الأحد، 16 ديسمبر 2018

فتاة البرزخ 9

قلبي كاد ينخلع، وبدأ جسدي ينضحُ عرقاً، وكانت حرارتي قد تجاوزت حدّ الغليان!
عندما تخيّلتُ مشهداً، يجمعني وصديقتي رنا، عاريتيّن ومُلتحمتين، ونبلغ ذروة الانتشاء ومن ثم نحتضنُ بعضنا فوق السرير، وتفوحُ في الأرجاء رائحةُ الأجساد التي انهكها اللُهاث!
- ما هذا الانحلال ؟ أسمعُ هذا السؤال يتفجّر في رأسي ! 
- هل أنا شاذّة ؟؟ أنا مثليةُ الجنس !! لا أنا شاذة وملعونة وفاسقة !!
- حسناً أنا كذلك إن أردت يا "صوتي الداخلي"ّ وصفي بذلك... ولكن هل تُدرك غُربتي! هه... أصمت وكفّ عن الصُراخ ودعني وانحلالي يا ذا الفضيلة !

***

ظلالٌ تتبعني. ووردةٌ جورية تكاد تذبل. وشمس لم تُشرق بعد. وليل أزرق. وعيون كثيرة. واجساد شفّافة. وكذبٌ كثير.. كثيرٌ جداً. يكادُ يُغرقني طوفان الكذب، 4/6

***
جاءت الحافلة وركبت وجلست وملت بجسدي ناحية النافذة، أرى من خلالها سُرعة الحياة، وفوضى الوجود. أسمع هدير الراديو الصاخب، كصوتُ الوكيل "المُقرف" على نحوٍ خاص... وإعلانات تستفزُ غضبي الدفين. وذكريات الأمس والليل والمشاعر الرقيقة، تستنزفُ طاقتي. وأصلُّ لجامعتي وقد أُنهكت تماماً، وابداً لستُ مُستعدةً ليومٍ جديد... أُفكر بالإنتحار او بتناول غدائي قبل العاشرة، او بصومٍ عن الغداء كُلياً... او بشراء بكيت سجائر والتهامه مع أكواب القهوة والنسكافية، او بإغواء فتاةً او شاب ومُمارسة الجنس لساعات وراء الكُليات... ولا أفعل سوى الذهاب لأقرب مبنى  والجلوس على أقرب مقعد، وانتظار مُحاضرتي الأولى.

***

قالوا لي الكثير، وسمعتُ وآمنتُ بالكثير... هل العيب هو الشيء الغير طبيعي ؟ ام أن الطبيعي هو العيب ؟ مَن سمّى الأشياء وصنّفها ؟ ولماذا أخجل/أخاف من أن أكون مُختلفة ؟! كأن أكون مِثلية ولادينية ولا تؤمن بإله ولا تحمل عينيّن مُنكسرتين ورأس محجوب ومليء بالمساحيق والألوان وجسد يُحاول لفت الإنتباه ..! هذا كثير ! ما الفرق بين العيب والحرام والخطيئة ؟ ولماذا كل هذا الخوف منّي إن لم أكن كما ينبغي ؟ هل الخوف قابعٌ فيّ ؟؟
لماذا عليّ أن أستمع فقط وأحفظ وأفعل ما يُملى عليّ؟ والّا فأنا... أنا "ملعونة" !
يبدو بأنني تُهتُ في ظُلمتي، وما خوفي الّا منّي! متى ما تجاوزتُ خوفي إنتصرت..! كيف سأتجاوزني وأخرج مني لأكون غيريّ..؟ سأحاول بكل الأحوال.
أكره إحساسي بالنقص والحاجة الدائمة لإثبات أنني "كما يُريدون لي أن أكون"، أكره ضعفي وإنكساري وغُربتيع الدائمة في عالمٍ لا يُرحب بي.. بل يُحدقّ في جسدي ويُعاملني بناءً على ذلك ! يُحدّق بي بوجهٍ شاحب مُتجهم مُتعالي.. وأنا الأنثى، وهذا يكفي لأن أكون صاغرة وتابعة.. ! أُلوف السنين انتجتني هكذا..فهل أستطيع التغيير !؟ الساعة تجاوزت الثانية صباحاً. سأنام الآن.. إلى اللقاء !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق