص
قبل دقائق نزلت البنت التي كانت تجلس بجانبي لكلية البوليتكنك كعادتها، ولا أعلم كيف أُغلق باب الباص الكهربائي على رأسها؟ صراخها دوّى في الصمت المُطبق، لثوانٍ قليلة بقي الباب مُغلقاً على رأسها، وعندما أنتبه السائق، وفَتح الباب، كانت تُمسك رأسها بيديها وتجلس على أرضية الباص وتبكي.. وكان الجميع خائفون، حتى الشاب الذي حاول مُساعدتها كان يبدو خائفاً منها لا عليها.. قامت ونزلت بعصبيّة، وبدأت تشتمُ.. أعتقد بأنها كانت تشتم كل شيء تراه بعينيها. بَرر السائق الأمر بأنها لم تضغط زر النزول عندما توقف الباص لإنزال أحد الركاب.. لم أفهم تبريره.. لكنني لم أفهم شعوري في لحظات صراخها وراسها عالقٌ بين حديد الباب الكهربائي.. شعوري بأن كل شيء.. تماماً كل شيء لا يستحق !؟

****
مُلاحظة: هذه الكلمات وجدتها مكتوبة بلا تاريخ.

2:56ص
رأيتها لأول مرة وهي تجلس وحيدةً، على مقعد تحت أشجار ضخمة، بعيداً عن صَخب الطُلاب، تجلس هكذا بلا أي إنشغال، ولا يبدو بأنها كانت تُفكر بأي شيء. كانت كطفل لا ينتظر شيء، الّا عودة أمه التي وعدته بأن تشتري له أي شيء يريده، إن بقيّ جالساً بأدب وهدوء..!
إقتربتُ منها، وانتابني خوفٌ شلَّ اركاني، وتراجعت عن رغبتي في.. لا أدري! كأنها وضعت حدوداً لا مرئية، تحول بينها وبين المُتطفلين أمثالي..!
لم أقترب، من ذلك المكان، غادرتُ بسرعة نحو كليّتي، ولم أرى تلك.. هل هي بشر ؟ لم أراها منذ ذلك اليوم ولم أكن قد رأيتها قبل ذلك أبدا..!
هل كانت وهماً.. خيالاً.. ابتدعهُ عقلي ؟ 
*خطوط مشطوبة.. 
جُرعات القهوة التي تعاطيتها خلال يومي السابق، تأتي بمفعولها الآن، الساعة تجاوزت الرابعة صباحاً وعقلي مُصحصح.. فيّ حماسٌ ورغباتٌ تنهشني، لأقوم بـ: إعادة قراءة رسائل موقع صراحة.. إرتداء أجمل ملابسي والرقص على أنغام أغنية هابطه.. مُداعبتي لأنتشي، أثناء مُشاهدة فيلم إباحي عنيف.. 
يُخمدُ سُعار الرغبات، صوت الآذان، أقوم لأتوضئ وأُصلي.. وأضع رأسي على وسادتي واسمعُ ياسر الدوسري يُرتل:" حتَّى إذا جآءَ أمرُنا وفارَ التَّنُّور قُلنا احمِل فيهَا من كُلّ زَوجينِ اثنينِ وأَهلكَ إِلّا مَن سَبَقَ عَليهِ القَولُ ومن ءامَنَ وَمَآ ءامَنَ مَعَهُ إلّا قَليلٌ "، وانام بعد ذلك، وقد هدأ فيّ كل شيء، واطمئنت نفسي كثيراً. إلهي لا تتركني حائرةً في هذا السديم المُعتم، دُلّني على الصواب، ولا تُحملّني ما لا طاقة لي به.

***

ما أدري ليش أول ما صحيت من النوم قبل شوي تذكرت كلمة كتبتها (مدري وين ومتى؟) وهي:"إن صح التعبير"، لمّا تذكرتها حسيت بغثيان وقرف من كلّ الكتابة.. اليوم الجمعة وأنا جائعة للنوم والمنسف.

***
2017/12/10
1:56ص
شو الحلّ مع هالتفكير ؟ أفكر بكل شي ومش قادرة أركز بشي. لازم أنام وبس. 
قبل شوي كتبت هالمنشور عالفيسبوك:"أحيانا يجب علينا أن نصمت وحسب، أن نرى فقط، وأن نسمع دون تركيز"، نفسي أكتب أشياء كثيرة، بس خايفة من... يعني مثلاً لو أكتب:"عيناكَ ليلٌ وفي ملامحك غُبارٌ وفوضى، ثم إنني آمنتُ بك، وألقيت بنفسي في لُجتك، فهل تحتملُ سقوطي ام أنك ستكتفي بإغراقي؟"، كيف بدي أقنع اهلي/صاحباتي بأنني مُش عاشقة.. مُش "ساقطة" ؟
 لطالما أحببتُ عابربن لم أَأبهُ بإسمائهم، وفُتنتُّ بواحد واثنين وعشرة، لكنني لم أفعل سوى الشعور ؟ وهل يُحاسب المرء على شعورة، لا أُطالب بمنحي رُخصة الحُب/العشق -مَعاذ الله- ولكنني أرغب بقوةٍ، بأن أُمنح حُريّة الشعور والتخيّل فقط ؟ أنا لم أزل مُراهقة، أعلم ذلك! ولكنني منذ أشهر، أشعر وكأني نضجتُ أكثر مما يجب ! ما هو النُضج ؟ هل يعني -ببساطة- التبلّد ؟
أنا خائفةُ فقط! أعلم بأنه شعورٌ قد يكون مُبالغٌ به! لكنه أحيانا يجعلني.. يُميتني عذاباً وألماً! بالطبع لا أموت... فقط أصمت وابتلع آلامي واوجاعي، وأحيانا أبكي! 
قبل شهرين عملت موقعي على صراحة، وشاركته أكثر من مرة على صفحتي الشخصية، وصلتني رسائل كثيرة -أغلبها- من بنات دفعتي وصاحباتي بالجامعة متأكدة من ذلك، ومتأكدة كمان إن أغلب رسائل العشق والحب منهن، على أساس أنهن شباب!! بس فيه رسالة وصلتني قبل شهر تقريباً، لحد الآن ما فهمتها.."إنتي مُبدعة وناجحة.. لولا عيونك وشخصيتك الضعيفة، عيونك فاتنات.. وشخصيتك ما تزبط الّا لبنت عادية"، حسيّت بوقتها إني مش بأمان، ما بعرف ليش راودني هالشعور؟ وندمت إني عملت الموقع، ومع ذلك ما قدرت احذفه بل استمريت بمُشاركتة كل فترة، شو الحلو برسائل ما تعرف أصحابها ؟ لهالدرجة إحنا "خايفين من بعض. 
2018/9/4 | 10:52م

فتاة البرزخ (1)

إسمي رؤى. وهذه كلماتي.. كلماتي القليلة.


قبل ثلاثة أيام دُفنت في قبري، وعمري ثمانية عشر عاماً وثمانية شهور.. وخمسة عشر يوماً.


كُنتُ قد وصلتُ للتو لـ "مُجمع الباصات"، لم أقم بعادتي اليومية، وهي شراء قهوة وحبتيّ شوكولاته، والصعود بباص يُوصلني حيثُ "مُجمع الباصات" الآخر، ومنه أصعد لباص الجامعة.. بل أردت مشي المسافة بين المُجمعيّن على قدميّ وقبل أن اُغادر المُجمع، صدمتني سيارةٌ مُسرعة، جائت من ورائي وارتطمت بجسدي وقذفتني للأعلى لأموت.. قبل إسعافي للمستشفى (القريب)،

وكنت أُفكر (قبل موتي.. أثناء نزولي من الباص وسيري على الطريق) بالامتحان وبأحدهم الذي تجرأت وأعطيتهُ سريّ ليقرأني، ويُعريّني، بل حاولت لأول مرةٍ أن أكون "شُجاعة" لا اخافني، وكان ذلك بالأمس (بعد انتهاء الدوام قبل الغروب بنصف ساعة).
اتفقنا على المُضي قُدماً جنباً إلى جنب، وها أنا أحنث بالاتفاق الذي أُبرم (بيني وبينهُ) قبل ساعاتٍ قليلة، ها أنا ذا أُغادر قبل أن يبدأ أيُّ شيء.. كم أنا جبانه ؟!
كُنت شُجاعة في تنفيذ كل شيء خططتُ له، أرسلت له في ساعةٍ مُتأخرة، ولم أكن من صديقاته، كانت الرسالة "غبيّةً" جدا ! ومع ذلك لم أشعر بالخوف منها او منه.. توقيت الرسالة كان في، 2:43ص.. "مرحبا.. كيفك ؟" وبضعة كلمات سطحيّة فارغة، وقد حذفت في آخر لحظة، كلمات اعتذار عن إزعاج مُحتمل.. لماذا أتحدث عن نفسي وأموري الشخصية الآن ؟ أنا مُحض جثةٍ، لفتاة في زهرة العمر، اختطفها الموت.. وها هو جسدها الجميل، الممشوق يتفسخ ويتحلل تحت التراب، ورائحتي.. أنا ميتة، هل تفهمون ؟
اقرئوني جيداً.. هذا ما بقيّ مني على قيد الحياة.
وفاتي كانت في يوم الخميس، 2018/5/3م.. أنا "فتاة البرزخ"..


(ماتت رؤى قبل عشرة أيام. قبل وفاتها بيوم عرفتها، وأصبحنا صديقيّن، وصاحبيّ مشروع خططا لهُ ولم يتمّ. قدمت لي أوراق تحتوي "كتاباتها السريّة".. كلماتها القليلة حسب وصفها.. كلماتها التي لم تعترف بوجودها لأحد غيري.. كان مشروعنا صفحة على فيسبوك بإسم "كتابات فتاةٍ عربية"، تنشرُ عليها كتاباتها دون خوف او خجل من كلماتها الصريحة.. وأنا لا أقوم سوى بما يتوجب عليّ القيامُ به، إتمام المشروع وبعثُ كلماتها من الورق إلى العالم.. وما زلت أراها تُغادر المكان الذي جلسنا به أنا وهيّ لأول وآخر مرة.. تُغادر المكان وتترك معي جزءً منها، وتمشي بين السائرين نحو البعيد.. كانت الشمس توشكُّ على المغيب، وكنت أرى وجهها الذي تبدّل لونه من الرماديّ القَلق إلى  الورديّ الخجول، بعدما إطمئنت لكوني سأقرأ "خرابيشها" مثلما قالت ساخرةً من كونها لم تدخل عالم الكتابةُ بعد..
الراوي 2018/5/13)

2017/12/4
الساعة: 10:30م
رأسي يكاد ينفجر، تقيأتُ مرتين منذ وصولي للبيت، لكنني الآن أشعر بالتحسن ولا أرغب في النوم الذي بدأ يُهاجمني ويشلًّ أركاني. لماذا لا أُخبر والديّ بأنني مريضة ؟
*****
11:23م
قبل قليل فرغتُ من قراءة آخر صفحات رواية "كبرت ونسيتُ أن أنسى".. لماذا قرأتها بهذه السرعة ؟ لا لم استعجل نهايتها.. بل كنت أُعيد قراءة صفحاتها مراتٍ عديدة، بدأتُ قرآءتها في الأمس، لماذا تنتهي الأشياء التي نُريدها/نستبطئ نهايتها، بهذه السرعة ؟ كم كانت "فاطمةُ" تُشبهني.. كم من فتيات يُشبهنّ فاطمة بإختلاف التفاصيل والأسماء ؟! 
ليلُ الشتاء طويل، وأنا في غرفتي أُفكر.. وأُفكر.. وأكتب..
ليش أكتب ؟ وليش لم أعدّ أستمتع بتصفح مواقع التواصل ؟ بل أصبحتُ لا أحتمل صوت نغمة الإشعارات.. تكّ تك،ّ وكم هي نغمة الماسنجر مُقرفة والواتس آب كذلك. ليش ما أحذف تلك "المُزعجات" من حياتي ؟ لا أستطيع.. حسناً، سأبقى جبانةً لا أملك الّا... وجهٌ مُدور وعينين ذابلتين واتخيل كلما نظرت في المرآة وابتسمت بأنني أملك غمازتيّن..

رائحةُ أقدامي تفوح في الأرجاء (مع أنني غسلّتهما بالصابون أكثر من مرة)، كم مرةً حلفتُ بأنني سأمتنع عن ارتداء الجوارب النايلون ؟  بصراحة رائحتي (كُليّ) مُقرفة.. مُقززة.. أنا بحاجة حمّامٌ ساخن فقط !! والجو صقيع، وجسدي يرتعش من الحُمّى.. وعقلي لا يرغب في النوم..!!
لأعترف بأنني اليوم، ارهقتُ جسدي.. بل عذبته، في الجامعة وحدها مشيت عشرات الكيلو مترات بلا مُبالغة، وفي السوق تتضاعف الكمية، وأستيقظتُ في الصباح مع أذان الفجر.. واوشك اليوم على النهاية وأنا لم أنم.. إذن مرضي معذورٌ !  ليش أستمتع بلفظ "مرضي"؟ وهل أنا مريضةٌ أصلا؟ 
لأنام الآن واكفّ عن هذه الثرثرة، فغداً عندي دوام.. لماذا لا يمرض الدوام ؟ سأرتدي في الغد جرابات قطن.. صوف.. أذهب حافيةً أحسن لي !! والآن إلى النوم..
***

2017/12/5
الساعة: 8:56ص.
لم أعد أحتمل ثرثراتهنّ، وابتساماتهنّ. هديلٌ هي واحدة من "الشياطين" لا أشك في ذلك إطلاقاً، وجهها جميل.. عيناها واسعتان.. وانفها مُتقن التشكيل.. وجسدها رائعٌ ومُتناسق، لكنها.. لا تُطاق أبداً، لو أنني أستطيع تقييدها، وربط حبة بصل على فمها، وجلدها بخيزران او صفعها كل حين..!! لو أنني أستطيع ذلك ؟بدلاً من الابتسام في وجهها كُلما نظرت إليّ..!!
هل أنا مُفترسةٌ.. مُتوحشة.. داعشية.. لولا الظروف ؟ 

وراما أيضاً تُثير في نفسي الغثيان، كُلما تحدثت، خصوصاً عندما تقول:"إميي.. وااافئت أعمل.. هااا هااا أعمل تاتو عند كعبي.." وأبوها ما هو رأيه؟ ، وانظر لقدمها وفعلا أرى "تاتو" وخلخالٌ ذهبيّ.. أعتقد بأنها أرادت منا أن نرى خلخالها قبل كل شيء! راما لا ترتدي "جرابات"، وأنا ما زلت أرتدي تلك الجرابات اللعينة..!
الجو في القاعات خانق، خصوصا عندما يجتمعن الطالبات ويبدأن بالثرثرة.. تفوح روائح العرق.. والعطور.. و.. عدم الطهارة.. والافواه الكريهة.  لذلك صرتُ أُغادر تلك القاعات فور انتهاء المُحاضرة، ولا ادخل للقاعة إلا بعد دخول الدكتور/ة.. !!
  
1:03م
صديقتي رنا غادرت قبل قليل، لم تُنهي مُحاضراتها، لكنها قررت أن "تُطنش" آخر مُحاضرة، لتعود للبيت.. لم أصدقها ! ولماذا قد -تكذب- عليّ ؟!
هل ذهبتْ مع.. أحد الطلاب !!
لا أدري.. وشو دخلي أنا !! بس هي صاحبتي لازم ما تخبي عليي شي؟ طيب ليش أنا ما حكيتلها عن.. كتاباتاي هذه!! ؟ طيب ليش أنا افكّر هيك ؟ آه دورتي الشهرية هي السبب !!
****
7:51م
قبل قليل رجعت من الجامعة، لأول مرة أعود وحيدة!! دائما معي رنا، عرفتها من أول يوم واصبحنا أكثر من صديقتيّن، مع ذلك لم أشعر يوماً بأننا صديقات.. او أخوات.. أشعر بأن ما جمعنا كان حاجةً او خوف.. لا صداقة او أخوّة كما نعتقد !
لا أدري لماذا أجعل من الحبّة قُبة؟ 
أمي تقول لي: وجهك أصفر يا رؤى.. فيكِ شي ؟ تعبانه ؟؟ أخبرتها بأنني اتضوّر جوعاً فحسب، مع أنني تناولت قبل ساعة تقريباً وجبة شاورما سوبر وكأس كوكتيل.. لماذا أكذب كل يوم على أمي ؟ كُلما سألتني عن حالي وانتبهتْ للون وجهي الأصفر أو الازرق لا يهمّ.. لماذا أكذب وادفع ثمن ذلك قيء يُعذبني وحدي في الحمام ؟ أستحق أن اتقيأ خمس مرات كلما كذبت..!
10:15م
للتو أنهيتُ اتصالي مع رنا، رنا تغيّرت كثيراً ؟ لماذا الآن أدركتُ ذلك ؟ لا لم تتغير رنا.. أنا التي.. حتى أنا لم اتغيّر، أنا فقط صرتُ أرى أكثر مما يجب.. 
***

2017/12/6
12:43ص
قبل ساعة دخلت فراشي لأنام.. او لأُنهي يومي فحسب. لم استطع النوم، تقلّبتُ كثيراً، أغمضتُ عينيّ وتخيّلت الأشياء الجميلة.. الفظيعة.. التي أتمنى حدوثها في حياتي.. موتي المُفاجئ للجميع، يدي تُمسك بيد حبيبي/زوجي/صديقي.. المُهم يدي تُمسك بيد لا أخاف صاحبها.. إصابتي بالسرطان وتعرضي لإغتصاب.. نجاحي في عملي، في كتابة عدة أعمال أدبية لاقت اهتماماً كبيراً من القُراء.. كتاباتي الجريئة الثائرة على كل شيء، وتعرضي للقمع او مُحاولة إغتيال.. كلّ تلك الأشياء لم تُفلح في "رميي" في سديم النوم. 
منذُ شهر تقريباً، تغيّر كل شيء في حياتي. لا أدري هل كانت ولادةً جديدة ام.. لا أدري ؟!
ما هو التغيير الذي حدث ؟ 
فجأةً وبلا مُقدمات، مددتُ يدي والتقطتُّ الثمرة.. المُحرمة، تناولتها دون تفكير..!
في تلك الليلة (السابع عشر من نوفمبر)، كانت ولادتي الثانية.. ولادتي من رحم قضيتُ فيه ثماني عشر عاماً، وُلدت بلا مَخاض، ولم أصرخ عندما لفظتني أمي خارجها.. لم أكن عاريةً، كنتُ خاسرةً إن صح التعبير..! 
حينها كنتُ وحيدةً جداً، غاضبةً.. غير راضية.. توقفت عن البحث والاستمرار في ما أنا عليه.. فقررت الإنعطاف مئة وثمانون درجة، هل كان الأمر مُجرد "نُضجٌ" مُبكر ؟ هل هو الإنسلاخ عن الطفولة والتماهي مع الكبار وعالمهم.. القذر ! لا أدري.. لا أدري.. يجب أن أنام وحسب.

6:17ص
لماذا لا يموت الدوام ؟ ليش لازم أذهب كلّ يوم لمكان، التقي فيهِ بأشخاص لا أرغب بلقائهم ؟ واحضر مُحاضرات مُملة.. راكدة.. وأقاوم رغبتي بالصراخ والنوم والضحك والبكاء و... "التطعيم" على كل ما أرى بعينيّ ؟ أرفع يدي واهمس بـ "نعم"، ليتم تسجيلي حاضرةً، حتى لا اُحرم.. وأُريد أن اسخر/انتقد/أُناقش الأفكار التي يصرخ بها الدكتور، ولا اجرئ الّا على هزّ رأسي والتمثيل بأني فاهمة أو حافظة لا يُهم المُهم حضوري.. 

هذا النُعاس الذي يُداهمني حالياً، ويحتلّني حتى آخر شبر مني، هو ثمن سهري ليلة البارحة.. جوّ الباص خانق وحار، التدفئة مُبالغٌ فيها، والرائحة هُنا تُثير الغثيان والصُداع، وبجانبي تجلس بنت من جيلي، تفوح منها رائحة عطر لطالما اسكرتني وكنت لا أجرؤ على سؤالها عنها..  
2018/9/1



السبت، 3 نوفمبر 2018

نحن الذين عبدنا الله على حَرف، فإن اصابتنا مُصيبةٌ نظرنا للسماء... للأسقف الاسمنتية من فوقنا؛ وتسائلنا: أين الله.. لماذا لا يُساعدنا ؟ هل يرانا ؟ او يسمعنا ؟
لا نؤمن بالله، بقدر إيماننا بأنه موجودٌ لأجلنا، ينتظر منّا رجاءه، فإن أجاب فله الحمد والشكر.. وإن لم يُجب... فلهُ السخطُ والكُفر! 
كفرنا به ونحن ساجدون، في قصورٍ شيّدناها بإسمه. آمنا بهِ ما دمنا لم نعد كما كان أسلافنا يعيشون، بيتهم الصحراء فإن لم يمتلكوا أسباب النجاة، هلكوا... سواء سجدوا للإله او لم يسجدوا !

الله. هو الذي خَلق.. أوجد.. قدّر.. وأختار.. ونحن مُجرد دمىً.
نحنُ من خَلق الله واوجده من العدم، جئنا من العدم وسنعود... لا إله، ولا رسول... لا إلهٌ يُراقب، ولهُ نارٌ وجنة، ولكننا تشربنا العبودية، فمن يُقنع العبد بأن سيّده قد مات ؟ وهو واقفٌ أمام الباب يحمل صينية الإفطار، ومنشفة، ويرتجفُ خوفاً من لسعات السوط ؟