الثلاثاء، 11 سبتمبر 2018

وجود 5

في ليلةِ أول الأمس مات العيد. هبّت عاصفةٌ ليلة الأمس، و استيقظ الصبح في هذا اليوم على زخات المطر التي طال إنتظارها. 
كان العيدُ رجلاً لا يتغيّر، كانَ كبيراً ذو لحيةٍ شيباء.. كانَ كالليل.. لكنهُ ليلٌ مُشرق.. يُشبهه الليل، لأن العيد كانَ إلى أن واتتهُ المنيّة، كقلبٍ لا يَجزع.. كنفسٍ لا تَقلق، كجسدٍ لا يندفع ولا تُحركه حماسةً لحظيّة لا تلبث وأن تتحول لخمود.. يا لهذه الحياة ما أقساها، ويا لتلك الأنفس التي تترك فراغاً وراءها ما أسرع رحيلها..
....
كفّوا عن التباكي. وابكوا صادقين.. والبكاء الصادق يجعلنا في أحسن حال.
....
لماذا لا يصمتون ؟ ليُدركوا وليعلموا بأن الصمت (غالبا) أكثر تأثيراً وتغييراً وتواصلاً.
لماذا لا يتركون ؟ لأن الترك حُريةً وإنعتاق! 
لماذا يُغذّون أجسادهم ويتركون وجدانهم خاوياً..فارغاً؟
عبيدٌ وإن إعتقدنا (واهمون) بإننا أحرار، او نتملكُ حرية الإختيار.. الإعتقاد.. التعبير.. في الحقيقة نحن لا نملكُ شيئاً، حتى حياتنا تجردنا منها وصرنا غرباء عن أنفسنا ومن ثم نستغرب تردينا في غياهب البؤس والتعاسة واليأس.
....
نستخدمُ المفاهيم والقواعد الجاهزة التي قرأناها وحفظناها عن ظهر قلب.. دون أن نعيها.. نحنُ لسنا أصيلون/مُبدعون في أفكارنا ورؤانا وانظمتنا الحياتية والفكرية، وبالتالي لا يكون إستخدامنا لتلك المحفوظات ("الدخيلة) الّا إنحرافاً او تطرفاً.
نحنُ عاطلون عن كل شيء، ونُمضي حياتنا نعمل ونكدُّ..
ما نتيجةُ هذا العمل المُتواصل ؟ أعتقد لا شيء.. لا بل هُناك نتائج سلبية، أهمها هدر حياتنا القيّمة وراء سراب.
....
أيّها الليل مَن أنا ؟ وما أنت ؟ 
هل تعرف بأنني سأستيقظ بعد أربع ساعات لأذهب في رحلة لا أدري ما أُسميها... قد تكون فقط إثبات حضور او لأستمعُ (مُجبراً) لدكتور يتفلسف.. او لأصرف دنانيري في رحلتي هذه!
لماذا كُل شيء لا يُعجبني ؟ حتى انت لم تعد تروقُ لي بل أصبحت -مُؤخراً- شيئا كريهاً.. لا عليك، أعذرني فإنني طافي من النُعاس.. لكنَّ رأسي مُضطرب وانفي كذلك وعينايّ ! إلى اللقاء..
...
إنني على خيرْ ما يُرام لولا... كُل شيء! إنني انزف واخوض معاركي!
أنتظر وأنتظر.. ملَّ الإنتظارُ مني، وسأمتُ منه وضُقت به، ما لي هكذا.. كأن الحياة مُجرد كابوس يجثمُ فوقَ كاهلي المُتعب.
...
هذا السكون يُؤذيني.. لا يتناسب إطلاقاً مع ما فيَّ من عاصفةٍ لا تهدأ.
...
لا شيء يُغريني بالحياة سوى الغد..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق