*المُتدين في هذا الطرح هو كل فرد يُمارس العادات الدينية (أهمها الصلاة في المسجد)
اليوم أصبح للتدين شكل وتحوّل الدين لظاهرة إجتماعية.
وفي مجتمعاتنا العربية التي تدين بدين الإسلام مع وجود أقليّات دينية معظمها من الدين المسيحي، يُمكن أن نقول بأن مجتمعاتنا اليوم دينية جدًا...
سأتحدث هُنا عن دين المُجتمع الإسلامي، وأجدُ صعوبة في تحديد المحاور التي سأتناولها وعن ماذا بالضبط سأكتب...
ولأنني بدأتُ هذه المقالات بكتابة إنطباعاتي الشخصية حتمًا سأستمر بهذه الطريقة... ولن أسمح لعاطفتي وأفكاري الخاصة بأن تُؤثر على طرحي للمسائل الإجتماعية التي تُشكل أزمتنا الوطنية...
في كل قرية مسجد، بل في بعض الأحيان في المكان الواحد يوجد عدد من المساجد، والمسجد هو مكان للعبادة(إقامة الصلوات المفروضة)، هذا المبنى الأنيق جدًا، والذي يُشبه القصر الفخم، أصبح وجوده ضروريًا، بل يُمكن قبول عدم وجود بقالة أو مخبز أو مكان مُخصص لإنتظار الحافلات... ولكن لا يُمكن قبول مكان بلا مسجد "فخم بالضرورة"، وقد نفهم من هذا الأمر أهمية المسجد للمجتمع، وأهمية الدين مُقابل الخدمات العامة كالمراكز الصحية والمواصلات والمدارس و الخ...
يُولد الفرد ليَدين بدين المجتمع، واليوم مثلما تحدثت صار الدين ظاهرة إجتماعية ونمط حياة مرغوب ومُستحسن، فنجد الجميع يتسابقون في إظهار تدينهم ومُمارسة العبادات التي تُثبت تديّن الفرد بل وتميّزه عن غيره، ولكن هل بالفعل ثمة مُتدينين؟!
وما هي معايير التدين؟ ما هو شكل المُتدين(وهُنا قلت شكل أيّ سطح لأن الجوهر والمضمون مَخفي)؟
الدين أصبح ظاهرة، لأنه قبل عقود لم يكن له هذا الإنتشار الواسع، والأجداد لم يكونوا مُتدينين كما أحفادهم اليوم...
ما هو الدين؟
هل أنا مُسلم لأنني أُصلي وأصوم... هل أنا مُؤمن بالله، لأنني أعتبر التساؤل حول الله وسواس شيطاني، يجب أن أنتهي عنه وأستعيذ بالله منه؟؟
الدين جوهر وفكر وإيمان، يأتي كنتيجة لإدراك عقلي... وإذا لم يكن كذلك فهو مُجرد "تقليد أعمى"
ولو أن الدين بالفعل مُتجذر في مجتمعاتنا لأختلف الواقع تمامًا... والواقع اليوم يُظهر الدين كشكل خارجي ومظهر إجتماعي... وهو أيضًا ملاذ للإنسان الخائف بالضرورة من وجوده وماهيّة هذا الوجود وقيمته، وهو يُخفف من تعاساة الحيّ، ليطمئن بأن هذه الحياة وإن إستطالت مُؤقتة وزائلة وليست ذات أهمية... فالمهم هو اليوم الآخر والحياة الأبدية المُنتظرة(في الجنة)!
صلي وأستغفر وتخيّل وفاتك شيخًا يُمضي معظم وقته في الصلاة والعبادة...
فالله مثلما هو شديد العذاب، فهو غفورٌ رحيم، والإنسان بطبعه يميل لتبرأة نفسه وبأنه لن يُعاقب على ذنوبه، وبأن الجنة حتمًا هي داره... فهو يُصلي أو سيصلي ويصوم أو سيلتزم بالصيام... الخ
يفتقد إنسان اليوم للقيمة الحقيقية... فكل شيء بلا قيمة، إلا القيمة المادية/النفعية فهي تتجسد في كل خياراته وتعاملاته... حتى الدين صار كتعاملات مصلحة ما بين العبد وربّه، إعبدني وأطع أوامري ولك جنتي، إعصني ولك عذابي...
وللدين دوره الكبير في أشكال الإستبداد السياسي/الاجتماعي، والسكوت للواقع والرضا والتسليم به... التربية الدينية اليوم، تُؤسس للعبد الخاضع والمُستكين والمُستسلم للحياة من باب "الإيمان بالقدر خيره و شره"، ولرجال الدين الذين أصبحوا "مُقدسين إجتماعيًا" دورهم في بثّ روح الإنهزامية والسكوت والخنوع...
وهم كذلك أدوات للنظام السياسي، فتارةً يستخدمهم لمصلحته، وتارةً يقمعهم ويفرض عليهم القيود بإسم "مُكافحة التطرف"،
من أين نأخذ شريعتنا الدينية؟
القرآن كتاب مُقدس وما صحَّ من السنة النبوية كذلك، وللعلماء أيضاً دورهم في التشريع... ولكن هل بالفعل دين اليوم هو دين الأمس القريب والبعيد؟
ولماذا نُسلّم بأصحيّة الموروث الديني وبأن الدين بشكل عام لم يتعرض للتزييف والتحريف منذ 1400سنة؟
لماذا نُنكر إحتمالية ذلك، وندّعي بشكل إنكاري لا واقعي حفظ الله لدينه؟
لن أخوض في تاريخ الدين وأتناول عصور ما بعد الخلافة الراشدة.. تلك العصور التي كانت فيه السياسة تلعب دورها الكبير في إستخدام الخطاب الديني لصالحها...
ونحن اليوم نُقدّس الصحابة أولاً وبعد ذلك كل سلفنا، فهم أبطال ونحن نحيا الهزيمة... رسمنا للتاريخ صورة برّاقة وقارنا الماضي "الجميل" بالحاضر، والماضي يتجسد في بلاد إسلامية يحكمها خليفة(أموي، عبّاسي، أيوبي، فاطمي، مملوكي، عثماني...) وشعب يحتكم لدستور إلهي.. ويعيش الحياة الرغيدة، واليوم ليتنا فقط نعود لديننا وشريعتنا... ولو سألت هذا الحالم ما هو الدين ولماذا أنت مُسلم؟ لصفن وتلعثم وأخبرك بأن الدين الإسلامي كذا وكذا.. يأتيك بتلك العبارات السطحية والفارغة إلا من الوهم والخداع...
الخطاب الديني اليوم هو خطاب عاطفي جامد ومُتخلّف، يجعل من الفرد إنسانًا يفتقد لإنسانيته وقيمتها، ولدافعية التغيير والإصلاح والنهضة، اليوم نفتقد للأصالة والإبداع ونُعاني أزمة إتباع وتقليد وتكرار!
اليوم أصبح للتدين شكل وتحوّل الدين لظاهرة إجتماعية.
وفي مجتمعاتنا العربية التي تدين بدين الإسلام مع وجود أقليّات دينية معظمها من الدين المسيحي، يُمكن أن نقول بأن مجتمعاتنا اليوم دينية جدًا...
سأتحدث هُنا عن دين المُجتمع الإسلامي، وأجدُ صعوبة في تحديد المحاور التي سأتناولها وعن ماذا بالضبط سأكتب...
ولأنني بدأتُ هذه المقالات بكتابة إنطباعاتي الشخصية حتمًا سأستمر بهذه الطريقة... ولن أسمح لعاطفتي وأفكاري الخاصة بأن تُؤثر على طرحي للمسائل الإجتماعية التي تُشكل أزمتنا الوطنية...
في كل قرية مسجد، بل في بعض الأحيان في المكان الواحد يوجد عدد من المساجد، والمسجد هو مكان للعبادة(إقامة الصلوات المفروضة)، هذا المبنى الأنيق جدًا، والذي يُشبه القصر الفخم، أصبح وجوده ضروريًا، بل يُمكن قبول عدم وجود بقالة أو مخبز أو مكان مُخصص لإنتظار الحافلات... ولكن لا يُمكن قبول مكان بلا مسجد "فخم بالضرورة"، وقد نفهم من هذا الأمر أهمية المسجد للمجتمع، وأهمية الدين مُقابل الخدمات العامة كالمراكز الصحية والمواصلات والمدارس و الخ...
يُولد الفرد ليَدين بدين المجتمع، واليوم مثلما تحدثت صار الدين ظاهرة إجتماعية ونمط حياة مرغوب ومُستحسن، فنجد الجميع يتسابقون في إظهار تدينهم ومُمارسة العبادات التي تُثبت تديّن الفرد بل وتميّزه عن غيره، ولكن هل بالفعل ثمة مُتدينين؟!
وما هي معايير التدين؟ ما هو شكل المُتدين(وهُنا قلت شكل أيّ سطح لأن الجوهر والمضمون مَخفي)؟
الدين أصبح ظاهرة، لأنه قبل عقود لم يكن له هذا الإنتشار الواسع، والأجداد لم يكونوا مُتدينين كما أحفادهم اليوم...
ما هو الدين؟
هل أنا مُسلم لأنني أُصلي وأصوم... هل أنا مُؤمن بالله، لأنني أعتبر التساؤل حول الله وسواس شيطاني، يجب أن أنتهي عنه وأستعيذ بالله منه؟؟
الدين جوهر وفكر وإيمان، يأتي كنتيجة لإدراك عقلي... وإذا لم يكن كذلك فهو مُجرد "تقليد أعمى"
ولو أن الدين بالفعل مُتجذر في مجتمعاتنا لأختلف الواقع تمامًا... والواقع اليوم يُظهر الدين كشكل خارجي ومظهر إجتماعي... وهو أيضًا ملاذ للإنسان الخائف بالضرورة من وجوده وماهيّة هذا الوجود وقيمته، وهو يُخفف من تعاساة الحيّ، ليطمئن بأن هذه الحياة وإن إستطالت مُؤقتة وزائلة وليست ذات أهمية... فالمهم هو اليوم الآخر والحياة الأبدية المُنتظرة(في الجنة)!
صلي وأستغفر وتخيّل وفاتك شيخًا يُمضي معظم وقته في الصلاة والعبادة...
فالله مثلما هو شديد العذاب، فهو غفورٌ رحيم، والإنسان بطبعه يميل لتبرأة نفسه وبأنه لن يُعاقب على ذنوبه، وبأن الجنة حتمًا هي داره... فهو يُصلي أو سيصلي ويصوم أو سيلتزم بالصيام... الخ
يفتقد إنسان اليوم للقيمة الحقيقية... فكل شيء بلا قيمة، إلا القيمة المادية/النفعية فهي تتجسد في كل خياراته وتعاملاته... حتى الدين صار كتعاملات مصلحة ما بين العبد وربّه، إعبدني وأطع أوامري ولك جنتي، إعصني ولك عذابي...
وللدين دوره الكبير في أشكال الإستبداد السياسي/الاجتماعي، والسكوت للواقع والرضا والتسليم به... التربية الدينية اليوم، تُؤسس للعبد الخاضع والمُستكين والمُستسلم للحياة من باب "الإيمان بالقدر خيره و شره"، ولرجال الدين الذين أصبحوا "مُقدسين إجتماعيًا" دورهم في بثّ روح الإنهزامية والسكوت والخنوع...
وهم كذلك أدوات للنظام السياسي، فتارةً يستخدمهم لمصلحته، وتارةً يقمعهم ويفرض عليهم القيود بإسم "مُكافحة التطرف"،
من أين نأخذ شريعتنا الدينية؟
القرآن كتاب مُقدس وما صحَّ من السنة النبوية كذلك، وللعلماء أيضاً دورهم في التشريع... ولكن هل بالفعل دين اليوم هو دين الأمس القريب والبعيد؟
ولماذا نُسلّم بأصحيّة الموروث الديني وبأن الدين بشكل عام لم يتعرض للتزييف والتحريف منذ 1400سنة؟
لماذا نُنكر إحتمالية ذلك، وندّعي بشكل إنكاري لا واقعي حفظ الله لدينه؟
لن أخوض في تاريخ الدين وأتناول عصور ما بعد الخلافة الراشدة.. تلك العصور التي كانت فيه السياسة تلعب دورها الكبير في إستخدام الخطاب الديني لصالحها...
ونحن اليوم نُقدّس الصحابة أولاً وبعد ذلك كل سلفنا، فهم أبطال ونحن نحيا الهزيمة... رسمنا للتاريخ صورة برّاقة وقارنا الماضي "الجميل" بالحاضر، والماضي يتجسد في بلاد إسلامية يحكمها خليفة(أموي، عبّاسي، أيوبي، فاطمي، مملوكي، عثماني...) وشعب يحتكم لدستور إلهي.. ويعيش الحياة الرغيدة، واليوم ليتنا فقط نعود لديننا وشريعتنا... ولو سألت هذا الحالم ما هو الدين ولماذا أنت مُسلم؟ لصفن وتلعثم وأخبرك بأن الدين الإسلامي كذا وكذا.. يأتيك بتلك العبارات السطحية والفارغة إلا من الوهم والخداع...
الخطاب الديني اليوم هو خطاب عاطفي جامد ومُتخلّف، يجعل من الفرد إنسانًا يفتقد لإنسانيته وقيمتها، ولدافعية التغيير والإصلاح والنهضة، اليوم نفتقد للأصالة والإبداع ونُعاني أزمة إتباع وتقليد وتكرار!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق