الأحد، 19 أغسطس 2018

الانتحار




مُعظم الناس عندما يتعرضون للصِعاب والمِحن ولا يجدون مَخرجاً من ازماتهم ولا يرون في الأفق الّا الظلام، غالبا ما يُفكرون بوضع حدّ لحياتهم...

"الانتحار" كلمة ما زالت (في مُجتمعاتنا المُحافظة) تُحاط بهالةٍ من الخجل والتغاضي والانكار، ولكن مُعدلات الانتحار (في العالم أجمع وليس في بلداننا العربية فقط) تُخبرنا بأننا أمام ظاهرة خطيرة لا يُمكن السكوت عنها.. أو إنكارها وربطها بأمور أخلاقية/دينية.
ففي الأردن وخلال عاميّ 2016 و2017 أقدم على الانتحار حوالي 230 شخص تتراوح أعمار أغلبهم ما بين 18 و 28، وفي هذا العام (2018) وصل عدد المُنتحرين لـ 17 شخص حتى شهر 3 الماضي، بحسب تقارير مديرية الأمن العام.
والسبب الرئيسي وراء عمليات الانتحار (في الأردن) هي الأمراض والاضطرابات النفسية/العقلية.. تلك الأمراض التي ما زالت لا تُعامل بجديّة، بل تُعامل كخطيئة/فضيحة يجب التستر عليها من قبل الأهل(المجتمع)، وكذلك عدم توفر اهتمام حكومي بالصحة النفسية والعقلية في المستشفيات، وفي التعليم المدرسي/الجامعي، والإعلام الالكتروني والعادي .. والانكار لا يعني سوى مزيدا من التدهور، وإغماض العينين عن رؤية شيء ما لا يعني عدم وجوده إطلاقا ً..

ما هو الانتحار ؟
بحسب عالم الإجتماع "إميل دركايم" فإن الانتحار يعني: كل أشكال الموت الذي ينتج مباشرة أو غير مباشرة عن تصرف سلبي/مُتعمد، تقوم بهِ الضحية وهي تعرف نتيجة فعلها سلفا.
والانتحار هو فعل تم التخطيط له، وقد تهيأت الظروف لإتمام القيام به، وبطبيعة الحال هو ليس نتيجة لعدم الإيمان بالله أو مسّ الشياطين وما إلى ذلك.. فهل للتوعية بالانتحار وكيفية التعامل مع الحياة بطريقةٍ عقلانية وتقديم العلاج السلوكي والدوائي بسهولة للمرضى (غير الجسديين) وتوضيح أسباب الإقدام على الانتحار كتردي الأحوال الاقتصادية وانتشار البطالة والمُخدرات لوضع حلول قد تُقلل من فرص الانتحار ؟؟

العاشر من أيلول/سبتمبر هو اليوم العالمي لمنع الانتحار، وقد قامت منظمة الصحة العالمية وبالتزامن مع يوم منع الانتحار في عام 2016م، قامت المنظمة بنشر تقرير يُفيد بأن نسب الانتحار عالميا وصلت لـ 800 الف شخص (في أقل تقدير) ينتحرون كل عام، وهذا يعني بأن هُناك شخص يُقدم على الانتحار كل 45 ثانية تقريبا !!
وهذا يعني ببساطة بأن "الانتحار" صار مشكلة صحية عامة، تستدعي بذل جهود أكثر جدية في مجاليّ التوعية والعلاج.. وعدم التغاضي عن اسباب الانتحار، والاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية لجميع المواطنين دون تمييز وحرمان، والاعتراف بالمشاكل الاجتماعية والنفسية، كالاغتصاب والابتزاز والعنف الجسدي والنفسي، والبطالة والفساد والظلم الاجتماعي، والتحرش الجنسي..

نفسية المُنتحر..
أفكار تزدحم في الرأس، تُحاصره تماما، ويواجهها وحده، ولا يتجرأ على الحديث عنها، لأنه يخجل من أنه قد يبدو "ضعيفا" للآخرين.. قد لا يفهمونه.. قد يسخرون منه.. والافكار الانتحارية ليست بالضرورة فكرة العنف الذاتي.. قد يُمارس الشخص الانتحار باساليب وطُرق شتّى؛ كتعاطي الكحوليات بافراط والمخدرات أو يقوم بجريمةٍ ما بحق الآخرين..

لمواجهة تحديات وصعوبات الحياة اليومية لابد من وجود "إتزان نفسي" لدى الإنسان، يسمح له ذلك الاتزان بالصمود النفسي وعدم الشعور باليأس، ولكن كيف للإنسان أن يُحافظ على ذلك الاتزان ؟؟
-لا تكبت مشاعرك، شو ما كانت سلبية، وتحدث بما تريد وما ترى لصديق يسمعك جيدا أو لأحد أفراد العائلة، أو لاخصائي نفسي..
-ذكّر نفسك دائما بالأمور الرائعة/الجميلة التي حدثت أو ما زالت تحدث في حياتك..
-مارس هواياتك/مهاراتك، وكون اجتماعي قد ما تقدر، أبتعد قدر الإمكان عن جوّ الغضب والتشاجر..
-تريّح.. تريّح.. تريّح.. من كل شيء يستهلك طاقتك، "خوذ قسطا من الراحة" دائما..
-متى آخر مره تنفست بها ؟! جرّب الآن خذ نفس عميق واسمع لصوت الشهيق، ومن ثم أخرج النفس..
-أحمِ نفسك من الخطر.. ايّ خطر.
-لا تخجل من ضعفك.. فأنت إنسان تذكر ذلك...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق