الأربعاء، 15 أغسطس 2018

ما هي "التيليفوبيا" وإنقراض الـ "الو" !



صارَ من الطبيعيّ أن يمر اليوم دون سماع رنين الهاتف أو الردّ على مُكالمات من أشخاص آخرين، وقد صاحب هذا "الانقراض" إنعدام الشعور بالحياة من حَولنا، وتمت الاستعاضة عن تلك الاصوات بأحرف وصور و"ايموجي"..

في مقال لـ "زوي ويليامز" في صحيفة الغارديان البريطانية، تُؤكد زوي بأن مُعظم الناس توقفوا عن استعمال الهواتف للمُكالمات وصار استعمالهم لها مُخصص للانترنت، ففي احصائيات رسمية فقد انخفضت أعداد المكالمات في العام 2017 بنسبة 40%، وفي دراسة تمت على مجموعة بريطانيين أكد 92% منهم بأن استعمالهم الأساسي للهواتف هو الوصول إلى الإنترنت..

فيما يبدو بأن "الكلام من خلال الهاتف"، بدأ يختفي بالفعل.. فما الأسباب التي تجعل الناس لا يوّدون إجراء الاتصالات الهاتفية مع الآخرين ؟

في مقال على موقع أتلانتيك للكاتب أليكسيس مارديغال، فقد أوضح الكاتب بأن في الماضي كان الردّ على الهاتف -لحظة الرنين- أمرا حتميا ولابد منه، فبباسطة كان الشخص يُمسك السماعة ويرفعها لأُذنه ويجيب بـ "الوو" بلا تفكير مُسبق.. فلم يكن احدنا يعرف مَن المُتصل، وكذلك فإن عدم الرد على الهاتف بالوقت المناسب قد يعني فوات الأوان لأن الهواتف آنذاك لم تكن تسمح بإعادة الإتصال بالرقم المُتصل(الذي فاتنا الرد عليه)، وبالتالي لابد من انتظار مُعاودة إتصاله مع التفكير بـ "مين اللي إتصل؟؟ وشو وده ؟؟ طيب بلكي عنده خبر مهم أو بشارة خير ؟؟ يمكن واحد يتخوث أو..."، الأمر أشبه بمن يطرق باب البيت، وصاحب البيت يقف وراء الباب !! وبالتالي فإن عدم الرد على الهاتف كان يُعتبر "قلّة أدب" في حال عدم وجود سبب لعدم الرد بطبيعة الحال..

كانت الإتصالات الهاتفية كالروتين والشيء المهم لأفراد العائلة جميعا، فيتسابق الأطفال قبل الكبار لرفع السماعة وقول: الوو.. و"الوو" هي المعيار، فهي الإجابة العفوية.. البسيطة.. ولكن ما الذي تغيّر ؟؟
قد يكون السبب الأبرز هو وجود عدد كبير من خيارات التواصل(الواتس آب، الماسنجر، الرسائل النصية..)، التي تُغني مُعظم الناس عن إجراء الاتصالات، وأيضا بأننا أصبحنا لا نتحمل ازعاج الآخرين وثرثراتهم إن صح التعبير، فالمُكالمات المُهمة لا تتجاوز نسبتها ال 5 %، ومن الإسباب أيضا وجود "طريقة خاصة" للرد على الهاتف فيما مضى، فمثلا في "طبقات المجتمع العُليا" كان الرد على الهاتف من اختصاص الخادم أو السكرتير وكانت الدعوة للعشاء مثلا عن طريق الهاتف "أمر مُستهجن"، ولكن بطبيعة الحال ومع مرور الوقت صارت القواعد أكثر بساطه اوريحيه.. وكذلك فإن الهاتف كان يُعتبر جهاز عمليّ داخل المنزل إلى أن صار سببا من أسباب التفاعل والتواصل الاجتماعي..

هل تُعاني من "فوبيا الإتصالات" ؟

هل صوت النغمة مُرعب ويجعل نبضات القلب تتسارع؟ وهل مُحاولة إجراء مُكالمة هاتفية تُثير الارتباك والقَلق ؟؟
الفوبيا أو الخوف المَرضي، قد يُصيب الشخص من رؤية الحبيب الأول في مكان ما، أو صعود لمكان مرتفع، أو رؤية حشرة كالصرصور أو الفأر مثلا، أو الخوف من الظهور بمظهر سيء للناس.. وكذلك الخوف من إجراء مكالمة أو الرد على الهاتف !!
تُسمى بـ "telephobia"، وهي جزء من اضطراب القلق الإجتماعي، وبحسب الأخصائيين النفسيين فإن المصاب قد لا يجد صعوبة في إلقاء المُحاضرات أمام ملأ كبير من الناس ولكن يُصيبه الارتباك وينضح جسده بالعرق لمُجرد تبادر فكرة إجراء مكالمة هاتفية إلى ذهنه.. والخوف في "التيليفوبيا" لا يكون من الهاتف كجهاز بل من موضوع التفاعل والتواصل مع الآخر، والخوف من عدم القبول أو الظهور بمظهر غير لائق من خلال الصوت..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق