الجمعة، 16 أغسطس 2019

أزمة وطن 1

خُطبة الجُمعة كعادة إجتماعية!

الصلاة بجوهرها هي ركن أساسي من أركان الدين الإسلامي، والمسجد هو بيت "فخم" تُؤدى فيه الصلاة؛ الصلوات المفروضة(الفجر، الظهر، العصر، المغرب، العشاء) والسُنن والنوافل، وصلاة الجُمعة...
يومُ الجمعة، يوم إجازة وعيد إسبوعي للمُسلمين، وفي هذا اليوم وفي صلاة الظهر تُقام صلاة الجُمعة وهي صلاة يُنادى لها بأذانين، ويصعد الإمام وهو الخطيب بعد الأذان الأول ويُسلم على المُصلين من خلال الميكرفون الذي يبثُ الخُطبة للناس في الخارج للنساء في بيوتهن وللذين لم يستطيعوا الحضور للصلاة لعذر قاهر...
الخُطبة قسمين وتُختتم بالدعاء وصلاة ركعتين يجهرُ بهما الإمام...
لن أتناول الخُطبة من منظور فقهي وكيف تطورت وواكبت الحداثة... ومن رأيي هي لم تتطور سوى في الشكليات، وموضوعاتها تتناول ما هو مُكرر ومُمل جدًا، وبالطبع توجد إستثنائات نادرة،
نعم أصبحت عادة وعادة تُفقد العبادة جوهرها، باتت واجب أخلاقي/إجتماعي ثقيل... يصعد الخطيب وترمقهُ العيون الناعسة، وتنتظر الأجساد بفارغ الصبر إنتهاء "الضجيج"، ولو أنك سألت مُعظم الحاضرين ما أبرز ما تناوله الخطيب في كلامه، لصفن وفكّر قبل أن يخبرك الجواب!
قد أظهر كمُعمم لتجربتي وبأنني أحكم على الأمور بسطحية وسذاجة... ولكنني أعتقد بأن هذه العادات الاجتماعية هي التي تُدّعم حالة "الخمول الاجتماعي"... وهي التي جعلت من الناس مُجرد مُتلقين ومُستمعين وخاضعين، ولا يملكون حق المُسائلة والحوار البنّاء، نعم للخطبة خصوصية دينية، لكنها تُؤثر شئنا ذلك أم أبينا في عقول الناس ووعيهم...
وفي حاضرنا معظم الخُطب مثلما أسلفت تتناول موضوعات مكرورة ومُملة وبديهية، وأحيانًا تكون "بهدلة وتوبيخ" للناس على خطاياهم وما يحدث من ذنوب وتجاوزات...الخ
مثلًا يذكر الخطيب بصوت غاضب، بأن لباس النساء وتبرجهنّ من أسباب فساد المُجتمعات، ولا يتناول حقائق وفرضيات إجتماعية بل مجرد كلام عاطفي سطحي... وبأن الابتعاد عن الدين ومظاهر الانحلال الأخلاقي الذي يتمحور حول الاختلاط واللباس غير المُحتشم للنساء مثلاً هو سبب تردي الاقتصاد وحتى هزائمنا على المستوى السياسي... وهذا غيض من فيض ما يتحدث به الخطباء، والبعض يُرجع ذلك للتضييق من الدولة عليهم، فهم "مجبورين" على عدم تخطي الحدود، وهُنا نلمس واقع القمع المُمارس والذي يتم بشكل طبيعي وعادي...!
والدين في جوهره ليس مُجرد شكليات ومظاهر، والله ليس بحاجة مُمارستنا الروتينية للعبادات، ولكن يخطر على بالي سؤال: هل نحنُ نُصلي لله بالفعل؟!
وهل "الله" صار في مُخيلتنا مُجرد ساذج وينخدع بما نفعل؟؟ هل بالفعل نحنُ نعرف خالقنا ونَعي عظمتهُ وجلالته؟؟
وأعود لموضوعي الأساسي بتساؤل بسيط: ما هي شروط الخطيب؟
لماذا لا يتناول مشاكل المجتمع ويُحللها بصورة علمية لا تتعارض مع الخطاب الديني، وفي النهاية يطرح حلول لهذه المشكلة أو تلك... ليس بالضرورة أن يُسهب في الحديث ويستطرد، فقط يتحدث برؤوس الأفكار، ليُحرك ويستفز ذهن المُستمع!
لتكون بالفعل خطبة الجمعة فرصة للتفكر والوعي... ليس ضروريًا أن تصبح جلسة حوارية، لكنها بشكلها الحالي باتت واجب ثقيل ومُزعج، ومجرد عادة قديمة تحولت لروتين إسبوعي... ولا بأس، لتبقى المُقدمة ذاتها ولتنتهي بالدعاء،
 لا أدعو لتغيير بنية الخطبة ولكن الشيء الذي لا يواكب العصر يموت...! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق