الأحد، 8 سبتمبر 2019

أشجان أيلولية (2)

الثالث من أيلول

ليلٌ وأنا. الليلُ وطن مُؤقت. وطن بلا حدود ورايات.
وطن...
وطني غريب.

ولي عليه حقٌ مهدور وضائع. لي عليه حق...! 

أيُّ وطن هذا الذي أُعاتبه الآن في هذه اللحظة من الليل!
في داخلي بقايا ليلٌ لا يزول. هذا الليلُ الذي يطغى في الخارج يزول.

بعدما تعبت من التسوّل بين الباصات والضجيج والنظرات الجامدة والباردة... عادت لتجلس في ظل "كشك من أكشاك مُجمع الباصات "، وأحتضنت طفلها ونظرت إليه بإمعان... نظرت إليه بقوّة، وهي التي تمشي بعيون كسيرة بين العيون الكثيرة،
كانت تهرب ولو بشكل مُؤقت من عُهر الخارج، تهربُ بإحتضانها لطفلها.


حتى في حزنها طفلة. لا تدري ماذا تُريد ولماذا هي حزينة.

الجُدران لا تتغير. تستمر بالمسير الصامت نحو النهاية ربما،

الجُدران قد تنهدم بمعوّل لا تحملهُ يدٌ تخاف.


كل النظريات التي قد تحفظها وتنعقُ بها في كل مُناسبة، ستطير... ستتبخر عند أول إمتحان واقعيّ، لذلك دع النظريات وتأخر في قاعة أيّ إمتحان.

لسنا بحاجة مُنجمّين وعرّافين لنعرف ما يحمله لنا الغد... الغد في شرقنا هذا. هو إستمرارٌ لهزائم الأمس القريب والبعيد،
ولنضمن الغد علينا أن نواجه اليوم، ما نخافهُ غدًا.

تعال وأصرخ بجانبي، ولا تهمس إليّ من بعيد. ربما سأصفعك وأنت قريبٌ وتصرخ، لكنك وانت بعيدٌ وأسمع هَمسك، أكيد سأرغب بقتلك.

اليوم البطولة هي أن تكون "لطيفًا" بشكل جدّي في وقت بات اللُطف عملة نادرة جدًا...!

تملأ دماغك بأفكار هشّة ووردية ولا واقعية، وتخرج مُرغمًا أو برضاك للواقع، وتشعر بكآبة وغُربة، أفرغ دماغك من ذلك الحشو لترتاح قليلاً.

عندما ينتابك إحساسٌ ما عميق ومُبهم، تأكد بأنك بدأت تدخل في مرحلة النوم الأولى... اترك كل شيء من يدك، وأستعد للنوم فقط...

سيهرب النوم من عينيك، وستلعن الفراش والمكان وكل شيء.

***

حياتك تتحرك. اليوم الأول من الشهر. بسرعة تُصبح في اليوم الأخير. تنتبه. ينتابك جزع، أو تستيقظ دهشتك الطفولية... يزول كل شيء وتتدثر برتابة اليوم وممله.
تبحث عن معنى للخارج. دائمًا في داخلك غُربةٌ ما وإحتياج يبدو مُستحيلًا.

تهرب.
 أمسكَ يتشبثُ بك. وغدُكَ يحدثُ بعد قليل. العام القادم بعد قليل. والعام الماضي!
يحدث أن تضيع في رتابة الحياة، وكُنت دائمًا تلعن هذه الرتابة. 
الملل يوقظك في كل صباح لتغتسل بماء فاتر...! 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق