إنتزع نفسهُ من... شيء يُشبه الجمود، وسارع للحاق بباص الشركة الذي لا ينتظر أكثر من نصف دقيقة (وقت فتح الباب وصعود الراكب وجلوسه)، الحمد لله لم يفته موعد الباص، وفي أثناء رحلة الوصول لمكان العمل، راح صاحبنا "يُقاتل" بمعنى الكلمة أفكار/مشاعر بدأت تشتعل بقوّة في جُمجمته، وزاد من اضطرابه شعورٌ بالضيق في الصدر يعود إليه كُل حين... يعود كُلَّ يوم تقريباً، في الصباح عندما يركب هذا الباص.
وَصل صاحبنا ورفاقه، وتوزعوا في أنحاء المكان، بعدما ارتدى كلّ واحد منهم معطفه الأزرق الداكن، والباج.. وبدأوا عملهم كعمال نظافة مع شركة "ك" في إحدى الجامعات الحكومية، الصباح في هذا اليوم باردٌ جداً، باردٌ بشكل فظيع... فالرياح شرقيّة والسماء مُلبدة بالغيوم التي لا تُمطر وإنما تحجب دفئ الشمس فقط! صاحبنا في هذا اليوم يرتدي حذاء "سيفتي" اشتراه مُستعمل، وها هو يُسرع في تنظيف ساحة المبنى الذي يعمل فيه، يحمل الأكياس السوداء الكبيرة، وينتقي القُمامة حتى أعقاب السجائر، ويظعها في الكيس... وهكذا. حتى تذكر... قبل يومين، في المساء وقُبيل موعد النوم، طلبت منه ابنته جنا "علبة معجون"، وهو لم ينسى طلبها، لكنه لا يستطيع... لا يعرف كيف ؟
إعتدل واقفاً، ساهماً، يبدو غرقاً في التفكير... وأظلم وجههُ الضاحك دائماً... وجهه من تلك الوجوة السعيدة، التي عادةً ما يكون أصحابها أكثر الناس شقائاً!
المُهم، استمر هكذا لدقيقة او دقيقتين، والساحة فارغةٌ تماماً، والرياح الشرقية الجافة تُحرك الأشجار، والسماء مُتجهمة، حتى المبنى بدا وكأنه غاضبٌ من شيء ما... ورأى وجه المسؤول... الشاب الذي يُعاملهم كالدواب، وارتعب، وكأنه إستيقظ وراح يتلّفت وينظر في الأرجاء بعيون زائغة خائفة... وانتبه مرعوباً، لنسيانه وضع الباج حول رقبته، وتنفسّ الصعداء، وعاد لإنتقاء القُمامة دون إبطاء. وهو يُدمدم بأُغنيةٍ سمعها قبل قليل من راديو الباص، وتقول كلماتها: لو كان بخاطري أنا... لو كان بكيفي كمان... تممممم.
وَصل صاحبنا ورفاقه، وتوزعوا في أنحاء المكان، بعدما ارتدى كلّ واحد منهم معطفه الأزرق الداكن، والباج.. وبدأوا عملهم كعمال نظافة مع شركة "ك" في إحدى الجامعات الحكومية، الصباح في هذا اليوم باردٌ جداً، باردٌ بشكل فظيع... فالرياح شرقيّة والسماء مُلبدة بالغيوم التي لا تُمطر وإنما تحجب دفئ الشمس فقط! صاحبنا في هذا اليوم يرتدي حذاء "سيفتي" اشتراه مُستعمل، وها هو يُسرع في تنظيف ساحة المبنى الذي يعمل فيه، يحمل الأكياس السوداء الكبيرة، وينتقي القُمامة حتى أعقاب السجائر، ويظعها في الكيس... وهكذا. حتى تذكر... قبل يومين، في المساء وقُبيل موعد النوم، طلبت منه ابنته جنا "علبة معجون"، وهو لم ينسى طلبها، لكنه لا يستطيع... لا يعرف كيف ؟
إعتدل واقفاً، ساهماً، يبدو غرقاً في التفكير... وأظلم وجههُ الضاحك دائماً... وجهه من تلك الوجوة السعيدة، التي عادةً ما يكون أصحابها أكثر الناس شقائاً!
المُهم، استمر هكذا لدقيقة او دقيقتين، والساحة فارغةٌ تماماً، والرياح الشرقية الجافة تُحرك الأشجار، والسماء مُتجهمة، حتى المبنى بدا وكأنه غاضبٌ من شيء ما... ورأى وجه المسؤول... الشاب الذي يُعاملهم كالدواب، وارتعب، وكأنه إستيقظ وراح يتلّفت وينظر في الأرجاء بعيون زائغة خائفة... وانتبه مرعوباً، لنسيانه وضع الباج حول رقبته، وتنفسّ الصعداء، وعاد لإنتقاء القُمامة دون إبطاء. وهو يُدمدم بأُغنيةٍ سمعها قبل قليل من راديو الباص، وتقول كلماتها: لو كان بخاطري أنا... لو كان بكيفي كمان... تممممم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق