الجمعة، 18 يناير 2019

فتاة البرزخ (نهاية!)

عنها.
الثامن عشر من كانون الثاني (يناير)، العام 2019.
أنتهي أو أكاد من كتابةِ "قصتها"، بدأتها في أيلول من العام الماضي. بدأتها برسالة.. بحَدث (خارق). لم أعي او أتفهمّ النهايات..! كيف ولماذا ينتهي كل شيء! سؤالٌ ساذج أعي ذلك تمامًا..!
حَسنًا،
الليله هي الأخيرة. كانت تجلس وحدها كعادتها فوق سريرها. الغرفة مُظلمة والهدوء صارخ.. لا تسمح سوى أنفاسها اللاهثه ببطئ.. وصدرها الذي يعلو ويهبط على وقع الأنفاس.. منذ ساعة وهي على هذه الحال. عادت منذ ساعة من (مكان لا نعرفه نحن)، لم تُبدل ثيابها ولم تغتسل. وعندما دخلت لم تُقابل احدًا من ذويها.. لم تتكلم منذ ساعات.. وها هي تجلس في الظلام، يملؤها ضجيجٌ ما... مدت ساقاها أمامها، وأحسّت بوهنٍ شديد يغزوها من أعلى رأسها ويتسلل لاعماقها بسرعة!
هُناك شيءٌ ما لا تدركه تغيّر.. شيء ما كان موجود (من زمان) لكنه غير واضح، وها هو الآن يبدو واضحًا في وحشته.. وشدّته.. وقسوة وجوده الحقيقيّ..!
تلك من الأمور الوجدانية الخاصةُ بالشخص، التي لا تخصّنا نحن بطبيعة الحال.
في مكانٍ ما صباحًا، من صباحات يناير الباردة جدًا.. كانت الشمس دافئةٌ بعض الشيء، وبقايا الليل لم تُغادر الرؤوس المُثقلة والمُتعبة والخائفة..!
كانت خائفةٌ جدًا، لم تجرؤ على الإقدام نحو... البداية؛ حيث المرأة تستوي مع الرجل. كيف!
كيف يستوي النقيضين؟ هل من الممكن الامتزاج او التلاحم ! هل أتحدث عن حب ما ! عن موت ما ! عن حرب ما او سلام مُمكن وليس مستحيل !!
آآآه ما أجملَ هذا الصباح !
بردٌ وشمس، وبقايا ليل، وعيون مُرهقة. واجساد ترتعش من فرط الحُمى او البرد... وفيروز تُنادي الكون او تشتمه او... "سألتك حبيبي لوين رايحين..؟" وتوّبخ السامعين سواء جيدًا او بشكل روتيني، الجالسون بالقرب من كشك... الجامعة، توبخهم وتسألهم:"إذا كنا عطول إلتئينا عطول.. ليش بنتلفت خايفين؟"
خائفةٌ كانت ومُتعبةٌ جدًا وترغب بالحياة ويُحاصرها الموت واشباحٌ أخرى... كانت تقفُ بين كل الأشياء، تحاول ترميم الخرائب، تلوين الرمادي، إصلاح المُهدّم... هيهات يا صغيرتي!
في مكانٍ ما بالجامعة، تجلس وحدها، قد أنهت محاضرتيّن وها هي الآن تُحاول الانسلاخ عن كل شيء.. ووحدها هُنا، تجلس على مقعد خشبيّ تحت أشجار صنوبر باسقة، المكان هادئ تمامًا...
تُخرج دفترها الأسود وتكتب عن: صوت المكان ورائحته، عن مشاعرها المُتناقضة، عن وحدتها الجميلة، عن الأول من أيار..!
ترى بعيدًا عنها، فتاة وشاب جالسيّن ومُتلاصقين، الفتاة تضع رأسها على كتف الشاب، تراهما من الخلف... المشهد مُثير ومُربك وفظيع، تُحرك رأسها في أثناء شعور جارف داهمها..
كتبت وكتبت.. عن غائب لن يحضر، وعن ليل لم ينتهي... وعن صباح ينتهي بسرعة. 
توقفت، لم تعد قادرة على المزيد من.. هذا الهدوء، وتدفق الكلمات حبرًا على ورق، أمسكت كتابها(رواية ما) حاولت القراءة... الضياع بين الصفحات... لكنها لم تستطع، وجدت نفسها تقرأ كلمات باردة... جافة...!
وضعت كل شيء في حقيبتها.. الرواية، الدفتر الأسود، علبة الماء، دفتر المحاضرات...! إتخذت قرارًا ما.. في هذه الليله يجب فعل شيء ما... يُحاصرها، يُرهقها ولم تجرؤ منذ شهر على فعله... عليها أن تفعل أكثر مما تفكر.. على الأقل في معظم أمور ومُستجدات الحياة.. انتابها شعورٌ عارم بالسعادة التي التقطتها منذ أشهر، وحلّ مكانها القَلق والترقب والخوف... جلست مُجددًا أخرجت الدفتر وكتبت... بعد دقائق كانت تمشي بإستعجال للحاق بالمحاضرة ما قبل الأخيرة.. فقد "طنّشت محاضرة الثامنة" في هذا اليوم.. لأول مرة تفعلها ولآخر مرة أيضًا.. وداعًا رؤى عبدالرحيم... إنتهت. 7:48م، 2019/1/18م هاشم عبدالله الزبن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق