اليوم السادس أو الخامس أو السابع من أبريل، هل هو أبريل بالفعل وهل أنا في عام 2019.. يؤلمني خطأي في كتابة كلمة وعودتي للتصحيح وإعادة القراءة وهذا الشعور الذي يجثمُ علي الآن!
إنني اتألم من... لا أعلم وأعلم بأنني سأتجاوز هذا الألم، وسأسعد قريبًا، وسأنتكس مُجددًا، لشعور عنيف لا أجد له وصفًا، هل حياتي كلّها إنتكاسات وتجاوزات وموت بلا موت وولادات خائفة ومُرهقة...
إنني مخزن واسع وممتلئ ويفيض ويبقى مكانًا مُناسبًا للتخزين، أشياء باهته وضخمة
هذا الشعور ليس جديد! وأعلم بأننا رهنًا بمشاعرنا (الكثيرة).
شعورٌ في كل مرة يأتي، كأول مرة... وتتكرر نفس الأشياء، بذات الشكل الجديد... ما هي الأشياء؟؟!
إنني وحدي
لطالما كنت كذلك، لكنني الآن وحدي وخائف ومُتعب ومُرهق من....!
لا أستطيع الكتابة. الكلمات تضيع مني... أعتقد بسبب كثرتها، ولأنها تحمل نفس المعنى: أنا وحيد!
قهوة وسجائر ومكان مألوف جدًا، ويوم ككل يوم، ولا تتشابه الأيام.
لماذا لا أنتحر فورًا وأُعلن إنتصاري على كل الهزائم التي تحدث وحدثت وستحدث؟
الحياة لعينة ومُؤلمة وسخيفة ووقت ضائع... لا شك في ذلك، لكنني أتشبث بها كجبان حقير...!
حسنًا، لستُ شيئًا يُذكر، محض "بائس" وحيد أشبه مليارات البائسين، أسباب البؤس عديدة ومتنوعة... والبائس لا ينتحر، لا يتوقف عن أمل وحُلم وإحتمال ما.
كلّنا بائسين ونبحث عن مسوّغات للحياة وللإستمرار في هذا الجحيم اللذيذ... مَن لا يتوقع أو يُؤمن بنعيم ليس موجودٌ الآن، لكنه مُنتظر وسيحدث... هو الذي يبقى وحيداً، ولا ينعم بلذة التخدير الكامل للألم المُقترن بكونك حيّ، لماذا لا أطير فوق حيث اللاشيء؟!
لماذا أنا كمسجون ومُقيد وممنوع من أتفه الأشياء وأعظمها؟!
الحُرية ثمنها جسيم وبالغ وكل العبارات التي تصف ذلك الشيء الذي أعجز عن كتابته!
****
في طريقي لجهنم إلتفتُّ للوراء، نعم توقفت أنظر إلى المشهد ورائي.
ورائي أشلاء، وملامح، وغُبار وليل ونهاراتٌ طويلة.
جهنم أمامي، أعلم ذلك، وأراها لا تتغير إلا في شوقها للقائي.
ليست جهنم الله، وجب التنويه!
لماذا توقفت ونظرت... وكيف توهمت بأنني لن أعود... لن أضعف...!
كيف للأشياء أن تتغيّر؟؟!!
ويعود الزمن للوراء في لحظة، وعقلنا يحمل بأمانة مُطلقة وسائل العودة!
****
لا وجود لنهاية مطاف، والأوان الذي يفوت هو الآن فقط.
كل نهاية تحمل في طيّاتها، إنتصار، وخسارة، وتجاوز وأنتكاسة... ولكن ماذا لو كانت النهايات مُجرد وهم؟
والأمر كمُتتالية أو سلسلة مُترابطة، يُمكن تسميتها "حياة"!
الأسماء تُفقد الأشياء معناها الآخر... أو كمشهد أمامك له أربع زوايا، أنت ترى من زواية واحدة فقط!
الإنتماء هو العبودية، أن تنتمي يعني أن تُصبح أداةً تعمل وُفق نهج مُحدد سلفًا...!
****
... هُنا جَلست سونيا، وهُناك فوق الاريكة نامت تانيا وهي عارية!
الآن أجيءُ إلى هُنا وحدي، أفتح الباب وأدخل، يدي لا تُمسك بيدٍ صغيرة ومُرتعشة وحارّة، يدي باردةٌ جدًا!
وحدي، ورائحةُ المكان ثقيلة، رائحةُ نساء، وعرق ممزوج بعطور فرنسية، وظلام... أبحث عن كبسة اللمبة، وأكبسها لتُضيء المكان، كل شيء مُبعثر... وجوهٌ صغيرة ومُتعبة، وسجادة مُبقعة بالدم وأشياء أخرى... هُنا جلست ريما، بجسدها المُتعرق ولهاثها الشديد وشعرها الأحمر المتموج، تمدُّ لسانها، وتنتظر مائي الأبيض بإلحاح...!
في تلك الليلة، عندما قامت وهي تلحس شفتيها، وتمسح فرجها بفاين، كانت السجادة قد تبللت بمائها وعرقها، وجهها كان مُرهق وكحلها صار هالات سود حول عينيّها...!
لم تتحمم، عادت بعدما غسّلت كسّها ووجهها، وارتدت لباسها الداخلي والخارجي، ووضعت أحمر شفاه وكحل، ورشّت القليل من العطر... بحثت كثيرًا عن جوربيها النايلون... وجدتهما وضعت قدمًا فوق قدم ولبست حذائها، إعتدلت بجلستها.. وأبتسمت لي، قامت واحتضنتني بقوّة، وقبّلت خدي... وقالت: وداعـًا....!
آخرُ نسائي ريما، تعرفتُ عليها، قبل تلك الليلة بإسبوع، جائتني وأنا أجلس في المقهى كعادتي، واعتذرت عن الإزعاج، وطلبت الجلوس معي... جلسنا سويةً، وتحدثنا مُطوّلًا عن اللاشيء...!
المكان يحتوي بقايا، اشياء نُسيت أو تُركت لسبب ما، جورب نسائي أسود، فردة حذاء كعب عالي، لباس نسائي داخلي، قميص وبنطال جينز أعتقد بأنه لفاتن، مَن هي فاتن؟؟
أقصد، إذا نسيّت بنطالها كيف خرجت من هُنا؟ لا أتذكر...!!
وفوق الأريكة، أجلس، الرائحة تُحاصرني والوجوه كذلك، وجوههنّ والكُحلة التي تسيل على الخدود، وأحمر الشفاه الذائب، والعيون المُتلهفة والالسن العطشى... والكسوس المُتوهجة والحارة، والمُؤخرات التي تبحث عن قضيب ساخن.... وأصوات، بُكاء وضحك وتأوهات!!
وأنا وحدي الآن... أبحث عن حضن، عن وجه، عن صوت... لا أجد سوى الرائحة الثقيلة وبقايا الأشياء المَنسية أو المتروكة لسبب ما...!