الثلاثاء، 21 مايو 2019

عن إنسان... 1



هل حياتنا "معركة مصيرية"؟
هل نحيا دائمًا في مواجهة حتمية مع أعداء شرسين يتربصون بنا؟

ما هي قيمة الإنسان العربيّ؟
الإنسان العربيّ الذي يُولد ليحيا مُحاولًا كل شيء، والمحاولة هي "قلق مُستمر" والنتيجة إما فشل أو نجاح، وتستمر المحاولات ويتضخم القلق ويأخذ أشكالًا عديدة، قلقٌ من بقايا الأمس ومصير الغد المُظلم، وما بينهما قلقٌ عظيم من حاضر بلا جدوى ولا أمان!

الفرد يعيش في مُجتمعات لا تعترف بالفرد إلا كرقم ضمن تعداد المجموع، وبالتالي يُصبح الفرد مُجرد أداة تعمل بصمت وإجتهاد كما يعمل الجميع، تغيب الذاتية ويُصبح التفكير خارج إطار الجماعة ضربٌ من الجنون والإنتحار، ويُعاقب ذلك الفرد "المُتمرد" أشدّ العقاب ويكون عبرةً للآخرين، تستمر حالة التدجين والإستسلام للوضع الراهن ومواجهة الواقع بالهروب والإنصهار ضمن الجماعة التي تُشعر الفرد بشعور أمان وطمأنينة، ومن ثم تتحول المجتمعات لبيئة خصبة للفساد والقمع والجريمة والجمود الفكري والاقتصادي، والفرد هُنا يُعاني من عُقدة النقص والشعور بالعار واللاجدوى والإحباط واليأس، وينتج عن ذلك الهوس بالمظاهر والشكليات الاجتماعية، ويكون تجنب العار في إخضاع المرأة التي تحولت لأداة بيد الرجل في العائلة، والهروب من الواقع بالإنكار وتعطيل التفكير وعدم تحمل المسؤولية الشخصية، فكل شيء محتوم ومُقدر، وعلى المجتمعات إنتظار المُخلصين كأبطال الماضي الجميل!


الإنسان المقهور هو الإنسان الذي يفتقد إنسانيته ويحيا بلا معنى وغاية، وهو المغلوب على أمره والذي يجد نفسه تائهًا في خضم وجود لا يُقدّره ولا يحترمه، ربما ليس من السهل وضع شكل مُحدد يصف هذا الإنسان، ولكن ثمة دلائل ومعايير تُحدد ماهيّة القهر المُمارس على هذا الإنسان، فهو يتعرض منذ نعومة أظفاره لشتّى أشكال القولبة والتخويف، مما يغرس في أعماقه شعور القهر الذي يتفجر بأشكال عنيفة!
فتجده يُمارس القهر على الأضعف منه، وتتحول الحياة لحالة من الصراع والعنف الذي يستتر ويتخفى تحت أغطية بالية، فنجاح الفرد لا يكون إلا بفشل آخر، والتميّز لا يحدث إلا في قمع وإرهاب الآخرين، والقوة في إثبات ضعف الآخرين، ومن هذا المنطلق يحدث الإنقسام والتشرذم بين الجماعات الكبيرة وصولًا للأفراد، ويتحول الوطن - الجامع لكل الأطياف - لساحة صراع وجودي لا يُؤدي إلا للرجعية والتخلّف!

ربما آن الأوان لتشخيص واقعنا الإجتماعي ووضع النقاط على الحروف وتجاوز دوائر الخوف، من أجل التغيير والتنمية الحقيقية، وحتى لا يستمر هذا الهدر المُرعب للإنسان القيّم، وحتى لا تبقى طموحاتنا كشباب هي الهجرة والبحث عن القيمة الحياتية في الشرق أو الغرب، بعيدًا عن الوطن الذي تحوّل لمُجرد مكان لا يُطاق وخانق لكل نَفس!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق