الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

مُجتمع مُؤدب




عيب.. حرام.. لا يجوز.. الخ
لا أُبالغ إذ أقول بأن هذه العبارات تبدو للجميع مألوفةً جداً، نسمعها منذُ وعينا الأول حتى نلفظ أنفاسنا الأخيرة في هذه الحياة، يتم حشو ادمغتنا بأننا تحت رقابة الناس قبل الله، بأننا مُراقبون جيدا وزلاتنا محسوبةً علينا، لا بل على كل المُحيطين بنا..

نُلقن مِراراً وتكراراً، بأن علينا (دائماً) أن نكون عند حُسن ظن الجميع، والويل كلّ الويل لمن يُخطئ.. يزل.. يفعل شيءُ ما لا يُرضي الناس.. نتحول بشكل إجباري لمُجرد كائنات تجتهد بأن تكون "مثالية.. طاهرة.." ونتحول كذلك لمُقيّمين وهيئة مُحلفيّن وقُضاة نترصد أولئك المُخطئون.. المُذنبون.. الساقطون.. الذين تجرئوا على الأدب العام وتجاوزوا "النمط الملائكي" الذي نعيشه، في مُجتمعاتنا المُؤدبة.. جداً.

مُجتمعات لا يتساوى فيها الناس إلّا في المساجد، حيثُ يقف الجميع صفاً واحدا بلا تمييز.. 
مُجتمعات "مُحافظة" تتغنى بالفضيلة، وتتنكر لكل حَدث يفضح حالة الترديّ والتراجع..
مُجتمعات ينامُ فيها الفقير جائعاً، ما دام لم "يهرول" وراء المُحسنين، ويقفُ على أبواب "الجمعيات الخيرية" يستعطي بضعة أشياء تجعله يشعر بإنسانيته المفقودة.. 
مُجتمعات تعضُّ بالنواجذ على مروروثات الأقدمين، وتتخلى رغما عنها عن "إكرام الضيف.. واحترام الجار.. وإغاثة الدخيل.. والعفو والتسامح.. وعار التخاذل والانهزام والخوف من الحق.." 
مُجتمعات صنعت آلهتها، ورضت بعبوديتها لكل "الاسياد"، الاسياد الذين يُلقنون الفضائل والأخلاق وحب الأوطان والتضحيةُ والفداء.. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق