السبت، 24 أغسطس 2019

أزمة وطن (واقع عبثي)

في هذه الليلة أنا المثال... مثال لواقع شباب الوطن "المأزوم"، وطن 70% منه شباب من الجنسين، وإذا إعتبرنا بأن الجنس الانثوي في واقعنا هو جنس قاصر ومُهمّش... يُمكننا أن نقول بأن أكثر من نصف شبابنا مقتول مجازيًا طبعًا، ولنكتب عن  النصف الحيّ... الذكور/الرجال، لنكتب عن شباب لا أُبالغ إذ أدّعي بأنه يعيش حالةً من "العَبثية" والضياع!
شباب الوطن، هم جيل من سلسلة أجيال تمتد منذ ما قبل نشأة الوطن إلى اليوم، وبالطبع لكل جيل خصوصيتهُ وتحدياته، ولكنني الآن لا أستطيع كتابة الأفكار التي تحوم وتضطرب في رأسي لكثرتها ولحيرتي إزاءها... وسأحاول، لأن كلّ حياتنا محاولات، والمحاولةُ إذا كانت حقيقية ونابعة من وعي ذاتي ورغبة مُلّحة حتماً ستنجح أو لنقول ستكون محاولة صائبة "بعض الشيء"... 
إنني أكره بأن أكون "مُنتقدًا سلبيًا ومهووسًا بالذم والشتم" وأتمنى أن لا أكون كذلك في طرحي لهذه السلسلة من أزمة وطن... إنني أكتبُ غضبي وثورتي التي تختزنُ في داخلي، إن هذه الحروف تُشبه كلمات أقولها بجسارة في وجه الملك أو أيّ مسؤول حكومي، وهي كأنها فعلي في ثورة شعبية حقيقية تُسقط ما ننتقده ونَسخط عليه، وقبل أن أعود لإكمال كتابتي عن واقع الجيل "العبثي"، أُريد أن أُنوه لشيء: اليوم صباحاً قرأتُ بحث من 34 صفحة يتناول رؤية عبدالرحمن الكواكبي للثورة والحرية، والبحث يتعلق بكتاب "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"... ما قد وقر في ذهني من ما قرأت، بأن الثورة تبدأ بالعقول، وبأن المُستبد لن يسقط إلا بثورة تضحية وشهادة، وبأن الثورة إذا لم تكن فكرية في البداية وتبدأ بتنظيم وفق شروط مثل ما هو بديل المُستبد؟... ستنتهي حتماً بفوضى وخراب بل وربما إمعانٌ في إستبداد قديم جديد...، 
غادر مكانك وأنظر لشباب اليوم، هل تلمح بهم ملامح الثورة والتغيير؟! 
هل لديهم وعي سياسي ولو بشكل سطحي أم أنهم يملكون أوهامًا عاطفية وغضب مكبوت وخائف من نظام الحكم؟! 
وأنظر كذلك لرغباتهم وطموحاتهم ونظرتهم للحياة والواقع... 
ما هي إهتماماتهم؟ وما هي الأشياء التي تستحوذ تمامًا على تفكيرهم؟؟ 
هل ينتمون لوطنهم بالفعل؟ هل يعرفون ما هي هويتهم الوطنية و... الكثير من الأسئلة! 

أزمة جيلنا هذا، هي أزمة تراكمات وتربية لم تُراعي أساليب التربية الصحية، والتربية التي صنعت هذا الجيل، لم تكن سوى "كلام فارغ"... مُجرد تدجين وقولبة جاهزة، هذا الجيل هو فقط صورة لجيل أول تعثّر وما زال يسقط إلى القاع، لم يرتطم بعدُ في القاع، وسيأتي جيل الارتطام قريبًا، جيلٌ سيجد نفسهُ وقد تهشّم من وقع الارتطام وإستقر في ظلام القاع الدامس... ربما سيموتُ ببطئ أو بسرعة، وربما سينهض ويجد وسيلة للنجاة؟؟ لا نتيجة ثالثة! 
غفلة ما بعد التعثّر أعلى الحفرة للإرتطام في قاعها أخيرًا مُستمرة، وربما نحنُ في آخر حالة السقوط وقد نعيش الإرتطام...؟
لا أدري منذ متى بالتحديد بدأتُ أشعر بخطر وجودي مُحدق، وبأن حياتنا اليومية تفتقد للغاية والهدف والمعنى... أرى الغفلة والإنكار ترتسم بوضوح على ملامح الوجوه في الحرم الجامعي وفي باص الخط وفي جلسة عائلية أو أصدقاء في دورات تدريبية أو في إجتماعات العمل والمُبادرات وفي السوق وعلى الأرصفة... في كل مكان ألمحُ العبثية والفراغ واللامعنى، وأتألم... نعم ينتابني ألمٌ صامت وفظيع، وأحزن كثيرًا...! 
وتختلطُ بي مشاعر تفاؤل وإحباط ويأسٌ وإنكار لليأس، بأنني ربما أتوهم، ربما أنا فقط مريض نفسيًا وأهذي وأتخيّل وأُبالغ... لا أدري!، 
وأعتقد مما رأيتُ وأرى... بأننا جيلٌ يُعاني أوج أزمة وطنية، وهذا الجيل يفتقد للدافعية والجرأة والمواجهة، هذا الجيل مُنقسم ومُتشرذم في زوايا العشائرية والإيديولوجية وبقية الأغلال الثقيلة التي قُيدنا بها وأعتدنا القيود... وأكتبُ:"قُيدنا" لأن الطفل اليوم وبالأمس ومنذ نشأة الإنسانية يُولد حُر ومنذ دقائقه الأولى تبدأ الاغلال تلتفُ عليه...



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق