مَتى نعترف ونُصدّق بإننا عابرون في هذه الحياة ؟
والعابر عليه أن يبقى مُتمسكا برغبة الوصول، والّا يُطيل الارتياح والتأمل حتى لا يألف المكان كثيرا، وبالتالي يتسلل الخوف إليه..
****
هل العبودية هي الحياة ؟ وطلب الحرية هو الكُفر ؟
والخوف؛ هذا الشيطان الذي استوطننا وعشعش فينا.. وجعلنا نرضى كثيرا ونسخط قليلا، نسخط بمقدار سلامتنا ونرضى لنحيا كالعبيد.. وما بين العبودية والحرية نعيشُ بلا وطن ونُقدّس الأموات والاسماء.. نخافُ الحرف ونكسر القلم ونبحث لاهثين عن لقمة عيش، يمنّون علينا إن وجدناها ويطالبوننا بشكرهم وتعظيمهم.. على ماذا ؟ لا أحد يعلم !!
الشيطان هو خوفنا الأزلي من.. كل شيء تقريبا؛ من الله وكلام الناس والجار الفضولي والقريب المُترصد والغريب الذي التقينا به ذات مره وخشينا نظراته..
ولكن ما هو الشيء الذي يبدو صحيحاً في هذا السيل العارم من الخطأ ؟
في الحقيقة الصح والخطأ لا يبدوان سوى كرأيان شخصيان يخضعان لثقافة الشخص وتربيته وتأثير العقل الجمعي عليه.. لذلك يبدو بأن الشك هو الصح !
لا أدري ؟
ولكن كيف لي أن أحيا وقد بدى لي بأنني أعيش بين جُبناء يخافون من الظلّ وصوت قرع الأبواب ونفاذ الهواء من شقوق النوافذ ؟
هل أستطيع أن لا أكون جبانا واستمرُ بالحياة ؟ وهل في هذا العالم مكان يسكنه أُناس تجاوزوا جُبنهم وخوفهم ؟؟؟
***
عندما تبحث عن نفسك في المرآة، ولا تعثر عليك ستُدرك كم كان فقدك للأشياء سهلا مُقابل فَقدك لنفسك !
عندما تتذكر.. وتتذكر، وتتحول لمُجرد ذاكرة تحوي الكثير من الماضي، حينها تُدرك بأنك ما عدت حاضرا.. لستَ مُستعدا للحياة، بقدر استعدادك لنبشك مُجددا.. أنت مُحاصر تماما ولا تملك سوى الاستسلام للقيد الذي وضعته بمعصميك واحكمت ربطه جيدا..
تموت اللحظات وتجد مكانها في برزخك، تبقى هُناك وأنت هُنا.. لا ترى سواها ولا تستطيع مد يدك إليها لأنك لم تمت بعد..!
احدنا يموت كثيرا.. قد يموت كل يوم أكثر من مره، لكن موته ليسَ ذا معنى للآخرين، الآخرين الذين سيعنيهم كثيرا موته فقط عندما يتوقف قلبه عن النبض..!
*****
هي أجزاءٌ منك، أو صارت كذلك؛ لا يُهمّ.. المهم هو أنك مهما حاولت استئصالها.. بترها.. التنكر لها.. نسيان وجودها.. ستبقى محاولاتك تلك، أشبه بمن يُحاول قطع يده أو أنفه، ستبقى منك وقد تتحول كلّك هي.. كرائحة عطر.. أو صورةٍ ما زلت تحتفظ بها.. أو كأغنيةٍ لا تدري لماذا تتحاشى سماعها.. أو مُحادثةٍ تحفظ كلّ تفاصيلها كتوقيت الرسائل والكلمات والمشاعر التي راودتك حينها..
*****
يا... كُلّي البعيد.. كيف يستطيع الجسد أن يبقى هكذا؟ محضُ جسد.. يتحرك.. يسكن.. يمرض.. يتعافى.. بالمُقابل بلا روح !!
وكيف تُغادر الروح بلا موت ؟؟
ام أن الموت لهُ أشكالٌ عديدة، منها الذي جرى لي ؟؟!
بيننا مسافات.. جُدران.. بحار وصحارى شاسعةٍ، وأنا هُنا بقربي منكِ.. وأنت ما زلتِ هُناك، ولعلّكِ ستبقين وابقى محضٌ جسدٍ بلا روح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق