الاثنين، 27 أغسطس 2018

وجود 4

لا تتبعهم إن أرادوا تركك، وأنت في أمسّ الحاجة إليهم.. متى لم تكن مُحتاجاً لهم ؟ متى وجدت نفسك مُرتاحاً.. سعيداً لوحدك ؟
متى كان الظلامُ.. صمت المكان.. يملأك راحةً وطمأنينة؟
متى أصبحت الجُدران الصمّاء رفيقتك ؟ 
دعني أُحدثك عن مكانٍ ما.. لا تهتم بالمُسميات، دعها تلك الأسماء، فهي مُجرد زخارف وبهرجة !
المكان هو غُرفةٌ لا تحوي كثيرا من الأثاث، هي مُجرد طاولة خشبيّة قد نخرها السوس، وكُرسيٌ قديم مُهترئ.. مع ذلك فقد حملت الطاولة اثقالي كلّ ليلة والكُرسي لم يتهالك بي وأنا أجلس عليه ساعاتٌ طويلة..!!
آخر مرة أخبرني أحدهم بأنني "عاقلٌ كمجنون"، كانت قبل يومين، قالها لي وأنا أصمت في حضوره، أصمت بشكل -أعتقد- بأنه مُستفزٌ لكل شخص لو كان مكان ذلك "الاحدهم". لم أكن كئيباً ولا حتى "قرفان..زهقان" كنت فقط انتظرُ بفارغ الصبر تركي لوحدي..!!
اسئم.. أغضب.. وأحيانا أصبح عدوانياً بشكل حيواني، عندما أجد نفسي مُحاطاً بالناس.. لا بل مُحاصرٌ بهم، هكذا أشعر، وهذا الشعور يجعلني اُفكر دائما بالمُغادرة.. أقصد اُفكر في مُشاجرة الجميع وطردهم و... كيف اطردهم وأنا الذي جاء إليهم ؟؟ ما سر الحاجة "الماسّة" للوجود مع الآخرين ؟؟ 
أنا مجنون.. غريب.. مُختل.. مُمكن !!
ولكن لا اكرهني وهذا يكفيني.. 
أُحبني جداً.. وأعشق شكلي في مرآتي، واتغزل بي أحيانا عندما اكون ضجراً.. وعندما أشعر بالتعب أُعاتبني بلا توبيخ، وإذا ما استولى عليّ الجوع ألتهمُ ما لذّ لي ولا أمنع نفسي من ما أريد.  
ربما أبدو نرجسياً.. مغروراً.. رُبما !!
ولكن يكفيني عدم احتياجي لغيري.. يكفيني اكتفائي بي.. ولكن.. آآهٍ من "اللاكن"، مَن يقدر على الحياة وحيداً ؟ دون أن يُجن أو يتألم كثيرا.. أو لا يخافُ من المجهول والخريف التالي و... هل تتذكر نصاً قرأته واخذك للبعيد ؟ 
وما هي أكلتك المُفضلة ؟ المنسف.. الكبسة.. المجدرة.. أو المُفركة ؟
لا تهتم لخياراتي تلك.. هي اكلاتي المُفضلة، بإستثناء الكبسة والمجدرة.. ذكرتها لعلّك تختار "المنسف" وافرح كثيرا، لأننا نُفضل ذات الأكلة. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق