الصداقة هي العلاقة "الأقوى" التي تستمر عادةً بلا إنهيارات ومشاكل مُعقدة لا تنتهي إلا بإستزاف طاقة/مشاعر الشريكين، ويبدو أن التناقض صار واضحا ما بين علاقات الصداقة وعلاقات الارتباط العاطفي كالزواج، فالصداقة تعني صدق المشاعر والانفعالات وتقبّل الإختلاف وعدم الشعور بالحاجة لإرضاء الآخر على حساب الشخصية والطبع، فكيف يمكن المزج ما بين الصداقة والحب لتصبح العلاقة العاطفية متينة؟ ام أن للعلاقة العاطفية مبدأ لا يتغير وهو إلغاء الذات والتضحية والمُداراة، لتبقى تلك العلاقة مُستمرة ؟!
هل "الصداقة" في الحب ضرورية ؟
في استبيان تم على عدد من المتزوجين وتم طرح السؤال عليهم، فكانت اجاباتهم كما يلي:
"أنا أفضل البوح لاصدقائي، رغم حبيّ لزوجتي وقربها مني.. لكنني اتحاشى توجيه أي نقد أو وجهة نظر قد تكون سلبية لها حتى لا تحزن وتشعر بأنني لم أعد قادرا على حبها".
"اذهب لصديقتي وأتحدث إليها عن مشاكلي، لأنني أعتقد بأن زوجي لن يهتم بحديثي، رغم أننا أنا وهو نشترك في واجبات كثيرة عائلية".
"اتواجد عادةً مع أصدقائي، لأنني اُمارس الرياضة وأعشق المغامرات، وزوجتي لا تُفضل سوى التسوق ومُتابعة المُسلسلات".
"بعد الزواج فقدنا التواصل الحقيقي، كنا صديقين قبل الزواج.. ولكن بدأنا بالتنازل عن اهتماماتنا لنحافظ على إستمرار الزواج..".
من تلك الأقوال نستطيع استنتاج بعض الأمور، فالحديث عن المشاكل الطارئة وعدم تقديم تنازلات شخصية وتضحيات جسيمة قد تؤدي في النهاية لفشل العلاقة الزوجية، وبأن الأصدقاء يتحولون لمصادر راحة ومُستمعين جيدين للشكوى والبوح، وكأن الأمر يُشبه الهروب من البيت والشريك حتى ولو كانت العلاقة مبنية على الحب كعنصر أساسي! وكأن الصدق والتعبير العفوي المُريح لا يجد له مكان بين الاحبة ؟!
في دراسة بريطانية تناولت موضوع العلاقة بين الزواج والسعادة، تبين لدى الباحثين رابطا رئيسيا ما بين الزواج والرضا عن الحياة والذات عند الأزواج الذين جعلوا حياتهم الزوجية مبنية على الصداقة، ومن نتائج الدراسة أيضا: إن الحياة الزوجية الصادقة التي لا تحتاج تصنع وانتقاء للكلمات وإخفاء للمشاعر-أيّاً كانت- وكذلك الشعور بالراحة والتسلية بدلا من الواجب والرسميات وقبول المشاكل والعمل على معالجتها معا، تُساعد تلك الحياة على تحسّن حياة الزوجين على الصعيد الشخصي والعملي، ويجعلهم أكثر رضا وقبول لذواتهم وأنفسهم.
وجود الصداقة في العلاقات العاطفية، يجعلها أقوى وأمتن، لأن الحياة ليست دائماً "رايقةٌ" وسعيدة وجميلة.. فتكون الصداقة هي "الحبل" المتين الذي يُثبت تلك العلاقة ويحميها من السقوط..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق