نحنُ أمة الضاد، "ض" الحرف الذي تميّزت به لغتنا العربية عن سائر لغات العالم، ولعلنا تميّزنا أكثر مما يجب.. !!
نحنُ "ضاد".. لا، عفوا نحن "الأضداد"، اغفروا لي هذا التعميم الذي قد لا يروق لمُعظمكم، لكنني أجدهُ خير وصف لأمتنا الـ.... لا أدري ما أقول !!
نحن شعوبٌ شربت حتى ثملت من.. الكثير، كالخيبات والخُذلان، كالخيانات والانكسارات والنكسات والنكبات..!!
والقبيح في الأمر أننا ما زلنا نتكرر، ونُعيد مدّ يدنا في جحر الأفعى التي تلدغنا مرةً تلو الأخرى، ما زلنا نبكي الأندلس.. حتى بكينا القدس وبغداد، وبيروت وغزة، وطرابلس ودمشق والقاهرة وصنعاء، ما الذي بَقيّ لنا؟؟؟
بقيّ لنا أصنامٌ وقطعُ حجارةٍ وبئر ماء ماتت فيها كلابٌ كثيرة..!!
لكننا لم نتغيّر، نحن صامدون، ما زلنا نخاف الحرية.. ونخشى الصوت العالي.. ما زلنا نخاف المشي في منتصف الرصيف وتعودت مفاصلنا على "ضبضبة" سيقاننا حتى لا تتجاوز طول اللحاف.. ما زلنا نُنادي بصوتٍ قد بُحَّ، نُنادي بيبرس وابن الخطاب والايوبي والفاتح، ما زلنا نُقدّس الكلمات ورجال الدين وقبور الأموات وصوّر الراحلين، ما زلنا نخضع لعادات الأولين، بل ونعضُّ عليها بالنواجذ.. وما زلنا نجوعُ ونظمأ، ونُصلي في قصر الله حتى نطلبه الستر والمعونة والجنة ونعوذ به من النار..
لم نتغير كثيرا، بل في كل عام نتقدم خطوات للـ....لا أدري !!
المُهم نتقدم، فقد ركبنا الأمواج لا غُزاةً وفاتحين، بل هاربين من أوطاننا.. من بطشنا وطُغياننا، وكُفرنا بالحياة وايماننا العميق بالموت..!!
نغضب كلّ حين، ولا يتحول غضبنا لشيء سوى كرماد "الكرتون" عندما يحترق وتذروهُ الرياح.. غضبنا في البداية لأرض فلسطين المسلوبة، وغضبنا لبيروت وبغداد وغزة، وحلب ودمشق وصنعاء.. وغضبنا حتى على أنفسنا، وظلَّ غضبنا كامنا فينا، وانطفئ اخيرا، تُثيرنا المشاهد بشكل مؤقت.. موقوف؛ كسجينٍ وراء قضبان لا يملك سوى الرؤية والشعور.
حتى صرنا خائفين جداً من كل شيء، ولا شيء يُغرينا لتغيير حالنا سوى الزمن الذي يُغيرنا رغما عنّا..!!
الزمن الذي يمشي بكل شيء، إلا عند جُغرافية أرضنا يعود للوراء ويُعيدنا كذلك.. يُعيدنا للخسارات التي لم نعترف بها، وللنكبات التي غضضنا أبصارنا عنها، يُعيدنا لليلٍ لا ينتهي وصباحٌ يبدو كخيالٍ لحالم..!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق