الاثنين، 11 مارس 2019

خدشٌ للحياء عام...!

يجلس مُرتديًا جاكيت العمل الكاحت، مُمسكًا مُكنسة تنظيف الساحات بيده اليمنى... يجلس صافنًا باللاشيء!
يبدو هكذا، يوميًا يتعرض للتوبيخ من ربّ العمل... التوبيخ "العنيف نفسيًا" أحيانًا! وكلّ يوم يجلس هكذا، مُتعبًا أو يائس ربما!

لن "تخلّص" أعقاب السجائر، ولا عُلب العصائر وأكياس الشبس، ولا أوراق الشجر والأتربة...
ماذا سيعمل لو لم يكن هُناك "نُفايات"؟؟
كيف سيشتري "علبة معجون ودفتر رسم وألوان ودُمية" لإبنته ذات الخمسة أعوام؟؟
لم يشتري، وسيشتري لها قريبًا، لم ينسى طلبها "الكبير"!
يتنبأ بإقتراب ربّ العمل وإمكانية طرده النهائيّ، ذلك الشخص العابس دائمًا، يرى وجههُ يقترب، ينتبهُ من صفنته ليقومَ... لكنس الساحة المليئة بالاوساخ التي لا تتناقص بل تزداد شيئًا فشيئًا..!

في موقف السيارات، بعيدٌ عن المُجمع المليء بالبشر، تجلس في مكان بين سيارتيّن، تُخرج من حقيبتها عُلبة الدّخان، وتُدّخن، بقلب يخفق، وأُذن تترصد "مُتلصص ما"..!
ترمي عَقب السيگارة على الأرض وتدوسه بقدمها، تفتح الحقيبة، لا تجد علبة الماء! أعطتها في هذا الصباح لإمرأة تتسول المارة في المُجمع المليء بالبشر، تتذكر كيف كان وجه المرأة رماديًا شاحبًا، ولباسها الأسود كذلك شاحبْ...! ناولتها علبة الماء، وأسرعت للباص، جلستْ في المقعد بجانب النافذة، وصفنت... أُناس كُثر، يجيئون ويذهبون، أصوات تتداخل.. أغانٍ وطنية، وفيروز وعمر العبدلات و... الوكيل يوبّخ مُستمع ما، يتهمه بعدم الموضوعية، الوكيل يُبهدل مسؤول ما، إعلان دالاس!
تتذكر برنامج الراديو في الأمس عندما كانت عائدة، كان برنامجًا دينيًا لمحمد نوح، تحدّث فيه عن حقوق الأزواج، من حق الزوج أن يعود للمنزل ويجد الأكل جاهزًا، والزوجة جاهزة لكل شيء... ومن حق الزوجة أن يشكرها زوجها ويُمسد على شعرها...!
دخول مجموعة أطفال بشكل مُتقطع، يستعطون الرُكاب، طفلةٌ منهم تحمل في يدها سكين فواكة صغيرة، وكيف لم تجد فراطة تُساهم في "الصدقة" التي دخل رجل مُلتحي يطلبها من الرُكاب... وكيف...!
لم تسأل الأطفال أين ينامون؟
هزت رأسها تطرد كل الأشياء التي فاتت وبقيّت... مشت مُبتعدة عن موقف السيارات!
وأصبح العقب في سلة المُهملات، دليلٌ آخر.. - لا يُدركه ربّ العمل للأسف- على تفاني الموظف في عمله...!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق