قيّدوني جيداً.. وقبل ذلك تأكدوا بأنني أرتدي "الخمار الأسود" ولا يظهرُ مني شيء..
خطيئتي "الزنا"، لن أُبرئ نفسي او أعترف بفعلتي.. إعتقلوني، ووضعوني في مكان مُظلم وموبوء.. عندما إعتقلوني، كانوا لا يُريدون مني شيئا.. لا اعتراف او دفاع، هُم مُتأكدون من كل شيء.. لأنهم.. لا أعلم! الله وحده يعلم! ولكن رأيت في وجوههم فرحٌ وسعادة، كأن خطيئتي هي التي اسعدتهم... استجوبوني لا لشيء سوى لإخباري بأنه قد ثبت عليّ بأنني مارستُ "الزنا" وأنا مُتزوجة! مَن هم شهود خطيئتي؟ لا أسمع الشهود ولم أراهم !ولأنني متزوجة فعقوبتي هي "الرجم" بالحجارة حتى يغفر الله لي خطيئتي ويتم تطهير المجتمع من الرجس الذي ظَهر فيه.! هكذا أخبروني.. وغداً هو يوم التنفيذ مع ساعات الفجر.
عندما أخبروني بذلك.. طبعاً انتابني خوفٌ ورعبٌ شديد.. وتذكرت زماان لمّا كنت ألعب مع أخواني وابناء الجيران قدّام البيت.. إبن الجيران عمره أربعة سنين.. ضربني بحجر صغير على رأسي.. وإلى الآن أتذكر الوجع اللي حسيت فيه آنذاك.
لمّا تقدّم لي زوجي، كنتُ صغيرةً في السن، كان نفسي إني.. ما أتزوج لأني كنت طفلة، صح عمري كان 19 بس ما كنت متخيلة إني أصبح زوجة.. بس مين كان رح يسمعني؟ ما هم يحكوا "الحُرمة" لازم تنستر ببيت زوجها.. زوجها هو سيد راسها وتاجها، لأنه سَتر عليها!
وهو كذلك صاحب فضل عليها وعلى عائلتها.. لماذا؟ لأنه تزوجها! زوجوني صغيرة حتى اتربى على ايدين زوجي.
لمّا بلشت الازمة بالبلد إختفى زوجي، وتغيّر الحي والبلد. تغيّرت بلدتنا كثيرا... لم أعد أرى الألوان.. صار كل شيء كئيباً.. سوداوياً.. والوجوة الغريبة ذات العيون المُتلصلصة تملأ الشوارع.. لها حقّ المُسائلة والعقاب وكل شيء.. يتشابهون في هيئاتهم ووجوههم القبيحة راياتهم سود والله أكبر من أفواههم تعني الموت والدم.
قُبيل الفجر وضعوني في.. شِبه حافلة، كان أبي معهم، لم أره منذ أمد، وجهة ناحل وعيناه قاسيتان.. ويتحاشى النظر إليّ.. وعندما حاولت التحدث معه أشاح بوجهة عني، ورفع يده، إنتهى الكلام!.
هل أنا خائفة ؟ يجب عليّ أن ارتعب! بعد قليل، ستُسدد عليّ الحجارة، لا بشكل عفويّ او مُزاح لاتحاشاها.. لا بل لقتلي!.
نظرت إليهم.. ما أكثرهم!؟ مُلثمون.. وتهتز أجسادهم مع اهتزاز المركبة.. ويحملون بندقياتهم على أكتافهم.. هل يُعقل بأنهم خائفون مني ؟ أنا الوحيدة.. الحُرمة.. المُقيدة.. وهم الجماعة.. الذكور.. !!
أعرفُ هذه المنطقة جيداً، لطالما أتيتُ إلى هُنا.. طبعا في الماضي، مع رفيقاتي بعد انتهاء اليوم الدراسي.. من أجل "حفلة غدا جماعي".. هُنا كانت مزارع الزيتون والخُضار والفواكة.. وآبار المياة والقنوات والبرك المائية.. لماذا أصبحت شبه صحراء ام إنني اخطئتُ المكان والتخمين ؟
لاا... لن يرجمونني.. هُنا.. ياا رب.. ليبقى هذا المكان ذكرى فرح وسعادة سُرقت او قُتلت لا يهم الآن.. ليبقى ذكرى حياةً كانت.. بسيطة.. سعيدة.. رائعة.. عفوية.. هل الموت هو المُرعب؟ منذ أن دخل هؤلاء الغرباء بلدي، أصبحت الحياة مُرعبة.. ولا أعتقد بأن الموت وهو انتهاء هذا الرعب.. هو الرعب؟! ليش اموت ؟ أعلم بأن الموت هو مصير كل حي، ولكن يختلف الموت الآن.. في حالتي هو.. هم فقط قرروا موتي.. حتى يغفر الله لي !
وصلنا.. كان "المشوار طويل".. والصُبح بدأ يصحو.. لكن الشمس لم تطلع بعد.. قد لا أحيا لأراها!
نزلت بصعوبة.. لأنني مُقيدة بإحكام.. مربوطةٌ بحبل مشدودٌ حول بطني، مُحكم التقييد ولم يسألونني هل يُؤلمني ام لا ؟ وقف أمامي أحدهم.. لحيته سوداء كثيفة وبجانبه أبي.. أبي الذي يستحق كرهي.. أبي الذي كان يجب عليه أن يحميني من هذه الوحوش التي ستتلذذ بألمي وصُراخي! لكن أبي خذلني.. مَن يلومني إن كرهته؟ أنا أكره جُبنه وخُذلانه وضعفه.. الذي غطّاه بكبرياء وقسوة!
تحدث ذو اللحية، كان صوته قاسياً، لم أعي ما يقول.. وبكل الأحوال فهو يُمثل أمام الكاميرا التي تقف خلفي، وحولنا جمهور من المُسلحين.. يترقبّون البدء بتنفيذ حدّ الله.
طَلبت من أبي أن يُسامحني، ورفض طلبي! مَن مُطالب بأن يُسامح من؟ تناقضت في تلك اللحظة كلماتي مع ما يعتمل في أعماقي.. فبسبب رجائي في أن أرى بعينيه أسف ويأس.. طلبت منه السَماح والعفو.. كُنت مسلوبة الإرادة ومشلولة الأركان.. الله يرى كل شيء ويعلم كذلك! حُفّظت كلمات لقنونني اياها وكان يجب علي قولها لتكتمل الصورة أمام الكاميرا!
كنت ارتجف رُعباً وهَلعاً.. لن أقدر على تحاشي حجارتهم المُسددة بإحكام.. سأكتفي بأن اتلقاها.. سأتألم كثيرا هكذا حدّثت نفسي.. كانت حفرتي جاهزة والحجارة جاهزة أيضا.
وضعوني في الحُفرة. وتجمّعوا أمامي.. نظرت إلى أبي.. كان يقف معهم.. ضدّي.
سألتهُ: ليش ما توقف معي يا أبي؟ كان صوتي واهناً وأنا في الحفرة..أنتظر.
بدأوا.. اللهُ أكبر، وحجرٌ ارتطمت برأسي.. فوق عيني اليمنى.. وكردّ فعل، ترجّع رأسي إلى الخلف وندّت مني صرخة.. قبل لحظات حدثت نفسي بأن يجب علي أن لا أصرخ او أبكي.. وهل صُراخي سيُغير شيئاً، على العكس سيزيد من سُعارهم وشهوتهم للدماء!
بعد الضربة الأولى، وخلال أجزاء من الثانية، فكرت بأن علي أن اتفادى الحجارة.. عليّ أن أهرب.. وتحركت وكنت ثابتةٌ في الأرض أعجز عن تحريكي قيد أنملة.. وكان قد تسلل إليّ أملٌ بالنجاة !
وتتالت حجارتهم عليّ، لن أقدر على وصف الألم الذي كنت أُقاسيه، فالكلمات تعجز عن الوصف. أكيد إنتهى كل شيء.. وها أنتم بعد سنوات تقرأون ما حدث لي.. لو أردت أن اعرف شيئا، فقط أريد أن أعرف.. هل أبي بقيّ حياً(يأكل ويشرب.. ينام.. يرى نفسه في المرآة)، وهؤلاء الذين قتلوني، هل يُقبّلون أولادهم ويعيشون بشكل عادي.. أحمد الله بأن الميت لا يعرف ما الذي يفعله الأحياء!!
خطيئتي "الزنا"، لن أُبرئ نفسي او أعترف بفعلتي.. إعتقلوني، ووضعوني في مكان مُظلم وموبوء.. عندما إعتقلوني، كانوا لا يُريدون مني شيئا.. لا اعتراف او دفاع، هُم مُتأكدون من كل شيء.. لأنهم.. لا أعلم! الله وحده يعلم! ولكن رأيت في وجوههم فرحٌ وسعادة، كأن خطيئتي هي التي اسعدتهم... استجوبوني لا لشيء سوى لإخباري بأنه قد ثبت عليّ بأنني مارستُ "الزنا" وأنا مُتزوجة! مَن هم شهود خطيئتي؟ لا أسمع الشهود ولم أراهم !ولأنني متزوجة فعقوبتي هي "الرجم" بالحجارة حتى يغفر الله لي خطيئتي ويتم تطهير المجتمع من الرجس الذي ظَهر فيه.! هكذا أخبروني.. وغداً هو يوم التنفيذ مع ساعات الفجر.
عندما أخبروني بذلك.. طبعاً انتابني خوفٌ ورعبٌ شديد.. وتذكرت زماان لمّا كنت ألعب مع أخواني وابناء الجيران قدّام البيت.. إبن الجيران عمره أربعة سنين.. ضربني بحجر صغير على رأسي.. وإلى الآن أتذكر الوجع اللي حسيت فيه آنذاك.
لمّا تقدّم لي زوجي، كنتُ صغيرةً في السن، كان نفسي إني.. ما أتزوج لأني كنت طفلة، صح عمري كان 19 بس ما كنت متخيلة إني أصبح زوجة.. بس مين كان رح يسمعني؟ ما هم يحكوا "الحُرمة" لازم تنستر ببيت زوجها.. زوجها هو سيد راسها وتاجها، لأنه سَتر عليها!
وهو كذلك صاحب فضل عليها وعلى عائلتها.. لماذا؟ لأنه تزوجها! زوجوني صغيرة حتى اتربى على ايدين زوجي.
لمّا بلشت الازمة بالبلد إختفى زوجي، وتغيّر الحي والبلد. تغيّرت بلدتنا كثيرا... لم أعد أرى الألوان.. صار كل شيء كئيباً.. سوداوياً.. والوجوة الغريبة ذات العيون المُتلصلصة تملأ الشوارع.. لها حقّ المُسائلة والعقاب وكل شيء.. يتشابهون في هيئاتهم ووجوههم القبيحة راياتهم سود والله أكبر من أفواههم تعني الموت والدم.
قُبيل الفجر وضعوني في.. شِبه حافلة، كان أبي معهم، لم أره منذ أمد، وجهة ناحل وعيناه قاسيتان.. ويتحاشى النظر إليّ.. وعندما حاولت التحدث معه أشاح بوجهة عني، ورفع يده، إنتهى الكلام!.
هل أنا خائفة ؟ يجب عليّ أن ارتعب! بعد قليل، ستُسدد عليّ الحجارة، لا بشكل عفويّ او مُزاح لاتحاشاها.. لا بل لقتلي!.
نظرت إليهم.. ما أكثرهم!؟ مُلثمون.. وتهتز أجسادهم مع اهتزاز المركبة.. ويحملون بندقياتهم على أكتافهم.. هل يُعقل بأنهم خائفون مني ؟ أنا الوحيدة.. الحُرمة.. المُقيدة.. وهم الجماعة.. الذكور.. !!
أعرفُ هذه المنطقة جيداً، لطالما أتيتُ إلى هُنا.. طبعا في الماضي، مع رفيقاتي بعد انتهاء اليوم الدراسي.. من أجل "حفلة غدا جماعي".. هُنا كانت مزارع الزيتون والخُضار والفواكة.. وآبار المياة والقنوات والبرك المائية.. لماذا أصبحت شبه صحراء ام إنني اخطئتُ المكان والتخمين ؟
لاا... لن يرجمونني.. هُنا.. ياا رب.. ليبقى هذا المكان ذكرى فرح وسعادة سُرقت او قُتلت لا يهم الآن.. ليبقى ذكرى حياةً كانت.. بسيطة.. سعيدة.. رائعة.. عفوية.. هل الموت هو المُرعب؟ منذ أن دخل هؤلاء الغرباء بلدي، أصبحت الحياة مُرعبة.. ولا أعتقد بأن الموت وهو انتهاء هذا الرعب.. هو الرعب؟! ليش اموت ؟ أعلم بأن الموت هو مصير كل حي، ولكن يختلف الموت الآن.. في حالتي هو.. هم فقط قرروا موتي.. حتى يغفر الله لي !
وصلنا.. كان "المشوار طويل".. والصُبح بدأ يصحو.. لكن الشمس لم تطلع بعد.. قد لا أحيا لأراها!
نزلت بصعوبة.. لأنني مُقيدة بإحكام.. مربوطةٌ بحبل مشدودٌ حول بطني، مُحكم التقييد ولم يسألونني هل يُؤلمني ام لا ؟ وقف أمامي أحدهم.. لحيته سوداء كثيفة وبجانبه أبي.. أبي الذي يستحق كرهي.. أبي الذي كان يجب عليه أن يحميني من هذه الوحوش التي ستتلذذ بألمي وصُراخي! لكن أبي خذلني.. مَن يلومني إن كرهته؟ أنا أكره جُبنه وخُذلانه وضعفه.. الذي غطّاه بكبرياء وقسوة!
تحدث ذو اللحية، كان صوته قاسياً، لم أعي ما يقول.. وبكل الأحوال فهو يُمثل أمام الكاميرا التي تقف خلفي، وحولنا جمهور من المُسلحين.. يترقبّون البدء بتنفيذ حدّ الله.
طَلبت من أبي أن يُسامحني، ورفض طلبي! مَن مُطالب بأن يُسامح من؟ تناقضت في تلك اللحظة كلماتي مع ما يعتمل في أعماقي.. فبسبب رجائي في أن أرى بعينيه أسف ويأس.. طلبت منه السَماح والعفو.. كُنت مسلوبة الإرادة ومشلولة الأركان.. الله يرى كل شيء ويعلم كذلك! حُفّظت كلمات لقنونني اياها وكان يجب علي قولها لتكتمل الصورة أمام الكاميرا!
كنت ارتجف رُعباً وهَلعاً.. لن أقدر على تحاشي حجارتهم المُسددة بإحكام.. سأكتفي بأن اتلقاها.. سأتألم كثيرا هكذا حدّثت نفسي.. كانت حفرتي جاهزة والحجارة جاهزة أيضا.
وضعوني في الحُفرة. وتجمّعوا أمامي.. نظرت إلى أبي.. كان يقف معهم.. ضدّي.
سألتهُ: ليش ما توقف معي يا أبي؟ كان صوتي واهناً وأنا في الحفرة..أنتظر.
بدأوا.. اللهُ أكبر، وحجرٌ ارتطمت برأسي.. فوق عيني اليمنى.. وكردّ فعل، ترجّع رأسي إلى الخلف وندّت مني صرخة.. قبل لحظات حدثت نفسي بأن يجب علي أن لا أصرخ او أبكي.. وهل صُراخي سيُغير شيئاً، على العكس سيزيد من سُعارهم وشهوتهم للدماء!
بعد الضربة الأولى، وخلال أجزاء من الثانية، فكرت بأن علي أن اتفادى الحجارة.. عليّ أن أهرب.. وتحركت وكنت ثابتةٌ في الأرض أعجز عن تحريكي قيد أنملة.. وكان قد تسلل إليّ أملٌ بالنجاة !
وتتالت حجارتهم عليّ، لن أقدر على وصف الألم الذي كنت أُقاسيه، فالكلمات تعجز عن الوصف. أكيد إنتهى كل شيء.. وها أنتم بعد سنوات تقرأون ما حدث لي.. لو أردت أن اعرف شيئا، فقط أريد أن أعرف.. هل أبي بقيّ حياً(يأكل ويشرب.. ينام.. يرى نفسه في المرآة)، وهؤلاء الذين قتلوني، هل يُقبّلون أولادهم ويعيشون بشكل عادي.. أحمد الله بأن الميت لا يعرف ما الذي يفعله الأحياء!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق