الجمعة، 9 نوفمبر 2018

فتاة البرزخ (4)


2017/12/31..قبل مُنتصف الليل، قبل بداية العام الجديد.. قبل النهاية. 

منذُ يومين لم أخرج من البيت.. لم أُغادر غرفتي الّا لتلبيّة نداء عائلي او لتناول وجبات الطعام او لقضاء حاجتي، وكنت أرغب بشدّة بأن "تندثر/تموت" أسباب خروجي من... غرفتي حيث اعتصم!

لا يوجد "أفظع" من شعور "الاغتراب المُفاجئ"، فجأة تكتشف غُربتك وبأنك محضُ "مجهول" ! 
نعم، محضُ مجهول.. سراب.. معالم تتخفى في ظلام.. نورُ ساطع.. وشيء لا يُلحظ كمزهريّة في زاوية غرفة !

***

وكان وجهُ "سعد" حاضرٌ دائماً.. وجهٌ مُبتسم ومُطمئن.. وكنت أقرأ "في ديسمبر تنتهي كل الأحلام"، وبدأت أحلامي تتوقد ولعلّها لن تنتهي.. قبل قليل أنهيت قرآءتها، وبدأتُ أرى أحدهم وحيدٌ في غربته، مليءٌ بما لا يُحتمل، ولا يعرف لماذا لا يُفرغ رصاص هذا المُسدس "المرمي" -لا يعلم إلا الله لماذا- على الطاولة أمامهُ في رأسه، لينتهي فعلاً لا كحلم بل كحقيقة. كحقيقة إنسان تجرّد من كل شيء، وبقيّ يخاف.. كان شجاعاً في ترك كل شيء وراءه، وفي كفره بكل الحتميات، الّا بالعدم، ومع ذلك لم يجرؤ على الموت مع أنه فَقد الحياة أكثر من مرة..!
بعد دقائق ينتهي عام ويبدأ.. ما الذي يبدأ ؟ وما الذي إنتهى أصلا ؟ ولمَ كل هذا الإحتفال والفرح !!

سعدٌ كان طفل. ومات وهو طفل. وأنا لم أكبر بعد لاعترف/أتقبل ولو -ضمنياً- فَقد سعد..!
هه، لم أكبر !
ولكن ما دلالة تلك الشُعيرات التي نبتت بين فخذيّ، والدم الذي لا يتأخر كل شهر عن تذكيري بإنوثتي النتنة! وشعري الذي لا أجرؤ على الخروج من باب بيتنا دون أن أُغطيه كذنب او خطيئة! وجسدي الذي أعرف بأنه صار "فاتناً" للإلباب ولافتاً للنظرات الممحونة/الشهوانية ! وتفكيري وقَلقي وخوفي من بعد قليل ورغبتي الجامحة -أحيانا كثيرة- في إدخال شيء غليظ وقاسٍ في مؤخرتي او في كُسّي..!
وإشمئزازي من "تناقض" مشاعري وازدواجيتي التي بدأت العبها منذ صغري.. منذ كُنا نُمارس لعبة الازواج في الغُرف المُغلقة، ونلهج بالأدب وذكر الله والفضيلة في حَضرة الآخرين.. نحنُ كما تريدون ملائكة.. أنبياء.. صالحون.. كما تريدون تماماً، وما دام معظمنا كُنا كذلك، من أين جاء كلّ هذا "الانحطاط" الذي يكاد يفيض وينفجر في بلاد "الفاضلين" بالفطرة!
كانت آخر مُحادثة: صورة (لا تُشبهني إطلاقاً) وتحتها مكتوب شفتك أنتي بالصورة! هو ما شافني.. هو إشتاقلي بس خانه الوصف، او خاف يحكي بصريح العبارة "إشتقتلك"!
تعلّمت وأدركت قيمة الحذف أول بأول، نصيحة: "إحذف الماضي".. لكنني في كل مرة أتراجع وأُبقي تلك "الذكريات"، وإن تجرأت ذات قوة على الحذف، مَن يملك القُدرة على "حذف" ما يُحفظ في الرأس ؟!
.. لكنني حذفت وحذفت وأبقيت على صورة و"سكرين شوت" لآخر مُحادثة ؟ وكأنني لم أحذف شيئاً.. وإن حذفت كل شيء! لن أمنعني كل حين من العودة للحظات بقيّت عالقة في ذهني، هُناك في أعماق رأسي بين أعصاب دماغي..! هل يستطيع ألزهايمر على قتل تلك "العالقات" في الرؤوس؟

....
منذُ نصف ساعة ودقيقتيّن، بدأ عامي الجديد (2018)، أتمنى أن لا أخاف/ايأس/أتراجع في حياتي القادمة.. هذه أمنيتي فقط.
....
2018/9/24 | 8:56ص



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق